في المناجاة لا تتعلق إلا بالله…تخبره بكل شيء… بكل ما يصيبك…ما يحزنك…ما يفرحك…تشكو ألمَك له…تخبره بفَرَحِك…تطلعه على كل ما في نفسك…بمجرد أن تجالس مولاك…يذهب عنك كل نكد…فالمجالسة بين يدي الله تُذْهِب عنك كل عناء…وتأتيك بكل هناء…تخبره عن صنيعه معك… عن توفيقه وإنعامه وفضائله عليك…فهي مناجاة شكر تستجلب بها المزيد…تخبره عن صنيع عدوك…شيطانك… ونفسك…وعن احتواشهما لك…وما يصنعانه من تسويل وتزيين ووسوسة لتخسر الله…فهي مناجاة استنصار على عدوك…وتوبة وإنابة…تشكو له ظلم القريب والبعيد…حالَ الأمة…حال البلاد والعباد وهو أعلم بحالهم…
فهي مناجاة تظلمٍ ورجاءٍ منك أن يرفع هو ذلك عن الأمة… ومناجاة تفويض وتوكيل مطلق منك له سبحانه…تأمل ما في المناجاة من إصلاح السريرة ففيها : التعلق والحب والطمع والخوف والرجاء والشوق والأنس والإنابة والانكسار والتضرع والمهابة…والشكر…والثقة والأمان…يا الله…ما أأمنَ جنابك لمن فرَّ وأجابك…لن يضرك بعد اليوم من خدش مشاعرك…من خذَلك…من أنكر فضلك…من تهاون في حقك…من… ومن… ومن…تالله إن الذي ينغمس في لذة المناجاة …نسي كل بأس، وكل شقاء، وكل ألم…فما ذاق المُناجي بأسًا قط…ألم يَقُل الباري تعالى…{وتناجوا بالبر والتقوى}…وأي بر أبهى وأزجى وأجَلُّ من مناجاة الله سبحانه…إن الكلام فيها لا ينتهي…إن الكلام في المناجاة…كلامٌ في كَوْنٍ من الأكوان …لا تدرك نهايته…بل تسبح في سعته وتخرج من ضيق الدنيا ونكدها…إنه حبل النجاة…واشدد يديك بحبل الله معتصمًا… فإنه الركن إن خانتك أركان…
التعليقات مغلقة.