الانتفاضة / الاستاذ: ادريس المغلشي
شكلت محطة 7 نونبر من هذه السنة لحظة فارقة عززت من مقومات الترافع القوي الذي شكل مستوى عالي من الندية واسلوبا مختلفا في مواجهة وزارة عنيدة لاتلتقط الاشارات من اجل ايقاف النزيف وهي تدبر شأنا مجتمعيا دون التمكن بدراية وخبرة أهل الدار. كما استطاعت قلب الطاولة على الصورة النمطية التي يتواصل بها رئيس الحكومة مع معارضيه مرة بالتخوين واخرى بسوء الفهم. والملاحظ أن بعض النقابات التي لم تستطع بعد مجاراة السرعة والقوة وطول النفس الذي تدار به أوراق المعركة مع تحفظ بسيط على مصطلحات قد لاتناسب المرحلة. جاءت لتعزز من مسار النضال والنجاح الذي حققته وقفة 5 اكتوبر تزامنا مع عيد الاستاذ ولتتناغم معها كما وكيفا وتقدم دروسا في التنظيم والانضباط والتأثير كذلك. مع الأخذبعين الاعتبار بمقولة من الواجب استحضارها كلما رفعت السقف عاليا كلما عززت مقومات الثقة والصمود وازداد ايمانك بقضيتك العادلة لكن حذاري من غياب ضمانات الانجاز والجنوح نحو المغامرة الغير مقدرة للجهود من أجل ترشيدها حتى لاتحترق اوراقها في الطريق.
لقد استطاعت انتفاضة قطاع التعليم معززة باحتجاجات الآباء والامهات من حشر الحكومة ووزارة التربية الوطنية في الزاوية وارجاع النقاش إلى زمنه الطبيعي والأصلي الى محضر 14 يناير 2023 والذي من المفروض على الوزارة الاعتراف به لتعبر من خلاله عن حسن نية وتأخذ بعين الاعتبار مراسلة التنسيق الرباعي التي ضمت مقترحات كانت تنتظر ادماجها وليس الانقلاب عليها وهنا اسائل من يطالبون بايقاف النضال دون ضمانات ألم تستفيدوا من الدرس ؟ وهل لازال عنصر الثقةقائما مع جهة لم تلتزم بكل المواثيق والعهود.
ان انتفاضة 5 اكتوبر ومعها 7 نونبرلم تأت عبثا بل لها كلفة مزدوجة وباهضة من خلال الهدر الزمني الذي شل حركة المنظومة واقتطاعات همت اجور المضربين الذين ابانوا عن جاهزية ونضالية لانتزاع حقوقهم المشروعة. من لوح بمطلب الرجوع لمقرات العمل كتعبير عن حسن نية قرأ الوضعية قراءة خاطئة ولم يقدم مقترحا عمليا يعضد مجهود ونضال الساحة.
لقد ظهر جليا ان التوظيف السياسي للفعل النقابي اكبر كارثة اصابت النضال في مقتل، بل استطاعت ان تورط النقابات في وضعية مشكلة تطرح سؤال مبدأ استقلالية القرار والوفاء لنضالات الشغيلة والثباث على الموقف وكيف ان هذه الأجهزة لا تستفيد من الاحداث السابقة وغير قادرة على تأمين مطالبها ومشاريع قرارات لتوصلها الى مساحة التنفيذ. كيف تثق في ادارة اخلت بواجبها من خلال اتفاق 14 يناير ولم تستطع انتزاع اتفاقا مكتوبا مع رئيس الحكومة للتراجع عن الاقتطاع كعربون عن حسن نية كما جاء في خطاب البعض؟.
إن تفاوت الخطاب بين القواعد والنقابات من خلال التدقيق في المطالب يوسع الشرخ بينهما دون ان يعطي لهذه الأخيرة سلطة الضبط بعدما اصبحت التنسيقيات خارج السيطرة ورافضة لكل التوجيهات، لكن الصورة الآن تفيد أننا لم نستفد من الانجاز بخطاب عقلاني عوض الاتكاء على مفردات أخلاقية من قبيل حسن النية والتي لاتصمد أمام اختلال وقوة الصراع.
كما ان الوزارة وبمعيتها الحكومة وناطقها الرسمي الذي اثارت تدخلاته الاخيرة غير الموفقة استفزازات الشغيلة ولم يكن جزءا من الحل كعادته كان المفروض تقديم ضمانات من قبيل محضر موقع ينطلق من محطة اتفاق المبادئ المؤطرة وكخطوة للتعبير عن حسن نية من خلال التخلي عن اجراءات الاقتطاعات بطبيعة الحال مع التزام الطرف الآخر بتعويض ايام الاضراب وخلق جو من الثقة والتعبئة. لكن للأسف الكل يبحث عن مخرج بمفرده وليس حلا جماعيا وهو عامل نسف كل الجهود.
التعليقات مغلقة.