سجل المغاربة قاطبة من الكويرة الى طنجة ومن الخليج الى المحيط تاريخا جديدا كتب بماء الذهب، ومزج بالخير والعطاء والنوال والحب والغيرة ومد يد المساعدة لاخوانهم في محنهم بمغرب يوجد بين الجبال وتحاصره الثلوج ومقصي من كل شروط التنمية المستدامة، وبعيد كل البعد عن الرباط وكازا وما جاورهما.
لقد كان ابتلاء الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب عامة ومنطقة الحوز خاصة فرصة لاكتشاف مزيد من العطاء المترسخ في قلوب المغاربة الذين يتضامنون في السراء كما يتضامنون في الضراء في صور بهية جميلة وقوية ترسل اشارات الى العالم اجمع مفادها ان المغرب لايزال بخير مادام فيه اهل الخير الى ان تقوم الساعة.
لقد كان زلزال الحوز فرصة لاهل الخير والعطاء لكي يبذلوا قصارى جهودهم من اجل توفير لقمة عيش وعلبة دواء و(بطانية) خيمة من اجل نقلها على وجه السرعة الى المتضررين من هذا الزلزال العنيف الذي خلف 3000 قتيل و5550 جريح اغلب اصاباتهم خطيرة، نسال الله تعالى العفو والعافية والمعافة الدائمة للجميع في الدين و الدنيا والاخرة.
لقد استسهل المغاربة الاحرار الصعاب، وتجشموا عناء التنقل رغم صعوبة المسالك ووعورة الطرق من اجل ان يبرهنوا للعالم باسره ان العطاء اصل اصيل في المغاربة، وان الخير في امة محمد عليه الصلاة والسلام لا ينقطع الى قيام الساعة، وان مد يد العون للغير انما هو فطرة وجبلة لا يقوى عليها الا من تربى على الخير، وكبر في الخير و قضى حياته بين الاخذ والعطاء في صور جميلة جمال بلد كان يمكن ان يكون جميلا لولا ما شابه من جروح وخدوش وندوب تسبب له فيها الاخناتوشيون الذين ارادوا ان يجعلوا من مملكة محمد السادس ملحقة تابعة لهم يعملون فيها ما يحلو لهم، ويعبثوا بها في غفلة من مغاربة العز والنصر، لكن هيهات هيهات.
لقد انخرط اغلب المغاربة الاحرار في مسلسل العطاء، وهبوا هبة واحدة من اجل ان يبرهنوا للعام باسره بان المغاربة انما هم جسد واحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وان البلاد بخير وعلى خير ما تسلم فيها الصالحون مقاليد الامور، واندحر فيها الفاسدون والمفسدون الذين يرون في الدولة الشريفة مرتعا من اجل النهب والسرقة ومراكمة الاموال الحرام وتهريبها الى البنوك العالمية بلا حياء ولا حشمة، ضاربين عرض الحائط معايير الاخلاق والتربية والسلوك القويم.
لقد عاش المغاربة ازمات كثيرة وترنحوا بين الفقر والجهل والظلم والفساد والافساد والتهميش والاقصاء في كثير من مراحل البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، لكن رغم ذلك ابانوا في زلزال الحوز خاصة على اصلهم الاصيل ومعدنهم الصقيل، وانهم يد واحدة على كل ما يمكن ان يحصل لهم من قبيل الكوارث والزلازل والبراكين وكل افات وابتلاءات الدنيا التي يريد اللله تعالى ان يقيس بها وهو العليم الخبير بكل دقائق الاشياء درجة ايماننا، وصعود مؤشر التعاون والتازر والتعاضد من عدمه، حتى يقيم علينا سبحانه وتعالى الشهادة والحجة والبيان والدليل، ليستخرج سبحانه وتعالى ما في اعماقنا من فطرة وجبلة لا تتغير الا بتصاعد وثيرة الذنوب والمعاص والاثام.
لقد كانت هبة المغاربة جميعا في زلزال الحوز هبة ربانية، ومسيرة خضراء جديدة كتبت بماء الفخر والاعتزاز، غير ان المسيرة الاولى كانت لتحرير الاراضي الجنوبية من من المحتل الاسباني في عهد محرر الصحراء الحسن الثاني رحمه الله، واما المسيرة الخضراء الثانية فكانت من اجل تحرير اخواننا في الحوز من الفقر والهشاشة والاقصاء في عهد ملك الفقراء محمد السادس نصره الله.
التعليقات مغلقة.