مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، يشرع بعض السياسيين في ترتيبات “البيع والشراء” في التزكيات، حتى يحجزوا لمن يدفع أكثر ورقة الترشح في الدوائر الانتخابية التي تعرف منافسة شديدة بين المترشحين الذين ينتمون إلى الحزب نفسه.
فالحكومة المغربية (وزارة الداخلية) فتحت الباب على مصراعيه لقياديين حزبيين انخرطوا مبكرا في مساومة مترشحين أثرياء، من أجل تجديد ترشيحهم مقابل الدفع لهم من تحت الطاولة.
فما تفسير اتفاق الحكومة (وزارة الداخلية) على الاقتراع ليوم واحد للجماعات المحلية، والمجالس الجهوية، واللوائح الجهوية الجديدة (لأول مرة يعرفها المغاربة)، والبرلمان.
هل الداخلية ترمي من وراء ذلك فتح التنافس بين المترشحين الذين لهم أرصدة بنكية ضخمة، وهو التحدي الذي يحسمه المال لشراء التزكية. بحيث تم فتح الأبواب للأحزاب الكبرى من أجل بيع التزكيات لأصحاب المال والجاه، وليس أصحاب النفوذ الذين لايمتلكون أرصدة ضخمة.
وهذا ليس بالجديد فعمليات “البيع والشراء” والمتاجرة في التزكيات منذ الثمانينات، وتأبى الممارسة نفسها، أن تزول، غير أن مهتمين بالشأن الانتخابي، يضعون علامات استفهام بخصوص الخريطة السياسية التي تبقى غير واضحة المعالم.
ويسعى نافذون وأثرياء ورجال أعمال، إلى شراء تزكية حزب بعينه، ما يجعل الظاهرة مستمرة، ولن تزول بسهولة. وتتكرر “حرب التزكيات” في بلادنا، وإن اختلفت مستوياتها من حزب إلى آخر، وهو ما يفسر بأن الأحزاب السياسية تجد نفسها أمام معادلة معقدة، فمن جهة عليها أن تفكر في كيفية إعمال مبدأ الديمقراطية داخل هياكلها الحزبية من أجل اختيار مرشحيها، ومن جهة ثانية ترغب في ضمان الفوز بالمقاعد خلال الانتخابات، ولذلك تفكر في المرشحين الذين سيجلبون لها أكبر قدر من المقاعد.
وبصراحة لا حركة في المشهد الحزبي المغربي توحي بأننا ننتظر، بعد أشهر، انتخاباتٍ تجدّد المؤسسات المنتخَبة، وتُطَوِّر الأداء السياسي في مجتمعٍ تواجهه، بجانب التحدّيات الجديدة المترتبة عن انتشار وباء كورونا وتداعياته، تحدّياتٌ بنيويةٌ في السياسة والاقتصاد والمجتمع، وكأن الجميع ينتظر تدبيراً محدّداً من جهة ما، يعتبرها الجميع وحدها القادرة على فعل ذلك، بالصورة المناسبة لمختلف مكوِّنات المشهد السياسي.، إذن لا تغيير في الأفق بخصوص تسيير الشأن العام على الصعيد الوطني ولا الجهوي ولا المحلي. وإلى أن تتضح الخريطة السياسية بالمغرب، نعزي أنفسنا فينا.
التعليقات مغلقة.