ملامح الحكومة المصرية تتشكل والهدوء يسود الشوارع

ملأ رئيس الوزراء المصري المكلف يوم الأحد 14 يوليوز الجاري مناصب رئيسية في حكومة ستقود البلاد في إطار”خارطة طريق” مدعومة من الجيش للعودة إلى الحكم المدني بعد عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي.

ويرشح حازم الببلاوي (76 عاما) وهو اقتصادي ليبرالي تم تكليفه بتشكيل الحكومة الأسبوع الماضي شخصيات من التكنوقراط والليبراليين لإدارة البلاد بموجب إعلان دستوري مؤقت لحين إجراء الانتخابات البرلمانية خلال ستة أشهر تقريبا.

واختار الببلاوي اقتصاديا ليبراليا آخر هو احمد جلال الحاصل على دكتوراة من جامعة بوسطن لشغل منصب وزير المالية. وسيقع على عاتق جلال البدء في إصلاح المؤسسات المالية للدولة وإنقاذ الاقتصاد الذي انهار بسبب الاضطرابات السياسية المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف العام.

وقبل سفير مصر السابق لدى الولايات المتحدة نبيل فهمي منصب وزير الخارجية في علامة على الأهمية التي توليها الحكومة لعلاقتها مع القوة العظمى التي تقدم للبلاد مساعدات عسكرية قيمتها 1 مليار دولار سنويا.

وأدى محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية اليمين القانونية نائبا للرئيس للعلاقات الدولية وهو المنصب الذي عرض عليه الأسبوع الماضي.

كانت مصادر حكومية قد قالت لرويترز أن الببلاوي سيعرض وزارة المالية على هاني قدري وهو الذي كان مسؤولا فيما سبق عن مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي على قرض تعثر تحت قيادة مرسي. ولم يتضح على الفور السبب في عدم تكليف قدري بالمنصب في نهاية الأمر.

وبحلول يوم الأحد 14 يوليوز 2013، يكون قد مر أسبوع دون أعمال عنف في الشوارع بعد اشتباكات بين الجيش ومؤيدين ومعارضين لمرسي أودت بحياة أكثر من90 شخصا في الأيام التي تلت الإطاحة به.

ودافع القائد العام للقوات المسلحة المصرية ووزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي يوم الأحد 14 يوليوز2013 عن قرار عزل مرسي. وقال خلال لقائه بعدد من قادة وضباط القوات المسلحة” أن الرئيس المعزول فقد الشرعية بسبب خروج الملايين في احتجاجات حاشدة على حكمه”.

وقال السيسي” انه حاول تجنب اللجوء لعمل منفرد وعرض على مرسي إجراء استفتاء على حكمه لكن الرد جاء بالرفض التام. وأكد أن الفرصة متاحة لكل الأطراف بلا استثناء للمشاركة في العملية السياسية رغم أن جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي رفضت التعامل مع من أسمتهم “إنقلابيون”.

 وأضاف السيسي “أن كل قوى الوطن لا تريد الصدام أو العنف بل تدعو إلى البعد عنهما وأن تدرك كل القوى بغير استثناء وبغير إقصاء أن الفرصة متاحة لكافة أطراف العمل السياسي ولأي تيار فكري أن يتقدم للمشاركة بكل ما يقدر عليه من اجل وطن هو ملك وحق ومستقبل الجميع”.

 

 ويحتجز مرسي بمعزل عن العالم الخارجي في مكان غير معلوم منذ أن عزله الجيش في الثالث من يوليو تموز بعد ثلاثة أيام من خروج للملايين إلى الشوارع للمطالبة برحيله.

ولم توجه له السلطات اتهاما لكنها قالت يوم السبت 12 يوليوز 2013، أنها تحقق في بلاغات ضده تتعلق بالتجسس والتحريض على العنف وتخريب الاقتصاد.

وقال النائب العام اليوم أنه أمر بالتحفظ على أموال 14 من زعماء الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي بمن في ذلك المرشد العام للجماعة محمد بديع.

ووجهت اتهامات بالتحريض على العنف بالفعل إلى الكثير من قيادات جماعة الإخوان وان كان الشرطة لم تنفذ في معظم الحالات أوامر الضبط والإحضار. وتقول جماعة الإخوان أن الاتهامات الجنائية جزء من حملة ضدها وان السلطات هي الملومة في أعمال العنف.

وقال عصام العريان القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين “أن نحو 240 من أنصار مرسي سجنوا منذ مقتل عشرات الأشخاص على أيدي قوات الجيش قبل أسبوع وانه تم تمديد فترات احتجازهم خلال جلسات مغلقة داخل السجن. وأضاف انه يتم منع المحامين من حضور الجلسات”.

وتساءل” كيف لا يوجد محام واحد لهؤلاء الأشخاص مشير إلى أن ذلك يمثل انتهاكا خطيرا لجميع مبادئ القانون”.

ويعتصم الآلاف من أنصار مرسي في ميدان قرب مسجد بشمال شرق القاهرة في حر الصيف القائظ وتعهدوا بألا يغادروا الى أن يعود الرئيس المعزول. وزاد بدء صوم شهر رمضان الأسبوع الماضي من الصعوبة التي يواجهونها.

وقالت محامية تدعى نهاد(37 عاما) أثناء جلوسها في خيمة معنساء أخريات في الاعتصام “خطفوا رئيسنا، هذا يتنافى مع القانون الدولي.، لا نعرف حتى أين هو”.وكانت كل السيدات في الخيمة يحملن نسخا من المصحف فيما عدا واحدة كانت مشغولة بجهاز أي باد.

وخرج عشرات الآلاف في مسيرات يوم الجمعة لكن مظاهراتهم انتهت سلميا وسط شعور بالارتياح في جميع أنحاء البلاد.

وقال احمد حلمي (17 عاما) وهو يبيع العصائر للصائمين :”شعرنا بمزيد من الاستقرار في الأيام القليلة الماضية وفرصة أكبر لتحسن أوضاع الاقتصاد لأنه لم يقع الكثير من أعمال العنف”.

وأضاف “من يواصلون الاحتجاج أقلية صغيرة لكنني أعتقد أن أداءنا كدولة أصبح أفضل وسيتحسن”.

كانت جماعة الإخوان قد دعت إلى تنظيم مزيد من المسيرات  اليوم الاثنين 15 يوليوز2013. كما دعا معارضو مرسي إلى خروج مزيد من المظاهرات وان كانت احتجاجاتهم تستقطب أعدادا أقل كثيرا من المشاركين نظرا بعدما حققت هدف إسقاطه.

 

 ومثلت الإطاحة بمرسي تحديا دبلوماسيا للغرب الذي شجع على الديمقراطية في مصر لكنه لم يشعر بالارتياح قط لوجود جماعة الإخوان المسلمين في الحكم.

ورغم أن واشنطن أكدت على شرعية مرسي وحاولت منع المظاهرات ضده في الأسابيع التي سبقت الإطاحة به فإنها تجنبت وصف عزله بأنه انقلاب لكنها طالبت بالإفراج عنه وإنهاء احتجازه.

ويقضي القانون الأمريكي بإيقاف المساعدات عن الدول التي تقع فيها انقلابات.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية أن نائب وزير الخارجية وليام بيرنز وصل إلى مصر يوم الأحد 14 يوليوز 2013، في زيارة تستمر حتى يوم الثلاثاء يجتمع خلالها مع أعضاء في الحكومة المؤقتة وقادة المجتمع المدني ورجال أعمال.

وأضافت الوزارة في بيان :”في كل هذه الاجتماعات سيؤكد دعم الولايات المتحدة للشعب المصري ووقف كل أشكال العنف وتنفيذ عملية انتقالية تفضي إلى حكومة مدنية لا اقصائية منتخبة بطريقة ديمقراطية”.

ولم توضح ما إذا كان بيرنز سيلتقي بقادة الجيش أو بقادة الإخوان المسلمين.

وحث الاتحاد الأوروبي في بيان اصدرته اليوم الإثنين 15 يوليوز2013 كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الحكومة المؤقتة في مصر على منع “الاعتقالات ذات الدوافع السياسية”وبإشراك الإخوان المسلمين فيا لعملية السياسية.

ولم يندد الاتحاد الأوروبي وهو من الجهات المانحة لمصر بعزل الجيش لمرسي رغم انه كرر دعوته لاجراء انتخابات عاجلة موضحا انه يتابع التطورات (بقلق بالغ).

ولم يكن لدى الدول العربية ومعظمها معاد للاخوان المسلمين أي تحفظات تذكر. وزار وزير الخارجية الأردني مصر اليوم الإثنين 15 يوليوز 2013، في دلالة على دعمه للحكومة الحالية. وكانت السعودية والامارات والكويت تعهدت بتقديم 12 مليار دولار على هيئة اموال سائلة وقروض ووقود كمساعدة لمصر. وذكرت صحيفة خليجية انه تم إرسال سفينتين محملتين بما قيمته200 مليون دولار من النفط الكويتي لمصر.

ويواجه الببلاوي تحديا يتمثل في تشكيل حكومة تبدو شاملة بدون أكبر حزب إسلامي. وكانت جماعة الإخوان قد أعلنت أنها لن تتعامل مع نظام تقول انه تم فرضه بعد (انقلاب فاشي).

وخطبت السلطات ود حزب النور السلفي وهو حزب إسلامي كبير كان حليفا لمرسي لكنه انفصل عنه وقبل بإطاحة الجيش به.

ويقول حزب النور انه لا يسعى كي يتقلد أعضاؤه مناصب وزارية لكنه يدعم التكنوقراط ويقدم المشورة للببلاوي.

 وقال باسم الزرقا نائب رئيس حزب النور لقناة الجزيرة انهم انسحبوا من خارطة الطريق التي وضعها الجيش لكنهم لم ينسحبوا من المشهد السياسي. وأضاف أنهم يريدون توصيل صوتهم إذا كانت هناك أسماء يعترضون عليها.

وأضاف أن الحزب يشعر بالقلق من إغلاق القنوات الدينية وأيضا من حملة الاعتقالات لأنصار مرسي.

ولم يكلف الببلاوي بتشكيل الوزارة إلا بعد أن رفض حزب النور مرشحين آخرين لمنصب رئيس الوزراء منهم البرادعي.

التعليقات مغلقة.