الحكومة بين الاقوال والافعال

الانتفاضة // محمد المتوكل

اعتادت الحكومات في المجتمعات المتخلفة، أن تعتمد على الكلام، وتكتفي بالخطاب المجرد دون أن تلتزم بتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

والكلمات في ذاتها، مهما عظمت، لا تملك قدرة التأثير إلا إذا اقترنت بالفعل الذي يترجم تلك الوعود إلى حقائق.

وكما أن المريض الذي يكرر قراءة وصفة الدواء دون أن يتناوله لن يُشفى، فإن الشعارات السياسية، مهما تكررت، لن تعالج أزمات المجتمعات ما لم تتحول إلى سياسات قائمة على الفعل النافع.

فالكلمات مجرد أدوات، لكن قوتها تكمن في الفعل الذي يعقبها، وليس في تكرارها. فالخطاب بلا فعل، لا يعدو كونه مجرد وهم ذهني لا يغير من الواقع شيئًا.

و على الجانب الديني، نجد المشكلة ذاتها تتكرر. إذ يظن البعض أن الاكتفاء بترديد الأذكار والعبارات الدينية، مثل ‘أستغفر الله’ و’سبحان الله’، كافٍ لتحقيق الفضيلة والتقوى.

لكن هذا الاعتقاد ينم عن فهم سطحي لماهية العبادة. فالقرآن الكريم يبين في قوله تعالى: {لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ}؛ أي إلا قراءة فقط دون الفهم أو التدبر؛ كما في تفسير السمرقندي، لا تغني عن الأفعال المتمثلة في الالتزام العملي بالتعاليم الدينية، فالأذكار وحدها لا تحقق هدف العبادة ما لم تنعكس على سلوك الفرد.

فالألفاظ إذا افتقرت إلى الفعل الأخلاقي، تتحول إلى طقوس خاوية، مثل تكرار قراءة التعليمات الطبية دون اتباعها عمليًا. إن جوهر الدين لا يكمن في ترديد العبارات، بل في تجسيد الإيمان من خلال السلوك الشريف والفهم العميق.

وفي نهاية المطاف، سواء في السياسة أو الدين، نجد أن الخلل الأكبر يكمن في الاعتقاد بأن الكلمات وحدها يمكنها أن تغير الواقع لكن الفعل وحده هو الذي يضفي على الكلمات معناها وقيمتها الحقيقية.

فالكلمات التي لا تُتَرجم إلى أفعال هي مثل الرسائل الفارغة التي لا تصل إلى مقصدها.

ومن هنا، نجد أن الحكومات التي تعتمد على الخطاب الحماسي المُطَمْئِن دون تطبيق، والأفراد الذين يظنون أن تكرار الأذكار يغني عن العمل، كلاهما يرتكب نفس الخطأ. إن السبيل لإحداث تغيير حقيقي في الواقع هو الفعل الملموس، المدعوم بالتفكير العقلاني.

التعليقات مغلقة.