الانتفاضة // محمد المتوكل
في مغرب المتناقضات والمدلهمات والكوارث والتي لا تاتي الا فرادى وبالتتابع لتبرهن للعالم الي اي مستوى وصل المغربي والمغربية في هذه البلاد التي اكلوها لحما ورموها عضما للاسف الشديد.
بلاد تتمتع بكل الخيرات والنعم ولكنها محصورة في ثلة قليلة من الذين ولدوا وفي افواههم ملاعق من ذهب طاطا وفسفاط خريبكة وفحم جرادة وسمك المحيط الاطلسي والبحر الابيض المتوسط وخيرات البلاد شمالا وجنوبا شرقا وغربا.
اما (البوفري والمزلوط والمحكور والمكعور والمقهور) في هذه البلاد فله الله تعالى وهو ارحم الراحمين.
اما (اخناتوش العظم) فمشغول بالغناء و (الشطيح والرديح) مع شبيبته التي تترنح على انغام التفاهة والسفالة والنذالة و (قلة العرض).
بينما اقواج من مغاربة (الكحط) يغامرون بارواحهم وعائلاتهم ومستقبلهم من اجل الذهاب الى اسبانيا التي حاربها المغاربة ابان الاستعمار والان يطلبون ودها للاسف الشديد.
لنقلها بوضوح: ما حدث نهاية الأسبوع الماضي في الحدود بين الفنيدق وسبتة خطير للغاية. على النقيض من مسار البلاد نحو الازدهار المشترك، جاء مئات من القاصرين والشباب ليذكرنا بأن الطريق إلى ذلك لا يزال طويلا، طويلا جدا.
يوم الأحد 15 شتنبر 2024، كان مئات المرشحين، معظمهم مغاربة، يغامرون بكل شيء للوصول إلى الثغر المحتل سبتة. مستفيدين من الدعوات إلى الانضمام التي تم إطلاقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغالبا على حساب حياتهم.
دافعهم: غياب أية آفاق مستقبلية. هؤلاء المرشحين، وهم في سن صغيرة، ليسوا سوى عينة من أولئك الذين يُطلق عليهم مصطلح (NEET)، (لا عمل، لا تكوين، ولا تعليم). لا هم يحزنون.
ليس من النادر مصادفتهم في زوايا شوارع مدننا، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، يتجولون طوال اليوم أو في الليل. هدفهم الوحيد: الفرار من حياة يومية مرهقة، حيث يمر الوقت ببطء شديد.
في حين تناضل قوات الأمن لاحتواء (هجوم) المهاجرين، كان رئيس الحكومة ومعظم أغلبيته ووزرائه يستمتعون في أكادير على نغمات “مهبول انا وباغي ندير الهول”، والتافه “طوطو”. والذين وصفهم بن كيران ب (السلاكط).
لمن فاته الأمر، كان عزيز أخنوش ورفاقه يتفاخرون خلال نهاية هذا الأسبوع بخطابات تمجد الذات خلال الدورة الخامسة لجامعة الشباب التابعة للتجمع الوطني للأحرار (RNI). ويتاجرون بارواح ضحايا الجهة الشرقي وفياضاناتهم واهل الحوز وزلزالهم والان ضحايا الهروب الكبير من المغرب و (يخليو عز اخنوش غير هو والبوطوات ديال الضو).
هل وردت كلمة عن الأحداث؟ بالطبع لا. هل هناك استراتيجية لإنقاذ هؤلاء (الشباب )؟ لا أمل في ذلك. خطاب صادق حول الوضع الاجتماعي لبلد لا يزال يضم 1.5 مليون من هؤلاء ال (NEET)، وهم المرشحون المثاليون لعبور الفنيدق – سبتة؟ بالنسبة لأخنوش، هؤلاء ال (NEET) لا وجود لهم. واما الموجود فليس اقل من اخنوش مربي المغاربة والطالبي العلمي الهارب من اداء الضرائب على معمل النسيج الذي يملكه.
تماما مثل البطالة المتفشية التي تدمر بلدا يعتبر فيه الاقتصاد غير الرسمي، رغم كونه أول مصدر للعمل، هامشيا في نظر الحكومة. يتم إغفال أن هؤلاء الملايين من الشباب الذين يعملون على الهامش، بعيدا عن أية استراتيجية حكومية أو اهتمام من المسؤولين، هم اليوم من يحاولون المستحيل.
بقي ان نقول الى اننا نعيش على واقع البؤس السياسي والتجويع الاقتصادي والتفقير الممنهج للطبقات الوسطى والصغيرة مقابل النفخ في البطون المنتفخة اصلا بالمال العام وخيرات البلاد، مقابل التمكين لراسمالية متوحشة تلتهم وحدها وتاكل وحدها وتعيش وحدها ولا يهمها الاخر في شيء (يموت ولا ويتزلزل ولا يهاجر شغلو هذاك).
التعليقات مغلقة.