الانتفاضة // متابعة
نتيجة انتخابات دائرة الموت فاجعة وطنية ليس بمقياس القبيلة الحزبية، بل بمقياس المواطنة المتعالية على الحسابات الضيقة. إن نسبة 6,4% للمشاركة ناطقة، فهي فضيحة تقول: السياسة كما هي حالها بلغت من البشاعة درجة نفَّرت حتى الدائرة القليلة التي كانت تؤمل إمكانية الإصلاح عبر المشاركة.
معلوم أن الإقبال على الانتخابات الجزئية يتسم دائما بالضعف، لكن معروف أيضا أنها بالون اختبار لمعرفة ميولات الناخبين. وإذا كان منطق التدافع الانتخابي السليم يستبعد فوز حزب جُرد نائبه بسبب خيانة الأمانة، فإن النتيجة السريالية تؤكد عودته وإن بحفنة أصوات مشكوك في نظافتها.و صار معلوما أن أعظم أمنيات تجار الانتخابات أن ترتفع نسبة العزوف. لكن تؤكد هذه النتيجة ضعف الأحزاب المعارضة وفقدانها لجاذبيتها داخليا وخارجيا لأسباب عديدة، منها كسبها السياسي إبان التدبير الذي لم يكن في تفاصيله مرضيا لانتظارات ذات سقوف عالية للناخبين.ومنها وهن مناضليها أو تسرب الشك إليهم من جدوى السياسة في بعدها الانتخابي،بعدما خبروه من عوائق تزرع في مسار الإصلاح عبر قوانين انتخابية مجافية لمعايير الديمقراطية، أو عرقلة عمل الجهات و الجماعات لإضعاف صورة حزب كالعدالة والتنمية (حالة جهة الرشيدية، و قصة تقطير الميزانيات بالجرعات بحجة متهافتة تقول ضرورة تحقق المداخيل وعدم البناء على مداخيل افتراضية كما حصل في بعض الجماعات بمقاطعاتها).
مامن شك أن للأحزاب مشاكلها الداخلية المرهقة والمساهمة في صورة البؤس السياسي. لكن المشهد في خلاصته تعبير عن المراد من السياسة بالبلاد..حزب العازفين الناجح/الراسب بالدائرة 93% .
سيكون من الغباء الاستراتيجي اعتبار نتيجة إعادة استنساخ مهزلة الثامن من شتنبر سليلة مسار ديمقراطي. لأن ما يجب الانتباه إليه سلطة وأحزابا ومفكرين هو جبال الرغبات والحاجات المكبوتة التي تعتمل داخل الجسم الاجتماعي والتي لا تغريها الأطر المهترئة لتصريف آمالها.
التعليقات مغلقة.