التحديات المستقبلية في تطبيق سياسة النيابة العامة في قضايا الصحافة

0

الانتفاضة // المصطفى بعدو

تهدف سياسة النيابة العامة المغربية في التعامل مع قضايا الصحافة ،إلى تحقيق التوازن بين حرية الصحافة وحماية الحقوق الأخرى، مجموعة من التحديات المتجددة، خاصة في ظل التطور المتسارع للإعلام الرقمي وانتشار الأخبار الكاذبة.

ويساهم ظهور منصات التواصل الاجتماعي ومدونات شخصية التي  يمارس أصحابها الصحافة دون الخضوع لنفس الضوابط المهنية والقانونية التي تخضع لها الصحافة التقليدية الى سهولة نشر الأخبار الكاذبة والشائعات عبر الإنترنت وتأثيرها السريع على الرأي العام مع ما يعتري دلك من صعوبة في  تحديد المسؤولية القانونية في حالة ارتكاب جرائم إعلامية عبر الإنترنت، خاصة إذا كانت المنصة أو الموقع مستضافًا في بلد آخر.

ويعتبر استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى مزيف (مثل الفيديوهات والصور)، بشكل  يصعب تمييزه عن المحتوى الحقيقي، الى تشويه سمعة المواطنين سواء كانوا افراد  او مؤسسات ، و مع هدا الكم الهائل من المعلومات التي تزيد من صعوبة التحقق من صحة المعلومات المتداول على الإنترنت، خاصة بالنسبة لغير المتخصصين.

ومن بين المعيقات ايظا ، ان هدا التطور الحاصل في التكنولوجيات الرقمية وخاصة منها التي تصب في مصب الصحافة والاعلام الرقمي ، يجعل من مهمة النيابة العامة في دمقرطة الحياة الصحافية وفق منهجية دستورية بشكل  يوافق والتوجهات التي يرمي وينشدها اليها المغرب في الميدان الحقوقي وحرية التعبير والصحافة، في تحديد حدود الحصانة الصحفية ، ومدى شموليتها لاحتواء اجناس اخرى من المدونين ومنشئو المحتوى في شبكات التواصل الاجتماعي

وفي نفس السياق ،يفضي بنا الحديث ايظا الى ضرورة الموازنة بين حرية التعبير وفق منهجية قانونية ترمي الى حماية البيانات الشخصية من الاستخدام اللامشروع في النشاطات الاعلامية على الا تتعارض بين حق الافراد او الاشخاص في الخصوصية وحق المواطنين في الحصول على المعلومات.

ومن بين الاقتراحات التي يمكن العمل عليها، في سيبيل  الارتقاء بالمستوى الحقوقي في طريقة التعامل مع الصحافة بشكل خاص، والراي العام بشكل اوسع وشامل، والرقي بالمستوى الاخلاقي التي تستمد من  الدين الاسلامي الحنيف والاحترام المكفول والواجب للشعار الوطني “الله الوطن الملك”، هو ضرورة تحديث التشريعات القائمة لمواكبة التطورات التكنولوجية والتقنية في مجال الاعلام والصحافة، وتحديد المسؤولية القانونية للافراد والشركات من جهة والمواقع الصحفية والاعلامية من جهة اخرى، ومن جهة موازية المدونين ومنشئو المحتوى وكل مايصب في مصبهم، و تحديث التشريعات القائمة لمعالجة الجرائم الإعلامية في الفضاء الرقمي.

ومن دلك ايظا، توعية المواطنين  بأساليب التحقق من صحة المعلومات وكيفية تمييز الأخبار الكاذبة، ووضع برامج تدريبية موجهة  للصحفيين بشكل خاص، على الأخلاقيات المهنية وعلى استخدام الأدوات الرقمية للتحقق من المعلومات، وتعزيز التعاون بين الحكومات والشركات التقنية لمكافحة انتشار الأخبار الكاذبة وحماية الخصوصية، إنشاء منصات مستقلة للتحقق من الحقائق وتقييم مصداقية المعلومات المتداولة.

وكل ماسبق، لن يكون نزهة في  حديقة، فالعمل كبير ويحتاج الى ارادة قوية تجمع بين الحكمة والرزانة ودراية كاملة واحاطة تامة بكل النقط والفواصل، ويتطلب تضافر جهود مختلف الأطراف، بما في ذلك الحكومات والشركات التقنية والصحفيين والمجتمع المدني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.