لو سكت من لا يعلم لقل الخلاف

الانتفاضة // أبو شهرزاد

يكثر التافهون والمراؤون والغوغائيون في المجتمع المغربي حتى أصبحنا لا نستطيع أن نميز بين الغث والسمين للاسف الشديد.

ففي المجتمعات الفاشلة والمتهاوية والمتخاذلة والمتكاسلة والعاطلة والنائمة اكثر من نوم اهل الكهف، يوجد ألف أحمق مقابل كل عقل راجح، وألف كلمة خرقاء إزاء كل كلمة واعية، والف امراة متداعية مقابل امراة (ديال بالصح).

تظل الغالبية بلهاء دائما، وتغلب العاقل باستمرار، ليس لضعف العاقل ولكن لبلادة الغالبية، فإذا رأيت الموضوعات التافهة تتصدر النقاشات في أحد المجتمعات، ويتصدر التافهون المشهد، فأنت تتحدث عن مجتمع فاشل جدا متهاوي ومتداعي ولن تقوم له قائمة.
فعلى سبيل المثال، الأغاني والكلمات التي لا معنى لها تجد ملايين الناس يرقصون عليها و يحفظونها اكثر ما يحفظون كلام رب العالمين، او حديث الرسول صلى الله زعليه وسلم، ويرددونها ويشيعونها ويفرحون ويسعدون لسماعها ويعلمونها لابنائهم(القدوة السيئة)، ويصبح صاحب الأغنية مشهورا ومعروفا ومحبوبا، بل حتى الناس يأخذون رأيهم في شؤون المجتمع والحياة ويعتلون المنابر ويصبحون من علية القوم وهم في الحقيقة ليسوا الا اراذل القوم.
أما الكتاب والمؤلفون والعلماء والمصلحون والمثقفون والاباطرة والفطاحلة والجهابذة والقدوات الحسنة، فلا أحد يعرفهم ولا أحد يعطيهم قيمة أو وزنا، فمعظم الناس يحبون التفاهة والتخدير والفضيحة والخبر المشوه والكلمة المعوجة والقصة البايتة.

فشخص يخدرنا ليغيب عقولنا عنا، وشخص يضحكنا بالتفاهات والخرافات والقصص الخاوية والترهات والخزعبلات، أفضل من شخص يوقظنا للواقع ويؤلمنا بالقول الحق، هذا هو واقع رجالنا وبناتنا في هذه الايام، وخاصة مع عالم التكنولوجيا والتي يتم استعمالها بشكل سيء حتى اعطت لنا نماذج (بايخة) و بائرة ولا قيمة لها، مقابل تواري الصالحين والمثقفين تاركين الساحة للاوباش والمتطفلين والمتعالمين والمدعين والمنافقين.

علما انه في العالم باسره، هناك أناس ليس لديهم ما يقولونه لكنهم لا يسكتون، اما في واقعنا فهناك اناس لا يملكون حتى فن الكلام، ولا يعلمون ما يقولونه، ولا يتقنون فن الكلام، بل كل كلامهم هو صراخ وزعيق ونعيق، ولكنهم يتصدرون المشهد مع الاسف.

لماذا كل محدودي الذكاء و” الأغبياء” و” التافهون” يشعرون بأنهم متفوقون ومتعالون على الآخرين، في الوقت الذي يشعر فيه الاشخاص الأذكياء دوما بعدم الرضى، أو أنهم لا يعرفون شيئا، لان الزمن زمن الرويبضة الذي اخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، حين قال: “سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة” رواه ابن ماجه وأحمد، وله رواية بلفظ: السفيه يتكلم في أمر العامة.

‏فالعالم يتالف من شقين، أناس لديهم ما يقولونه، لكنهم لا يستطيعون، ليس خوفا او جبنا او تكاسلا او تهاونا، ولكن حياء وتركا للساحة للوغوغاء والرعاع والضباع وعدم الدخول في الجدال مع الحمقى والمعتوهين، وأناس ليس لديهم ما يقولونه لكنهم لا يسكتون، بل يملؤون الدنيا ضجيجا وصراخا ونحيبا وبكاء وعويلا وجعجعة وبدون طحين، (الدراع كاضي واللسان كاضي).

فعندما تكون الأخلاق فعل ماضي .. والعنف فعل أمر .. والحرب فعل مضارع .. والسياسون فاعل .. والشعب مفعول به .. والمال مفعول لأجله .. والفساد صفة .. والرواتب ممنوعة من الصرف .. والضمير غائب .. والمصلحة مبتدأ .. والوطنية خبر .. والصدق منفي .. والكذب توكيد .. وقلة الأدب تمييز .. والإنتهازية مفعول مطلق .. والوظيفة أداة نصب .. والموظف حرف جر .. والخزينة إسم مجرور .. و الفقر حال .. والأوجاع ظرف .. والحياة جامدة .. والسرور مستثنى، فلا عجب في أن يكون المستقبل مبني للمجهول .. ولا محل للمجتمع من الإعراب ..

بقي ان نشير الى انه لو سكت من لا يعلم لقل الخلاف، ولكن للاسف الشديد يتصدر التافهون والمراؤون والرويبضة والجهلاء والدخلاء والبلداء والسفهاء المشهد و باي طريقة كانت، لا يهم، بل كل ما يهم هو ان يبقوا في صدارة (الفيلم) الذي قريبا سيصعد (الجينيريك) الخاص به، ويتم القطع بالتالي مع الانانيين والسفطائيين والحمقى والمرضى في مختلف المجتمعات، بعدما بارت سلعهم وكسدت ترهاتهم وعفنت اباطيلهم، ولانه كما قال الشاعر التونسي الراحل ابو القاسم الشابي:

اذا الشعب يوما اراد الحياة…فلا بد ان يستجيب القدر.

ولا بد لليل ان ينجلي…ولا بد للقيد ان ينكسر.

ويقول الله تعالى: “ان موعدهم الصبح البس الصبح بقريب”.

التعليقات مغلقة.