الانتفاضة // متابعة
قال مصطفى الخلفي وزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان السابق، ومؤسس المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، إن قضية الصحراء المغربية بعد 25 سنة من حكم الملك محمد السادس عرفت انعطافة استراتيجية كبرى انتقلت معها القضية من طور إلى طور آخر.
وشدد الخلفي على أن الملك محمد السادس اشتغل بنفس استراتيجي تراكمي واقعي وصبور ومسؤول، جعلت من ال 25 سنة الماضية سنوات الانعطافة الكبرى، وتؤشر على نوع من القيادة الاستراتيجية مكنت من كسب معركة في وقت تقدمت فيه مشاريع الانفصال في العديد من المناطق ونشأت معها دول جديدة بل وظهر جيل جديد من الطموحات الانفصالية، أصبح معه مشروع الدويلة الصحراوية مجرد ماض.
وأبرز الخلفي، أن حل النزاع انتقل من مشروع استفتاء على مقاس الانفصال إلى تبني الأمم المتحدة لمشروع حل سياسي واقعي عنوانه حكم ذاتي بدعم من القوى الدولية الكبرى، وتكرس ذلك منذ تقدم المغرب بمشروع حكم ذاتي في إطار السيادة المغربية مع إعادة تعريف النزاع بما هو نزاع إقليمي طرفاه الرئيسيان المغرب والجزائر، وأنها في الجوهر قضية تقسيم وتجزئة وليس قضية تصفية استعمار، فهذا الأخير تمت تصفيته في 1975.
كما تجلى الثبات في هذا الموقف يبين الخلفي في مواجهة انحياز المبعوث الأممي الأسبق الأميركي الجنسية كريستوفر روس في 2012 أو في انحراف الأمين العام السابق بان كيمون في 2016 بتجاوزه لقرارات مجلس الأمن حيث تم تجميد التعامل مع الأول ومراجعة وضع بعثة الأمم المتحدة بالصحراء (مينورسو) مع الثاني.
وأشار الخلفي إلى توسع الدعم الإفريقي لمغربية الصحراء وانحصر داعمو خصوم الوحدة الترابية لأقل من الثلث، وتعزز موقع المغرب في الاتحاد الأفريقي بعد عودته في 2017، وانتهى زمن توظيف المنظمة الإفريقية في مشاكسة مطالب المغرب في الأمم المتحدة في سياق عالمي تقلص فيه عدد الدول الداعمة للانفصال من 84 دولة إلى حوالي 20 بما نسبته 15 في المائة.
وبيّن كيف أن الدول تجاوزت الاكتفاء بدعم مشروع الحكم الذاتي إلى الدعوة للإعلان الصريح عن مساندة مغربية الصحراء، ونشوء اصطفاف جديد تبعاً لذلك، مع إعلان الولايات المتحدة الأميركية عن اعترافها بمغربية الصحراء، وتلتها إسبانيا كدولة لها رمزيتها باعتبارها الدولة المستعمرة السابقة، مع فتح حوالي 30 قنصلية في مدينتي العيون والداخلة.
فضلا عن تجسيد التوجه الاستراتيجي الجديد القائم على أن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم” فهو “المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات” كما جاء في خطاب الملك في 20 غشت 2022، وأصبح المس بالقضية مكلفاً مع صمود وثبات في الموقف، مشيرا إلى الموقف الأمريكي في عهد الرئيس باراك أوباما بالسعي لتوسيع اختصاصات بعثة “المينورسو” في 2013، أو مع هولندا في اتفاقية الضمان الاجتماعي بطرح استثناء سكان الصحراء في سنة 2014 ليتم اعتماد اتفاقية من دون إقصاء أو استثناء.
كما أشار إلى ما طرأ مع الاتحاد الأوروبي في محاولة استثناء الصحراء من اتفاقية الصيد البحري في سنة 2015 حيث تم اعتماد اتفاقية جديدة في غشت 2019 أدمجت الصحراء في نطاق تطبيقها لتجاوز قرار محكمة العدل الأوروبية السلبي، أو مع السويد في سنة 2015 عند السعي لاعتراف البرلمان السويدي بجمهورية الانفصاليين ليقع التراجع بعد ذلك، وبعده في الموقف من ألمانيا التي صححت موقفها، ثم لاحقاً رفض الغموض الفرنسي الذي امتنع عن التعبير العلني عن دعم مغربية الصحراء ثم تراجع نحو اعتراف جزئي ذي حمولة اقتصادية.
ومن جانب آخر، أكد الوزير السابق عدم رهن تنمية الصحراء بالحل النهائي للنزاع، بإطلاق مشروع تنموي ضخم بموازنة تفوق 10 مليارات دولار مع تحويل الصحراء إلى رافعة اقتصادية بمشاريع الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة والفلاحة السقوية وميناء الداخلة الأطلسي، وتأمين ذلك بقانوني الحدود البحرية الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة إلى 200 ميل بحري، وإنهاء العبث الانفصالي بتحرير معبر الكركرات، وإطلاق مشروع المبادرة الأطلسية لدول الساحل (تشاد، النيجر، بوركينا فاسو، مالي، موريتانيا والسنغال) بموازاة التقدم في مشروع الغاز نيجيريا-المغرب-أوروبا.
وتوقف الخلفي عند الحسم العسكري والأمني مع الاستفزاز الانفصالي في إطار الشرعية الدولية وإنهاء وهم المناطق المحررة شرق الجدار وفضح زيف أسطوانة الحل العسكري كبديل عن الحل السياسي، حيث أصبحت الصحراء المغربية المنطقة الآمنة الوحيدة في الساحل والصحراء الكبرى.
كما أكد على استيعاب طموحات الجيل الجديد من أبناء الصحراء المغربية من مواليد ما بعد الحرب، أي عقد التسعينيات، وتقديم أجوبة ثقافية واقتصادية وتدبيرية في إطار الدستور الجديد والجهوية المتقدمة بتأكيد البعد الصحراوي الحساني في هوية المغرب المتعددة المكونات وتيسير انخراط أبناء الصحراء في منظومة تدبير شؤونهم بانتخابات منتظمة ومؤسسات بصلاحيات فعلية، أنهت وهم ادعاء تمثيلية الساكنة من طرف جبهة البوليساريو.
التعليقات مغلقة.