رسالة من جنوب غـزة

الانتفاضة 

حبيبي قد وصلتني رسالتك، قرأت حروفها وذرفت دموع الشوق إليك، أطمئنك أني وابننا سمير على خير رغم كل ما مر بنا ولا يزال يمر، وحسبنا أنه ابتلاء من ربنا، وأننا نتعبده سبحانه بالصبر والرضا على قضائه. قدره، نسأله تعالى أن يتقبل منا ويعجل بالفرج.
حبيبي، لا أخفيك، كل ما نظرت للقمر ليلا أرى فيه وجهك، أرى فيه بسمتك وفرحتك، أرى فيه قدومك إلينا بعد انتهاء عملك تدخل بيتنا حاملا معك ما لذ وطاب من الطعام، آه من الطعام.. ما كنا نتصور أبدا أن نشتاق إلى طبق خضر أو طبق طماطم وبيض أو أقل من ذلك، فالجوع أحيانا يحدثنا بلغته القاسية ونغدوا أمامه ضعفاء لا نملك إلا أن ننصت لصياحه صابرين محتسبين.

سمير يا عمري بخير، لكنه فقد الكثير من وزنه كما جميع أطفال الجنوب، لكني أحمد الله أنه معي أمام عيناي أراه يجري ويلعب، وإلا فقد كان من الممكن لا قدر الله أن نفقده أو نفقد بعضه، كما كثيرون فقدوا أطرافهم بسبب الحرب.
أعذرني يا حديقة روحي التي تتفتح كورود حمراء اسمه رائحته الزكية الآن، فأنا أحاول أن أنسي نفسي ألمي بما أكتبه لك، رغم علمي بقسوته، فأنك سندي الذي عودتني أن تنصت لي على الدوام، وتسمع لآهاتي وتمسح دمعي.
حبيبي، في كل صلواتي أدعو الله أن تكون بخير وأحمده أن رسالتك وصلتني، ويا ليتك ترى كم سعدت بها كثيرا، فقد تلقفتها كما يتلقف المريض دواءه، أو كما يتلقى الواحد في هذه الأيام خبر انتهاء الحرب، ويا ليتها تنتهي كي ينتهي البعد والشوق والألم والجوع والعطش وووو.
زوجي حبيبي وروحي.
آه من غيابك يا نعمة ربي التي أفتقدها في نهاري وفي عتمة ليلي.
ما أجمل أيامنا معا، أسأل ربي ألا يحرم بصري رؤيتك قريبا ونحن مجتمعون من جديد.

التعليقات مغلقة.