أحكام ومقاصد زكاة الفطر

الانتفاضة/ ياسمين السملالي

إننا الآن في شهر عظيم مبارك، ألا وهو شهر رمضان، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطيات، شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، فصامه المصطفى ﷺ وأمر الناس بصيامه، وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الأخلاق السيئة كالأشر والبطر والبخل، وتعويدها للأخلاق الكريمة كالصبر والحلم والجود والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ويقرب لديه.

إننا الآن في شهر عظيم مبارك، ألا وهو شهر رمضان، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطيات، شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، فصامه المصطفى ﷺ وأمر الناس بصيامه، وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وشهر التزود بالخيرات والبركات، شهر تتحقق فيه مقاصد العبادات، ويتساوى فيه الأغنياء مع الفقراء في الحرمان من الطعام والشراب؛ ليعطف القوي على الضعيف، ويتضامن الغني مع الفقير، تحقيقا لمجتمع الجسد الواحد الذي ينشده الإسلام و تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الأخلاق السيئة كالأشر والبطر والبخل، وتعويدها للأخلاق الكريمة كالصبر والحلم والجود والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ويقرب لديه.

ومن إحدى مناسبات هذا التضامن الذي يتقرب بها العبد إلى ربه جل وعلا في هذا الشهر الفضيل: “مناسبة زكاة الفطر التي يخرجها المسلمون عند نهاية شهر رمضان الكريم.
زكاة الفطر مقصدة معللة بحديث ابن عباس قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات”. أبو داود بسند حسن، ويمكن إيجاز مقاصدها فيما يلي:

* التزكية والتطهير: وهو مقصد عام للزكاة عموما وللفطر خصوصا قال تعالى: ﴿خذ من أموٰلهم صدقة ‌تطهرهم وتزكیهم بها﴾ [التوبة: 103]، فالزكاة تطهر نفس المسلم من داء الشح والبخل وتكسر عنده حدة حب المال وكنزه ومنعه عن أصحاب الحاجات.
* الجبر والتكميل: كل صائم يقع في صومه من الغيبة والنميمة وفضول الكلام والنظر ما يقع فتأتي صدقة الفطر لتجبر النقص وتكمل الأجر والثواب للصائم وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: “طهرة للصائم من الرفث واللغو”، وعن وكيع بن الجراح رحمه الله قال: زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدتي السهو للصلاة، تجبر نقصان الصوم كما يجبر السجود نقصان الصلاة”.
* التكافل والإغناء: من مقاصد الزكاة عموما والفطر خصوصا تكافل المسلمين وتعاونهم ودعم مساندة الأغنياء للفقراء والشعور بحاجاتهم والسعي للتخفيف عنهم، لكن صدقة الفطر وسعت دائرة العطاء والتكافل فلم تشترط في دافعها أن يبلغ حد الغنى المطلوب في دافع الزكاة المفروضة.
* الشكر والبذل: فالمسلم حين يدفع زكاة الفطر يشكر الله على نعمة إتمام الصيام والقيام وبلوغ رمضان والتوفيق فيه للطاعات، ويحمد الله على نعمة اليسار والكفاف، ويعود نفسه على شكر النعم بالبذل والعطاء، ويصل الصيام بالزكاة، والطاعة بأختها.
* الفرح العام بالعيد: شرعت زكاة الفطر لتعم الفرحة بالعيد كل أفراد المجتمع فلا يفرح بها الغني الموسر ويحرم منها الفقير المعدم، فلا بد أن يظهر المعنى الإنساني التراحمي التكافلي في أعياد المسلمين، لهذا شرعت زكاة الفطر في عيد الفطر، والأضحية في عيد الأضحى ورصد الأجر العظيم على الشعيرتين ترغيبا في إدخال السرور على الناس وجبر خواطرهم.
تجب زكاة الفطر على كل مسلم أو مسلمة يملك مقدارها فاضلا عن قوته وقوت من تلزمه نفقتهم يوم العيد وليلته، وفاضلا عن مسكنه وأثاثه، وحوائجه الأصلية، ولا يشترط لوجوبها ملك نصاب الزكاة كما قال أبو حنيفة قياسا على زكاة المال، لأن الفطرة متعلقة بالأبدان، والزكاة متعلقة بالأموال فافترقا، وعدم اشتراط الغنى لإخراجها يحقق مقصدا تربويا وأخلاقيا في المجتمع، وهو تدريب المسلم على الإنفاق في السراء والضراء والبذل في اليسر والعسر كما يرجح الإمام القرضاوي رحمه الله.
فإن أخذ الفقير زكاة المال وزاد قدرها عن حاجته وعياله يوم العيد وليلته أخرجها كذلك، والدين المطلوب سداده مقسطا، والدين المؤجل لا يمنعان من دفع زكاة الفطر.

مقدارها
حددت السنة النبوية مقدار زكاة الفطر في حديث ابن عمر المذكور آنفا “صاعا من تمر أو شعير…”، والصاع يتراوح تقديره بين كيلوغرامين ونصف إلى 3 كيلوغرامات تقريبا، وتجوز الزيادة عليه، لقوله تعالى في فدية الصيام وهي طعام مسكين: ﴿فمن ‌تطوع ‌خیرا فهو خیر له﴾ [البقرة: 184]، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالبركة لرجل تصدق بناقة كوماء -أي عظيمة السنام- وقد كانت فوق الواجب عليه.
ومن أراد إخراجها حبوبا أخرجها من غالب قوت البلد الذي يعيش فيه من الأصناف التي تقتات وتدخر، ولا يلتزم بالأصناف المذكورة في حديث ابن عمر، لأنها ليست تعبدية، وإنما كانت تمثل أقوات الناس في البيئة العربية، وغالبها لم يعد قوتا للناس اليوم لا في رمضان أو طوال العام كالتمر والزبيب، لهذا يصار اليوم إلى الحبوب التي تعد قوتا معتادا للناس طوال العام كالأرز والذرة وما شابههما.

التعليقات مغلقة.