الممثل مالك اخميس: لا مكان للاخلاق والسياسة في السينما “واش داوي من نيتك”؟؟؟

الانتفاضة // محمد المتوكل

لازالت اثار الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب والمغاربة ذات 8 شتنبر من السنة الجارية، ولا زالت تداعيات القضية الفلسطينية والارهاب الصهيوني الممارس على ابناء قطاع غزة والضفة الغربية ترخي بضلالها على المشهد الفني والثقافي بالمملكة المغربية الشريفة.

فبعد خرجة الممثل الكوميدي عبد الله فركوس غير الموفقة والتي قال فيها بمناسبة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش لما سالته احدى الصحفيات عن موعد المهرجان وتوقيته وتداعيات المحيط القريب والبعيد، فاجاب بانه لا يهتم بالسياسة بقدر ما يهتم بالفن.

وعلى نفس المنوال سار الممثل مالك اخميس حين قال لوسائل الاعام بمناسبة نفس المهرجان بان منسوب الاخلاق وتيمة السياسة لا يجب ان يحضران في الفن عموما.

ونسي هؤلاء بان الفن سياسة وان السياسة فن وان الفن اخلاق وان الاخلاق فن وان الثقافة والسياسة والفن ان لم تؤطرهم الاخلاق فلا فن ولا ثقافة ولا سياسة ستبرز للعيان، وانما سنسقط جميعا في اثون الرذيلة والفحش وقلة الحياء والميوعة والسيبة والفوضى والعهر والشذوذ الفكري والعقلي والمهني والجنسي احيانا.

فالفن والثقافة وكل اشكال التعبير في المجتمع المغربي ان لم تكن تؤدي رسالة هادفة ومفيدة للمجتمع المغربي فلا حاجة لنا بها اصلا.

والناظر فعلا لما يدور ويروج في الساحة الفنية والثقافية والياسية المغربية ليصاب بالذهول ولتستولي عليه “الدوخة” وياخذه الدواران وممكن (تجيه التقية والتبويعة) للافلام المغربية التي تملا الزمان والمكان المغربيين، وللثقافة المائعة التي تعشش بيننا ولسياسة الكيل بمكيالين وسياسة الريع وسياسة العفن وسياسة المحسوبية وسياسة الزبونية وسياسة البيروقراطية وسياسة الذلقراطية وسياسة الهوانقراطية وسياسة الديموكراسية وسياسة الديموحرامية وسياسة الديموهراوية وسياسة (ما عرفت شنو)…الا ما رحم ربك وقليل ماهم للاسف الشديد.

وفي هذا الاطار دافع الممثل مالك أخميس عن توظيف الجرأة التي تخدم الفيلم وحبكته الدرامية في السينما دون حدود أو قيود باعتبارها فضاء خاصا يقتحمه الجمهور، بخلاف التلفزيون الذي تحكمه قواعد صارمة.

وفي هذا الإطار،قال مالك اخميس بأنه لا يجب أن تُقحم الأخلاقيات في السينما لكونها تختلف عن التلفزيون الذي يفرض نفسه على الجمهور ويدخل إلى بيته دون استئذان،  في مقابل السينما، التي يطرق الجمهور بابها ويدفع لها مقابل الولوج إليها لحضور الأفلام المعروضة بها، بحسب تعبيره.

وشدد أخميس على أنه يؤيد توظيف المشاهد واللقطات الجريئة بدرجاتها في القاعات السينمائية، التي من شأنها أن تخدم الفيلم وتساهم في الحبكة الدرامية الخاصة به.

وأكد أخميس أنه لم يندم على المشاركة في الفيلم القصير “بلا ميكة”، الذي أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ عدّه البعض أنه يغرق قضية نفسية واجتماعية في تبسيط “قاتل” ويختزلها في مشاهد تقع على “مائدة الرفاه الاجتماعي”، و”بعيدة عن جوهر الإشكال الذي تحاول منظمات عالمية التحسيس به”.

وقال أخميس،  إن دوره في الفيلم “كان فعالا ويحمل رسالة”، مشددا على أنه يختار أدواره بعناية ، لم تُخلق من فراغ أو لتأثيث الفضاء، إذ يجب أن تخدم الحبكة الدرامية للعمل وتكون مركبة تجعل ظهوره قويا ومهما في القصة.

وتتأرجح  مشاهد فيلم “بلا ميكة” بشكل خاطف أمام دكان ومنزل ومقر شركة مزخرفة تعبر عن الجو النفسي للمدينة وإشكالاتها، غير أن الإشكالات المرتبطة بالوصم الاجتماعي للفتيات وصعوبة الولوج للمستلزمات الطبية خاصة بالقرى تظل مقصّية وهامشية علما أنها تتركز أساسا بفضاءات مغايرة لفضاءات الفيلم.

ويتمثل رهان فيلم “بلا ميكة” في نقل معاناة النساء خلال “فترة الحيض” بسبب نظرة الآخرين والطريقة التي يتعاملون بها مع الموضوع، حيث إنهم يصنفونه في خانة “الطابوهات” المحظور الحديث عنها أو إظهارها، إذ يرصد الشريط تعمد بائعي الفوط الصحية لفها في قطعة من الجريدة ووضعها في كيس بلاستيكي “ميكة”.

ويتعمد الشريط التحسيسي إظهار التحولات المزاجية التي تمر منها الفتيات خلال هذه الفترة، والاضطرابات النفسية والجسدية، غير أن مدى نجاح الفيلم في رهانه التحسيسي يبقى موضع مساءلة بنظر كثيرين.

وعن مشكلة انتقاء الممثل لأدواره بالمغرب في ظل قلة الإنتاجات وضُعف الأجور، أوضح مالك أن “العديد من الممثلين يقبلون الأدوار التي تُعرض عليهم، لقلة الإنتاجات وضرورة العمل، لأن الممثل درس ليشتغل، في المقابل هناك من يختار أدواره وينتقي الأعمال التي يشارك فيها”.

وشارك مالك أخميس أخيرا في الدورة الـ 20 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش بفيلم “مروكية حارة” للمخرج هشام العسري، ضمن عروض “بانوراما”.

وفي هذا الصدد، وصف أخميس هذه المشاركة بـ”المهمة” في حدث سينمائي كبير، مشيرا إلى أنه يجسد ضمنه شخصية متسلطة تفرض قوتها على الآخرين.

ولفت المتحدث ذاته إلى أن الاشتغال مع المخرج هشام العسري يكون مختلفا، لأن أفلامه تُحقق الاستفادة وتغوص في أعماق الشخصية وتجعل الممثل يخرج من عباءة شخصيته الحقيقية.

ويجمع فيلم “مروكية حارة” بين الصناعة السينمائية والرقمية، إذ خلق السيناريست والمخرج هشام العسري الشخصية الرئيسية من سلسلة “بيصارة أوفر دوز” و”نو فازلين فتوى” وغيرها من السلسلات التي طرحها في الويب سابقا، حيث طورها في الكتابة ليستخرج منها شخصيات هذا الفيلم الجديد، التي بنيت بطريقة يختلط فيها العبث بالساركازم.

والفيلم عبارة عن كوميديا سوداء ويناقش أحداث غريبة تجري في مدينة الدار البيضاء وتعيد الأموات إلى الحياة، إضافة إلى أنه يتطرق إلى بعض ظواهر المجتمع المغربي سواء تلك التي ظهرت أو لم تظهر بعد، ويسلط الضوء على جانب من صناعة المحتوى الذي يحمل القليل من المعنى والكثير من الغوغاء.

وعن ربط حضور فئة عريضة من الممثلين المغاربة لمهرجان مراكش بالاستعراض على البساط الأحمر، قال أخميس إن “المشاركة في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش لا يرتبط بالاستعراض على السجادة الحمراء، لأن المهرجانات صنعت لمشاهدة الأفلام، ولاسيما الدولية منها التي تعرض الأفلام بكشل حصري”.

ويرفض أخميس الحديث عن “التعليم” و”قضية فلسطين”، عادّا إياهما يدخلان في خانة “المواضيع السياسة”، وأن دور الممثل ينحصر في الفن دون تجاوزه، مردفا: “لم أتابع ما حدث في التعليم لأنني كنت خارج البلاد، وأتضامن مع ضحايا فلسطين، لكنني لا أحب الحديث في السياسة لأنني لا أفهمها ولا أتابعها”.

يبدو ان الثقافة والفن وزد عليهم السياسة وجب عليهم ان يجلسوا مع انفسهم جلسة مساءلة، وان يحاولوا الاجابة على عدة مسائل ثقافية وفنية وسياسية وزمجتمعية حقيقية حتى لا نسقط جميع في مستنقع الابتذال والتكرار والميوعة والعفن، الذي نشاهده يوميا عبر قنواتنا العمومية ومجلاتنا وجرائدنا ومواقعنا الاعلامية والصحفية، مما اخرج لنا جيلا معوجا وشبابا مخنتين وشابات عاهرات ورجال ديوتيين ونساء غواني ومجتمع اقرب الى الرذيلة منه الى الفضيلة مع بعض الاستثناءات القليلة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع.

التعليقات مغلقة.