آخر الأخبارسياسيةوطنية

حتى لا ننسى….!!!! .. عندما طرد حكام الجزائر مغاربة يوم عيد الأضحى وسكنوا في الخيام ثلاث سنوات…..

الانتفاضة

عزيز مفضال

السي «ملّوك»، وهو الاسم العائلي غير المسجل في لوائح الحالة المدنية بالمغرب، لأسرة من 10 أفراد كان ربها يعمل في الجزائر تاجرا للقماش المستورد من إسبانيا. كان يتوفر خلال سبعينات القرن الماضي على سيارة من نوع «مرسيدس»، وبيت من ثلاثة طوابق، بالإضافة إلى ضيعة فلاحية تقضي فيها الأسرة العطل الدراسية للأبناء.

كل شيء انقلب رأسا على عقب، حتى بعد أن عقد قران إحدى بناته على شاب ينحدر من أسرة جزائرية. في سنة 1975، في أواسط دجنبر، يومين قبل عيد الأضحى، جاء بعض الرجال الأقوياء، لا يتجاوز عددهم 5 أفراد، في سيارة من نوع «بوجو» وطرقوا باب منزل الأسرة وطلبوا الحديث مع الوالد، وبما أنه لم يكن في المنزل، فقد ألحوا على معرفة المكان الذي يوجد فيه، بما أنه لم يكن في المحل التجاري الذي يملكه. عادوا مرة أخرى في المساء، ووجدوه بصدد تناول طعام العشاء مع أبنائه، فيما كان الصغار يلحون عليه لكي يتجه نحو الضيعة لإحضار كبش العيد، حتى يتسنى لهم اللعب معه.

السي ملّوك مات، لكن سي محمد، وهو أحد أبنائه الأربعة الذكور، يروي كيف عاشت الأسرة مأساة الترحيل الإجباري من الجزائر. يقول محمد : «لم يكن عمري يومها يتجاوز 7 سنوات. لم نحس بطعم العيد، وظل هذا الإحساس يرافقني إلى اليوم، كلما حل عيد الأضحى. أمضينا يوم العيد في الترقب، فقد كنا رفقة جيراننا المغاربة، وكانوا يقطنون معنا في نفس الحي، ننتظر أن يتم ترحيلنا من الجزائر العاصمة نحو المغرب، كما أخبرونا. في ثاني أيام العيد جاء الأشخاص نفسهم الذين أخبروا والدي بأن عليه أن يرحل إلى المغرب، وأخبرونا بأنه يتعين علينا الرحيل فورا، دون أن نحمل معنا أي أمتعة، باستثناء الأمور الضرورية والبسيطة أيضا. تركنا كل شيء خلفنا، وترك والدي محله التجاري الفخم في قلب الجزائر العاصمة ومستودعا للسلع. أركبونا بالقوة حافلة وجدنا بها بعض الأسر المغربية الأخرى. كان الأمر عصيبا لأني رأيت أقراني منخرطين في نوبات بكاء حادة. نسوة كان عويلهن يسمع قبل صعود الحافلة. واستمر هذا الجو الكئيب إلى أن وصلنا وجدة، وهناك رمونا على الحدود. لا أنكر هنا أننا شعرنا ببعض المواساة، عندما وجدنا السلطات المغربية في انتظارنا. لقد خفف عنا الأمر بعض الألم».

بقيت هذه الأسر التي تعتبر أسرة «ملّوك» واحدة منها في الخيام على مشارف مدينة وجدة الحدودية، لسنتين. كانت الوضعية النفسية لرب الأسرة تتفاقم، خصوصا وأن الأخبار القادمة من الجزائر كانت تقول إن ممتلكات المغاربة الذين تم ترحيلهم قد صودرت من طرف السلطات، وهكذا فقد أمله في استعادة حياته الطبيعية، وفارق الحياة سنة واحدة بعد ترحيل أسرته إلى مدينة الرباط…

Share

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى