الذكاء الصناعي والانخراط العفوي


          الانتفاضة/  ذ.بونا صر المصطفى

زماننا اليوم قد يبدو للوهلة الأولى متناميا  متحضرا، لكن الاقتراب من تفاصيله  بعمق تظهر الوقاحة والانشغالات المارقة لدرجة الشرود ،أصبح التيه مرضا مزمنا ، انخفض فيه منسوب القيم ،وعجز الكل إلا من رحم  للحلول في جبة الإنسان ، لكن أجمل ما في هذا الزمان ، انه أصبح صادقا شفافا ، عندما  تربعت تقنية الصورة كوسيلة توثيق على عرش الفائزين بالصدق والجرأة، بعد أن كان سيدا الموقف  الحرف والكلمة يكرسا الزيف و البهتان  بكلمات موزونة تغازل التردي  تخفي احتضارهما ليوم قيامة مؤجل.

انتشرت الكتابة على صفحات مواقع تتناسل دون قيود، استباحت التواصل بالقوة وليس بالفعل، وكتبت خطابات على رماد الكتب والأسفار، غاب الوجدان الجمعي عن توقيع الحضور في هذا الانخراط العفوي .

كل زياراتكم لتلك الفضاءات لم تكن بوعي آو بإذن، بل بقدرة قادر ؟

فهلا تأملتم فضاءكم العامر ؟

ركام من الخردة البالية، وإطلاق العنان للتداول في الممنوع كتطبيع الفساد ،والتفنن في كل ما هو محظور ، حيث الوقاحة عادت جرأة و صار الإنسان منكوبا رغم تخمة الحقوق ووفرة وسائل الترفيه  ، تضاعفت السخافات تناسلت النفايات وتجوفت الأفكار حين غابت المناعة لتصد سلوكيات غزت العقول دون سابق إنذار.

في ظل هذا الكسيح المختل أطلق العنان لثقافة الارتجال بعفوية متناهية، فتوثق الصورة  جملا تسجل أعمق الزلات والعثرات ،هكذا امتهنت رسميا  تسجيل تلك السكنات والحركات باسم حرية جارفة .

فهل أحسسنا بتناغم في مع دواتنا ؟

هلا توقفنا للتقييم والتأمل ؟

 كيف لوثيرة الزمان أن تنفلت في غفلة منا ؟

 وما قيمة الزمن في ثقافتنا إذا كانت هذه المواقع مقبرته ؟ 

للأسف لم نترك مساحة كافية للعقل والتبصر، رغم انخراطنا في مشروع الثقافة الكونية والتحضر، كل ما انصرم لا يمكن ترويضه، وكل ما سجله التاريخ يستحيل إعادة رسمه أو تغيير صياغته.

ماذا بقي فينا من نفحات ذلك الإنسان ؟ استقبلنا الذكاء الاصطناعي دون أي احتياطات أو تمارين استفسار؟ ، فأصبح فكرنا عقيم التفاعل مفعولا به ،بعيدا عن الفعل والتأثير، غابت سلطة التمكين السياسي، ولن تتم إعادة القراءة المتأنية للقيم الكونية لتجانس الثقافة المعرفة، ويعود وازع الأخلاق من مقومات  الهوية الثقافية ؟

التعليقات مغلقة.