بعض مراكز الاتصال تضرب قانون الشغل عرض الحائط، وتجني الأرباح على حساب معاناة الشباب وتدمير قدراتهم

الانتفاضة ـ مراكش

محمد السعيد مازغ

يتحدث كثير من الشباب عن الاستغلال البشع الذي يتعرضون له على يد مسيري مجموعة من مؤسسات مراكز الاتصال centre d’appel   بمراكش، حيث يستقبلون الشباب بوعود مغرية، تدعوهم إلى الاستفادة من تكوين جيد في عالم التواصل مع الزبناء، وبعد التمكن من آليات إغراء الزبائن وتحبيب المنتوج في نفوسهم،  ينطلق العداد لاحتساب عدد المكالمات والطلبات على المطاعم والفنادق وبعض المشتريات، ومقابل ذلك، يحصلون على مدخول مادي يتراوح بين 3000 و 5000 درهم، وطبيعي أن يشد هذا العرض المغري الطلبة والشباب الراغب في الشغل، فيلتحقون بالعمل، دون أن يطالبوا بتوثيق العقد أو بباقي الحقوق التي تربط العامل بالمشغل، وتضمن لكل حقه.

تقول إحدى الضحايا : لقد ولجت مركز اتصال بحي المحاميد، أول ما شد انتباهي الطريقة التي كان المسؤول يوهم بها المقبلين على العمل، حيث يعتمد أسلوبا يعتقد فيه الشاب أنه سيشتغل في شركة مثالية، لها علاقات متميزة مع مؤسسات تجارية بالخارج، كما أن الظروف المادية ، والسيارات الفخمة، توحي بالثراء الذي ينعم فيه صاحب المركز، وبعد استماعي لكل التفسيرات الخاصة بظروف العمل وامتيازاته، قبلت دون تردد، فتسلمت ورقة بها مجموعة من العبارات الترحيبية والمشجعة للزبون على الإقبال على المنتوج، وإيهامه بأن المركز يوجد في قلب فرنسا، وليس في أحد الأحياء المراكشية الشعبية، ومباشرة وجدت نفسي وجها لوجه مع المكالمات الهاتفية، وإغراء الزبون رغم انني أجهل كليا مدى صدق جودة المنتوج الذي اقوم بتسويقه، واستمر الحال مدة شهر كامل، فأفاجأ بأن المجهودات التي قمت بها، والساعات التي قضيتها تحت تأثير السلكي و اللاسلكي ، والمسافة التي أقطعها يوميا من أجل الوصول في الوقت المحدد، والساعات الطوال التي تتجاوز التسع والعشر ساعات، كل ذلك كان مجرد استغلال بشع من طرف المشغل الذي يتخفى وراء ان عدد الزبناء الذين وافقوا على المنتوج، ألغوا الحجوزات، وأن الشركات التي يتعاملون معها، لم تمكنهم من مستحقاتهم، ويطالبون بالمزيد من الجهد، ومن الصبر، وفي الأخير إما أن العامل يسمح في كل شيء ويغادر المكان، أو يحصل على أجر دون المستوى المطلوب، أو تتأثر شبكة الأذنين، ويضطر بدوره إلى الانسحاب ، ليستمر مسلسل استغلال الطالبات والطلبة، والشباب الباحث عن لقمة عيش شريفة، تحت طائلة الاستغلال ، وليبقى مسيروا هذه المراكز يجنون الارباح الطائلة على حساب عرق المستضعفين

وإذا كانت بعض مراكز الاتصال أو النداء القليلة تشتغل في إطار قانوني، وتحترم على الأقل بعض المعايير كالضمان الاجتماعي والتغطية الصحية، وتعمد إلى أجر ثابت، وتحفيز مادي تشجيعي على بذل المجهود والرفع من مدخول المادي للشركة، نجد في المقابل من يمتص عرق ابنائنا، ويستغل ظروفهم المادية وحاجتهم للعمل، فيأكلون الثمرة، وبلقون بالنواة أرضا

التعليقات مغلقة.