الحكومة والإجهاز على ما تبقى من قوة شرائية للمواطنين المغاربة .. ! -1-

بدأت نتائج رفع الدعم عن المحروقات تتضح في السوق، من خلال موجة الغلاء، التي مست جميع المواد الاستهلاكية والخدمات، في الوقت الذي لا يزال فيه رئيس حكومتنا  الموقر يصارع ثعابينه وعفاريته، التي تبين أنها مجرد مسرحية للضحك على الذقون، وعلى الذين لا يجيدون قراءة ما وراء الزوابع والخرجات، التي اعتاد الرأي العام الوطني عليها، وأصبح يعرف مقاصدها وخلفياتها، كلما لجأ رئيس الحكومة إليها للرد على خصومه ومعارضيه.

ترى هل لا يزال بالإمكان الرهان على هذا السلوك في التغطية على التجاوزات والأخطاء، التي ترتكب في واضحة النهار ..؟ وهل رئيس حكومتنا على علم بما أصبحت عليه القدرة الشرائية لعموم المواطنين، الذين تجرعوا في عهد حكومته أكثر من خيبة أمل، من فرط الأخطاء الإرادية، التي يصر على ارتكابها مهما كانت ردود الفعل ضدها، في جميع  المجالات ..؟ 

ترى أيضا، هل رئيس حكومتنا يعلم عن قرب، ما يكابده عموم المواطنين، مقابل تأمين حاجياتهم الأساسية من المواد والخدمات، في ظل سياسة التحرير، التي أصبح يتبناها دون النظر لنتائجها الكارثية على معيشة المغاربة، الذين يفتقرون إلى الحماية من المرض والبطالة والفقر ..؟ وهل على طاولته أبسط ملفات الحاجة والإقصاء، التي يواجهها معظم المسحوقين في الوطن ..؟ وهل يملك القدرة على ضبط أسعار السوق، وحماية القوة الشرائية لذوي الدخل المحدود ..؟ وهل يعرف عن قرب، قوة اللهيب والارتفاع الصاروخي للأسعار، الذي أصبحت عليه جميع المواد والخدمات، أم أنه لا يعلم حجم الفاتورة المرتفعة التي أصبح المواطن مطالب بأدائها، في زمن الحديث والضجيج عن التوازن الاجتماعي، وحماية ذوي الدخل المحدود، والذين لا دخل لهم من المسحوقين الذين يشكلون قاعدة الهرم المجتمعي ؟

نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، الذين اخترنا عن طواعية، أن نكون معبرين عن نبض الشارع، وطرح مطالبه والدفاع عن مصالحه، لا نملك أمام هذه الهجمة الطبقية إلا أن نحملكم السيد رئيس الحكومة المسؤولية فيما يقع، وفيما تعتبرونه مجرد احتجاجات غير مسؤولة، وأننا لن نساوم على الموقع المدني، الذي نتحدث منه معكم، حول هذا الملف، الذي يتم فيه الإجهاز على ما تبقى من قوة شرائية للمواطنين، الذين ينتظرون منكم الإنصاف والحماية والتدخل، وليس المزيد من الأعباء المالية، حتى تتمكن من توفير التوازن في ميزانيتك السنوية، التي ارتفعت فاتورة مديونتها الداخلية والخارجية، التي تعود مسؤولية تبخر توازنها إلى سياسة فريقك الحكومي، الذي لا يزال يراهن على تضحيات ذوي الدخل المحدود، والذين لا يملكون دخلا لترميم الميزانية العامة، عوض أن تكون له سياسة اقتصادية بديلة، يدفع ثمنها الأغنياء والمحظوظون أولا.

إننا في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نعتبر هذه السياسة الاقتصادية للحكومة حربا حقيقية ضد الاستقرار الاجتماعي، ومحرضا للمزيد من الاحتقان، الذي سيأتي في حالة استمراره على اليابس والأخضر، ويعرض السلم الاجتماعي إلى التداعيات والمضاعفات، التي لا يمكن احتوائها في شروط الهشاشة الاجتماعية، وتنامي البؤس في أحزمة الفقر، سواء في الوسط الحضري أو القروي، والتي تنذر نسبتها المرتفعة بشهادة تقارير المؤسسات الوطنية والأجنبية المهتمة، والتي تفرض على الحكومة استبعاد أي سياسة من شأنها الزيادة في مضاعفاتها، التي لا يمكن تجاهلها على مستوى مفعولها على استقرار النسيج الاجتماعي، الذي يظهر أن الحكومة لم تملك اتجاهه أي إستراتيجية تنموية على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد، وننصح رئيس الحكومة المحترم بالبحث عن التوازن المالي لميزانيته، بعيدا عن الفئات الأكثر بؤسا وفقرا، وتشغيل جيش الخبراء والتقنيين، الذين يوجدون في كل مصالح حكومته، للعمل في هذا المجال، إذا كان فعلا يطمع في المحافظة على ما تبقى من عوامل السلم الاجتماعي، واستكمال مدة ولايته، التي هي الآن في مهب الرياح العاتية.

إن مسحوقي الوطن، الذين ارتفعت قاعدتهم في هرم المجتمع، يتطلعون بدل تحرير الأسعار إلى سياسة بديلة، تضمن استقرارها، خصوصا في المواد الأساسية الاستهلاكية والخدمات، وحتى وإذا كان هذا الإجراء الاقتصادي التفقيري لا مفر منه، فالضرورة تقتضي منكم السيد رئيس الحكومة، مراعاة واقع هؤلاء الذين تفاقمت فيهم كل الظواهر المجسدة للانفلات الاجتماعي، التي من المؤكد أنها مطروحة على الوزراء المعنيين، ولا يتوفرون فيها على الحلول الكفيلة بالحد من إفرازاتها، التي تتصاعد وجوبا مع هذا التراجع في مستوى المعيشة والدخل والقوة الشرائية، وسيكون من الصعب عليكم تفادي النتائج الكارثية المترتبة عنها.

ولا يسعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إلا أن نذكركم بواجباتكم الحكومية والدستورية، حتى لا يجد الوطن نفسه في ظروف أخرى لا أحد يعلم خطورة نتائجها، وهذا ما لا نريده  للوطن، الذي تتحملون مسؤولية تدبيره الحكومي بصفة مباشرة، فهل من عدول على هذا الإجراء الاقتصادي، الذي لن يكون إلا امتدادا لما خلفه قرار الزيادة الأولى في المحروقات من غضب وغليان مجتمعي، لا زلتم تواجهون آثاره المدمرة حتى الآن ..؟

 

الأمانة العامة

للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة

 

التعليقات مغلقة.