قراءة في احصائيات العنف ضد النساء والفتيات من خلال عمل منصات الاستماع والدعم النفسي والقانوني

الانتفاضة

منذ بداية الاعلان عن تدابير حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي، وضعت شبكة الرابطة انجاد ضد عنف النوع منصة للاستماع رهن إشارة النساء هدفها استقبال اتصالات النساء من مختلف مناطق المغرب، و لقد عرفت هاته الاتصالات تزايدا مطردا طيلة مدة الحجر الصحي.

ونعرض في هذا التقرير الاحصائيات المرتبطة بظاهرة العنف ضد النساء والفتيات في الحجر الصحي، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 16 مارس و 10 يوليوز 2020 .

  • عدد الحالات :

استقبلت منصة الاستماع السالفة الذكر 1184 اتصالا هاتفيا للتصريح بالعنف من 685 امرأة عبر مختلف التراب الوطني، و قد لاحظت فيدرالية رابطة حقوق النساء عند تحليلها لهاته المعطيات ان العنف المبني على النوع قد ارتفع خلال فترة الحجر الصحي بنسبة كبيرة على الرغم من ان ظروف الحجر الصحي لم تتح لكل النساء والفتيات ضحايا العنف امكانية التبليغ عنه والتصريح به، كما يتضح من خلال الجدول ادناه.

  2019 2020 نسبة الزيادة نسبة التضاعف
عدد النساء ضحايا العنف 418 685 63.87% 1,6 مرة

يتضح من خلال تحليل المعطيات السالفة الذكر ان العنف الممارس ضد النساء خلال الحجر الصحي قد تفاقم وزادت حدته وذلك راجع لعدة عوامل منها على وجه الخصوص :

  • ظروف الحجر الصحي التي تجعل كل مكونات العائلة من رجال ونساء يقتسمون نفس الفضاء طيلة 24 /24 ساعة و 7/7 ايام في الاسبوع وبالتالي الضحية اصبحت باستمرار مع المعنِّف؛
  • سيادة الفكر الذكوري، حيث أن الضغوط الاقتصادية والنفسية تزامنت مع الحجر الصحي وجعلت الرجال يصبون غضبهم وعنفهم على النساء والفتيات الحلقة الأضعف داخل الأسر؛
  • عدم الحسم في تطبيق تدابير حماية النساء والفتيات من العنف واصدار احكام رادعة في قضايا العنف ضد النساء يجعلان العود والاستمرارية من خصائص العنف ضد النساء بشكل عام واثناء الحجر الصحي بشكل خاص؛
  • فقدان العديد من النساء والفتيات المعيلات للأسر لمورد رزقهن خاصة العاملات في القطاع غير المهيكل، جعل عنف الأزواج وباقي افراد العائلة يتضاعف عليهن لعدم قدرتهن على الاستمرار في الانفاق والاستجابة لطلبات المعنفين المادية التي لا تنتهي خاصة منهم المدمنين على المخدرات و الكحول…
  • أشكال العنف المصرح بها :

سجلت فدرالية رابطة حقوق النساء ما مجموعه 2543 فعل عنف مورس على النساء والفتيات بمختلف انواعه وتجلياته خلال الفترة ذاتها حيث شكل العنف النفسي أعلى نسبة كما يوضح ذلك الجدول و المبيان اسفله :

النسبة المئوية العدد أشكال العنف
49.4 1280 النفسي
26.1 676 الاقتصادي-الاجتماعي
15.5 401 الجسدي
4.7 122 القانوني
3.8 99 الجنسي
0.5 12 الالكتروني
100 2590 المجموع

يلاحظ من الأرقام السالفة الذكر أن العنف الذي مورس على النساء خلال فترة الحجر الصحي يتصدره العنف النفسي بكل أفعاله ولاسيما أفعال السب والشتم والاهانة وسوء المعاملة والتهديد بشتى أشكاله، ولعل ذلك راجع لسبب رئيسي وجوهري كون العنف النفسي هو عنف ملازم لباقي أشكال العنف الأخرى وخاصة منها العنف الجسدي والجنسي في جميع الحالات تقريبا، بالإضافة للحالات التي يمارس فيها العنف النفسي بمعزل عن باقي أنواع العنف الأخرى. وهنا لابد من الإشارة لكون النساء عشن العنف النفسي بشكل مضاعف خلال الحجر الصحي، فبالإضافة للضغوطات المرتبطة بالخوف من الوباء ومن مستقبل باتت معالمه غير واضحة، الشيء الذي أكدته المندوبية السامية للتخطيط في بلاغ لها صدر بتاريخ 11 يوليوز 2020 والذي اكد على أن ربات البيوت تعرضن للضغط بسبب الخوف من خطر فيروس كورونا أكثر من نظرائهم الرجال. فبالإضافة لكل هاته الضغوطات النفسية، ينضاف لذلك العنف المسلط من قبل الرجل. يأتي بعد ذلك العنف الاقتصادي والاجتماعي الذي تفاقم بدوره بشكل كبير خلال الحجر الصحي. ونسجل هنا ما يلي : إن عدم الإنفاق على النساء والأطفال تصدرت أفعال العنف التي مورست على النساء. كما ان تعليق عمل المحاكم خلال فترة الحجر الصحي جعل ملفات النساء المتعلقة بالنفقة والمستحقات الناتجة عن الطلاق او غيره تراود مكانها، و النتيجة نساء من دون مورد.

أما المرتبة الثالثة فيحتلها العنف الجسدي بنسبة 16% حيث تم تسجيل 401 فعل عنف جسدي منها حالة قتل لسيدة و حالة محاولة قتل لسيدة اخرى.

في حين بلغت نسبة العنف الجنسي 4%، حيث سجلت منصة الاستماع العديد من حالات العنف الزوجي التي صرحت به النساء. كما سجلت المنصة 12 حالة عنف تدخل في خانة العنف الجنسي رغم أن هذا العدد لا يعكس الواقع وذلك راجع لعدم قدرة النساء على التصريح بالعنف واكتفائهن بتغيير أرقام الهواتف أو الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي. وكباقي افعال العنف المبني على النوع، فان عدم تصريح النساء والفتيات به راجع لتحميلهن مسؤولية العنف الممارس عليهن وتجرئهن على الحديث مع الرجال وخلق علاقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

  • علاقة مرتكب العنف بالضحية:
العلاقة

العدد

الزوج الخطيب الطليق الصديق أحد أفراد العائلة الجار آخر المجموع
العدد 517 05 61 27 48 07 20 685
النسبة المئوية 75.5 0.7 8.9 3.9 7 01 2.9 100

يتبين من خلال النسب السالفة الذكر ان العنف الزوجي سجل أعلى النسب خلال فترة الحجر الصحي حيث بلغ84.4%  بما فيه عنف الطليق كاستمرار للعنف الزوجي رغم ان العلاقة منتهية.

فإذا كانت المنازل الفضاء الأكثر أمانا في ظل تفشي فيروس كوفيد 19 ، فانه لم يعد كذالك بالنسبة للنساء اللواتي عانين من العنف الزوجي بكل أشكاله وتمظهراته وكل تداعياته على صحتهن الجسدية والنفسية.

ان ارتفاع نسبة العنف الزوجي خلال الحجر الصحي يطرح عدة تحديات مرتبطة من جهة بقانون مناهضة العنف 103-13 والتدابير التي يحتوي عليها من اجل حماية الضحايا ووقايتهن من عنف يلازمهن في فضاء من المفترض أن تنعم فيه النساء بالأمن والأمان، بحيث أن هذا القانون يبقى قاصرا فيها يخص حماية النساء او حتى من حيث تجريم بعض أفعال العنف التي تعاني منها النساء في صمت، ونخص بالذكر هنا الاعتداءات الجنسية ضد الزوجات وخاصة الاغتصاب.

ومن جهة اخرى فان ارتفاع وثيرة العنف الزوجي يسائل الدولة حول مدى تطبيق القانون 103-13 في الشق المتعلق بالتدابير الحمائية ولاسيما تدابير الإبعاد وتوفير الايواء للضحايا والناجيات من العنف والتي كان من المفترض ان تطبق خلال الحجر الصحي بشكل تلقائي من طرف النيابات العامة حتى قبل ان يحال الملف على المحكمة في حالة المتابعة وذلك ضمانا لأمن النساء وحفاظا على حياتهن .

ان العنف الزوجي المتفاقم خلال الحجر الصحي، يسائل كذالك الدولة عن مدى توفر منظومة متكاملة للتكفل بالنساء ضحايا العنف والناجيات منه، هدفها حماية النساء عبر التدخل السريع والحازم والتنسيق المحكم والفعال بين كل المكونات وأكثر من هذا سن سياسات عمومية ناجعة وفعالة وفق ميزانيات ملائمة للتطبيق والتفعيل.

كما عرف العنف الأسري نسبة 7, % ويتضمن افعال العنف الممارس على النساء من قبل أفراد الأسرة، حيث صرحت العديد من الفتيات بتعرضهن للعنف من طرف الاخوة الذكور او الآباء خلال هاته الفترة العصيبة، كما يشمل العنف الاسري العنف الممارس من قبل عائلة الزوج.

ج : الخدمات المقدمة من طرف شبكة انجاد خلال الحجر الصحي:

استمرارا لعملها المرتبط بمناهضة العنف ضد النساء عبر تقديم خدمات الدعم والمصاحبة للضحايا والناجيات
 منه ومساهمة منها في تخفيف اثار العنف على النساء والفتيات خلال فترة الحجر الصحي، قامت شبكة الرابطة إنجاد
ضد عنف النوع، عبر منصات الاستماع والدعم النفسي والمساعدة القانونية، بمواكبة المتصلات طيلة هاته الفترة العصيبة عبر خدمات متنوعة يوضحها بتفصيل الجدول أسفله.

العدد

الخدمات

العدد النسبة المئوية
الاستماع 1184 40.2
الاستشارة القانونية 663 22.5
الاستشارة من قبل محامي/ة 446 15.1
تقديم شكايات لفائدة النساء 72 2.4
الدعم النفسي 136 4.6
التنسيق مع النيابات العامة 130 4.4
التنسيق مع الضابطة القضائية 93 3.2
التنسيق مع المستشفيات 36 1.2
التنسيق مع المجتمع المدني 50 1.7
التنسيق مع السلطات المحلية 31 1.1
التنسيق من اجل ايجاد مأوى للنساء 100 3.4
المرافقة 04 0.1
المجموع 2945 100

تسجل فدرالية رابطة حقوق النساء بشكل عام ان التنسيق بين مختلف المتدخلين في مجال التكفل بالنساء والفتيات ضحايا العنف كان ايجابيا بحيث تفاعل المتدخلون كل حسب اختصاصه من اجل تسهيل ولوج النساء والفتيات للخدمات المتاحة خلال هاته الفترة الاستثنائية التي تطلبت مجهودا مضاعفا من الجميع من اجل تخفيف اثار العنف على النساء والفتيات .

ولعل من بين الخدمات التي تبينت اهميتها خلال هاته الفترة وبانت استعجاليتها هي خدمة الايواء كآلية من آليات حماية النساء من العنف. فبالرغم من ان السلطات العمومية الوصية على هذا القطاع حاولت ايجاد حلول مؤقتة لإيواء النساء عبر تسخير بعض دور الرعاية الاجتماعية الأخرى كدار الطالبات وغيرها للإيواء، إلا أنها تبقى حلولا مؤقتة وتُسائل القطاع المعني عن التدابير التي اتُّخذت قبل الجائحة وما سوف تتخذ بعدها من اجل توفير هاته الخدمة الحيوية بشروط تراعي خصوصية العنف الممارس ضد النساء ووفق استراتيجية للتدخل تجعل من مقاربة النوع والمقاربة الحقوقية منهجها من اجل تكفل ضامن للنساء والفتيات ضحايا العنف والناجيات منه.

التعليقات مغلقة.