*الزاهيد مصطفى/أستاذ الفلسفة بني ملال المغرب
تابعنا جميعا الحراك الذي عرفه العالم من بلاد فارس إلى شمال إفريقيا،(الحراك الذي عرفته أوروبا اسبانيا وول ستريت واليونان نعود إليه لاحقا)، والذي قاده العبيد الجدد حالمين بتحسين شروط استعبادهم، في زمن تاريخي، يصدقون فيه أن هناك من داخل هذا العالم الذي تقوده الإمبريالية، ويحكمه الرأسمال العالمي، إمكانيات للعيش الكريم الذي يتأسس على المبادئ الإنسانية الكبرى التي راكمها الإنسيون عبر تاريخنا البشري الطويل، فقد وقفنا في هذا الحراك على العديد من المفارقات، عبرت عنها الأنظمة الغربية والعربية في التعامل مع مطالب المحتجين، ولم يستثنى من هذا الحراك أيضا مفارقات “النخبة” السياسية والثقافية التي أبانت عن انحياز كبير للقوة على حساب الحق، وللمصالح الذاتية على حساب الإلتزام تجاه التاريخ والقيم الإنسانية، وفي قلب هذه المعارك كانت القوة تدير الوعي والرأي العام العالمي حول ما يجري بالقوة الناعمة، ففي بلد مستهدف سميت الأحداث بالثورة، وفي بلدان أخرى تم غض الطرف والإكتفاء بالنقل الباهت للمسيرات، وهو ما يبين في العمق أن تحالفات استراتيجية وقوى عالمية تدير الحراك، لكن في قلب كل هذه الحراكات تم التركيز على الشرق الأوسط، وخاصة سوريا التي تحولت ساحتها إلى حرب دولية، ولست هنا بصدد تقديم موقف ذاتي من الحرب السورية، حتى لا يطالبني ضحايا التصنيفات (هل أنت مع أو ضد ؟)، وهو الخطاب المغلوط الذي يخفي تعميما وتأسيسا خطيرا للطائفية على مستوى جميع البلدان، من بلاد فارس إلى شمال إفريقيا، بل أؤكد أنني هنا بصدد تقديم ملاحظات منهجية في النظر إلى هذه الحرب، وأعتقد بنظري المتواضع أننا مطالبون بضرورة التمييز في الحرب السورية اليوم بين منظورين لنتمكن من مقاربتها:
-
المنظور الأخلاقي: الذي يجعل نظرتنا للحرب محكومة بعواطفنا، العواطف هنا ليست الرغبات الذاتية العمياء بالمعنى الشوبنهاوري التي تخترق النسق وتشقه، بل الإندفاعات التي تتشكّل في العمق من شدة الصبيب الإعلامي، والقصف الإيديولوجي الذي نتعرض إليه من خلال البث الكثيف للصور، ومن خلال التدخل في الصور وفي صناعتها، ننظر إلى الوضع ونحكم عليه بناءا على انفعالات وجدانية مبنية على الاستنكار والرفض للبشاعة، وكذلك من خلال الأجراء الذين تقدمهم كبريات الوكالات الإعلامية بكونهم خبراء في الإستراتيجيات، والأمن القومي، الحرب والمستقبل، وغيرها من الألقاب التي تمنح لهم كسلطة رمزية تشرعن خطاب تلك الوكالات، التي تمارس نوعا من العنف الرمزي على المشاهدين ليقبلوا بذلك الخطاب دون تشكيك أو تمحيص، مادام قائله يملك الخبرة والحضور الإعلامي(خاصة الخبرة الاكاديمية والتقنية).
التعليقات مغلقة.