کثيرا ما تقع أجهزة المخابرات في تخبط، حين لا ترتقي للصورة المثالية التي تابعناها قديما في الأفلام البريطانية والتي جسدها جيمس بوند الشهير برقم “007” وتشير الدراسات التي قام بها خبراء استخبارات إلى أنه حتى أكفأ أجهزة الاستخبارات التي تعمل في أغلب الأوقات في الخفاء بنجاح أخذت أيضا حظها من الأخطاء العامة جدا، ويمکن حصرها في التالي:
– عام 2010 اتهم جهاز المخابرات “الموساد” بإرسال فرقة إعدام لاغتيال عضو في حركة حماس داخل فندق في دبي، حيث التقطت تسجيلات فيديو صورا للمنفذين المحتملين يتتبعون محمود المبحوح في الفندق ووزعت شرطة دبي صورهم على وسائل الإعلام.
– في عام 1997 حاول ضابطان من الموساد ادعيا أنهما سائحان كنديان رش سم داخل أذن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي في حركة حماس بالأردن، وضبط الاثنان وتسبب الحادث الفاشل في استقالة رئيس الموساد.
– في عام 2004 أدين ضابطا مخابرات روسيان في قطر فيما يتعلق باغتيال الزعيم الشيشاني – سليم خان يانداربييف – وكانت صحيفة واشنطن بوست ذكرت أن الشرطة تمكنت من تعقب سيارة كانت متوقفة قرب موقع الهجوم والوصول لوكالة لتأجير السيارات المالكة للسيارة، حيث التقطت كاميرات المراقبة فيها لقطات للمنفذين.
– في عام 2005 أصدرت محكمة إيطالية أمرا بالقبض على عملاء في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية للإشتباه في تورطهم في خطف مواطن مصري يدعى حسن ناصر في ميلانو ونقله بالطائرة إلى مصر لاستجوابه، في عام 2003 وأظهرت وثائق المحكمة أن العملاء تركوا عددا كبيرا من الوثائق عن إقامتهم في إيطاليا ومنها بطاقات عملاء عندما كانوا يستأجرون غرفا في فنادق.
– في عام 1999 أدى الهدف الوحيد الذي اختارته وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية CIA لحملة حلف شمال الأطلسي لقصف يوغوسلافيا التي استمرت 11 أسبوعا إلى الهجوم الأمريكي على السفارة الصينية في بلغراد.
– ولعل أشهر الأخطاء الكارثية التي وقعت فيها الوكالة فشلها في إحباط مخطط 11 شتنبر الشهير بالفيلم المشبوه، الذي تسبب في دخول أمريكا في حرب طويلة في أفغانستان ومطاردة ماراثونية للقبض على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، ووصف تقرير للمفتش العام أن إخفاق الوكالة قبل 11 شتنبر كان مروعا (…).
– ومن الأخطاء التي وقعت فيها الوكالة وجعلتها تبدو كـ”هاوية” كشفها المتأخر جدا في 1994 لأحد أشهر الجواسيس الذين يعملون لحساب المخابرات السوفيتية “كي جي بي” والروسية لاحقا وهو الأمريكي – آلدريتش آيمز – الذي تسبب في أكبر شرخ أمني في تاريخ الوكالة وتسبب في خسائر جسيمة لها، والقائمة طويلة وهنا الحديث عن کبريات وکالات الإستخبارات العالمية العظيمة والتي تعتمد المال والخبرات العالية والطواقم البشرية المتفوقة الذکاء والذهاء والتحول في کل القوالب، فماذا نعرف عن أخطاء أجهزتنا ولماذا لا نقرأ عنها شيء؟
فهل لا توجد أخطاء عند أجهزتنا؟
أم أن هذا يدخل ضمن أسرار الإدارة والخطوط الحمراء، لکن يجب أن لا ننسی أن عمل الإستخبارات کثيرا ما يعتمد علی عناصر مدنية من عامة المواطنين حتی تکون عيون الأمن حاضرة في کل شيء ولأننا ندرك أن عين المواطن تؤدي دور الواجب الوطني للدفاع عن الأمن القومي باعتبار أننا جميعا جنود البلد وحراسه من کل خطر أمر يلزمنا جميعا دون شرط، وتحضرنا محطة مهمة دشنها الجيل الأول من مغاربة العالم بداية السبعينات حينما کانت جمعيات الوداديات بالخارج تؤدي دور الحارس والمدافع عن السيادة الوطنية وعن العلم الوطني وشعاره الخالد، جمعيات کانت حاضرة تصد مناورات الخصوم والمعارضة وکان لها وقع قوي ولاتخشی في حب الوطن لومة لائم، من هنا تفرعت الفکرة وتم استعمال دور المتعاونين کل من زاوية تواجده وهذا ليس عيبا أو سرا بل هي قاعدة دولية لأغنی الأجهزة الإستخباراتية العالمية، في أن هناک اختلاف في تطوير مهارات استعمال المخبرين أو المتعاونين وکيفية إخفائهم وحمايتهم خوفا علی حياتهم ومسارهم العملي وخشية من تعرض الجهاز للوم أو العقوبات الدبلوماسية والعلاقات بين البلدين.
ما جرنا للکتابة عن هذا الملف ولو أنه قد يبدو في نظر البعض خط أحمر، لکن في حقيقة الأمر هو أمر يلزمنا معرفة بعض خصوصياته التي حينما تخرج إلی الإعلام تصبح حقا في المعلومة وتصبح أيضا حديث الشارع وقد يفسرها الرأي العام تفسيرات خاطئة تتحول إلی شبهات وتأويلات وإشاعات وتنقلب إلی جهات أخری ليتم استغلالها خطأ وضد البلد، تماما کما حصل في المملكة البلجيكية، حينما نشرت وزارة العدل ومعها الإعلام البلجيکي أسماء معينة تتهمهم بالتجسس لصالح بلد أجنبي وذکرتهم بعينهم ولوحت بسحب الجنسية البلجيکية عنهم ونذکر منهم کما تم نشره علنا….ببلجيكا..صلاح..لحسن..حسن..بوشعيب..الطاهر..والقائمة طويلة فيما احتفظت بأسماء أخری قد تلوح بها لاحقا.
فلو تأملنا عمقا لماذا لجأت الدولة البلجيکية إلی استعمال هذه الأساليب الضاغطة علی المغرب وهي في الحقيقة ردة فعل بلجيکية مقصودة لرد الإعتبار علی حدث أمني بارز حصل في سنة 2008 سنة اعتقال المدعو عبد القادر بلعيرج، وهو الملف الذي أشعل غضب البلجيکيين وصدرت بعده قرارات بإبعاد موظفين أمنيين من التراب البلجيکي وتحولت العلاقة بين البلدين إلی نقطة ساخنة کتبت عنها الجرائد البلجيکية ما کتبت ضد المغرب في الوقت الذي صمت الإعلام المغربي واکتفی بما تم تسريبه من الإدارة المغربية واعتباره سبقا صحفيا دون أي تحليل ولا رد علی مقالات الإعلام البلجيکي الذي تناول ملف بلعيرج من زاوية تخدم مصالح الأمن البلجيکي الإستخباراتي وتدين موقف المغرب وتعتبره مسا صريحا في بنود الاتفاقيات الأمنية الخاصة بالتعاون والتشارك.
التعليقات مغلقة.