تجار الأزمات …..!!!

الإنتفاضة : بقلم عبد الغني رشيق

الوباء المستجد كوفيد 19 الذي خيم بضلاله على العالم برمته طيلة سنة بالكامل أنهك إقتصاد الدول الرائدة بل غير خرائط أسواق عالمية إنطلاقا من العرض والطلب وأفقد شرائح هامة لمصادر أرزاقها معه تقبلنا الأمر بكل موضوعية بحكم إرتباطنا بالمنظومات والمنظمات الدولية سواء الإقتصادية أو الصحية ويبقى القطاع المتضرر بنسبة كبيرة من الجائحة بعد الخدمات هو التعليم كونه يشكل قاطرة التنمية وتكوين الخلف للميادين العلمية المرتبطة بالبحث خصوصا والعالم يقف مكتوف الأيدي وعاجزا حتى الآن عن إيجاد اللقاحات القادرة على محو نكسة الوباء التي أودت بحياة الآلاف من ساكنة المعمورة
التعليم هو القاطرة بل هو المركز الذي تدور حوله كل عجلات النمو بمختلف الأقطار التي تعطي قيمة للمتمدرس قبل المعلم ومرة أخرى نتأكد في هذه البقعة المنكوبة أو مايصطلح عليها بقرية الغرائب والعجائب أن كورونا التي ولدت ركودا مرحليا في مشاريع الطبقة البورجوازية شكلت فرصة سانحة للإغتناء السريع لشرذمة من مصاصي الدماء ومستنزفي جيوب الفقراء لكونهم لا يستحقون لقب رجال التعليم وإليكم التفاصيل
هذا اليوم كانت لي جلسات مباشرة مع مجموعة من الأصدقاء تبادلنا فيها الحديث حول أبنائهم ومسارهم التعليمي خصوصا بعد توصلهم بنتائج الدورة الأولى من السنة الدراسية الجارية فكانت المفاجئة التي تتطلب من الجهات المسؤولة التحقيقات المستعجلة ووضع حد للإستنزاف والتفقير الذي يطال جيوبهم
هي جريمة تابثة الأركان أبطالها من لا يستحقون صفة الرسل بقدر ماهم إلا شياطين آدمية هدفها الإغتناء السريع وإمتلاك العمارات والسيارات الفارهة والتهاون في أداء مهامها بفصول الدراسة وتحويل منازلها إلى بورصات للمزايدة في سقف ربح وعائدات الساعات الإضافية مقابل سخاء في النقط الممنوحة للمستفيذين ليبقى المستهدف الأول هم أبناء المحتاجين أولا للرغيف قبل توفير ثمن ساعات الدعم المفروض
هي المصائب لا تأتي فرادى حيث أن شريحة عريضة فقدت شغلها نتيجة تداعيات الجائحة وتراجعت ميزانيات العديد من القطاعات كان لزاما على الجهاز الوصي على القطاع أن يخرج بتوليفات إستعجالية تتماشى مع البنيات التحتية المشروخة للمؤسسات التربوية فكان أولها تقليص عدد ساعات التمدرس بناءا على التفويجات الثنائية وتتميمه بحصص التعليم الذاتي المعتمد على الهواتف الذكية بل وصل حد إلغاء في إمتحانات الموحد لنيل شهادتي التعليم الأساسي والثانوي الإعدادي وهو ما إعتبره أخطبوط الإستنزاف فرصة ذهبية لزيادة الشحم في ظهر المعلوف ووسيلة لي أدرع أولياء الأمور الذين أكدوا على أن أبنائهم يتعرضون لأبشع طرق الضغط من طرف أساتذتهم حيث النقط مقابل الإستفادة من حصص الدعم بمبالغ مرتفعة مابين 500 و 700 درهم شهريا وخصوصا في المواد العلمية بل حتى أسئلة المراقبة المستمرة يتم تسريبها للمنعم عليهم مسبقا وهو ما يبشر بمستقبل كارثي للتعليم بعيدا عن شعارات تكافؤ الفرص والكفاءات والقاعدة الصلبة المبنية على التنافس الشريف وربما الإمتحانات الجهوية كفيلة بتعرية كل الحقائق بالرغم من عمليات النفخ في نقط المراقبة المستمرة والخطير في الأمر أن فئة كبيرة من التلاميذ خصوصا اليافعين أصيبوا بصدمات نفسية بسبب عدم تقبل إذلالهم بهذه الطريقة الدنيئة لتأكدهم المطلق أن رفاقهم المنعم عليهم أقل مستويات بكثير مما يغير إستراتيجية تحصيلهم مادامت الغاية تبرر الوسيلة.
وحتى لانكون مجحفين أو ناكرين للمعروف أو نحكم بمنطق وضع كل البيض في سلة واحدة هناك قاعدة عريضة من رجال التعليم الشرفاء الذين يضحون بالغالي والنفيس من أجل تباث المنظومة على سكتها السابقة ومن هذا المنطلق يجب عليهم أن يقفوا وقفة الصمود المعهود فيهم لأن نواقيس الخطر تدق في جدران محرابهم وتريد تشويه سمعتهم والإساءة إلى تلك المدرسة العمومية التي أنجبت جهابدة الأدب وعلماء الهندسة وحكماء المستشفيات وأعلام السياسة وأيقونات النضال وفي إنتظار تحرك الجهات المعنية وفي مقدمتها المديرية الإقليمية للتعليم بالرحامنة يتوجب على جمعيات آباء وأولياء التلاميذ أن تقوم بالدور المنوط بها في الدفاع عن المصلحة العامة قبل أن تستفحل الظاهرة وتصبح شرا لابد منه
ختاما وليس أخيرا مشاكل التعليم كثيرة والتخريب مستمر بطريقة تدريجية منذ عقود مضت في غياب مقاربة شمولية وبالتالي فالإصلاح يتطلب منا إتخاذ عدة إجراءات تمس كل ما يتعلق بمنظومة التعليم بدءا بتكوينات ومقررات ووسائل وطرق تقويم وهذا لن يتأتى إلا بوجود إرادة سياسية صادقة للإصلاح الشيء الذي نفتقده حاليا ومع كل هذه المطبات لازلنا نحن إلى الزمن الجميل وتضحيات رجاله الكرام فتحية إجلال وتقدير لكل من علمنا أبجديات القراءة لكل من أحرق دمه لكي يوصلنا رسالته لكل من لازال يسأل عن أحوالنا رغم كبرنا لكل من لازالت شموعه تضيء الطريق لأبناء الفقراء والخزي والعار لشرذمة الأوغاد التي فضلت الماديات عن التوابث وليتذكروا أنه مهما عاشوا في هذه الدنيا لن يأخذوا منها إلا شبرا وبضع أصابع وقتها لن تنفعهم لا العمارات ولا السيارات إلا علم ينتفع به أو تلامذة صالحون عوض الأبناء يذكرون لهم              تحرير : عبد الغني رشيق

التعليقات مغلقة.