الانتفاضة
توصلت جريدة الانتفاضة ببيان من النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية بمناسبة اليوم العالمي للمسرح الذي يصادف27 مارس 2020 هذا نصه :
“تحل يومه الجمعة 27 مارس 2020 ذكرى اليوم العالمي للمسرح، وكل مسارح العالم مغلقة، والممثلون وصناع الفرجة المسرحية في عطالة مؤقتة واضطرارية، جراء تفشي وباء كورونا عبر القارات.. والمغرب ومسرحيوه في ذات الخندق، في التزام تام بقواعد اللعبة الحربية ضد الفيروس الغاشم.. ومع ذلك، فنحن – معشر فناني الدراما – مجبلون على خلق هوامش للفرح ومسالك لمواصلة الإبداع والاحتفاء بالمسرح والانتصار للجمال والحياة… إلا أننا نعيش اليوم، في المغرب وفي كل أرجاء العالم، ظروفا صعبة تنضاف لطبيعة عملنا المتسمة أصلا بالهشاشة والمخاطر كغيرنا من المهن التي نقتسم معها نفس الطبيعة، وهي ظروف لم نخترها بمحض إرادتنا، إنما حتمتها علينا عوامل خارجية مفروضة لحماية الناس والحياة، والمتمثلة في إجراءات الحجر الصحي لمواجهة تفشي الفيروس اللعين حتى لا يتمادى في خنقنا وخنق البشرية جمعاء.. ومن ثمة دعت الضرورة القصوى إلى إغلاق المسارح وفضاءات العروض الفنية، وبالتالي توقيف عجلة الإنتاج الدرامي وضياع وفقدان فرص الشغل في هذه الظرفية بالذات حيث ربيع المسرح يزدهر عادة بالعمل والعروض والفرجات، …
أمام هذه الظروف القاسية، والتي تعيشها شرائح واسعة من المواطنين المتسم عملها بتقطع الدخل، بادرت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية إلى إصدار بلاغ بتاريخ 14 مارس 2020، تحث فيه منخرطيها وسائر الفنانين على التعامل الجدي والإيجابي مع التوجيهات الصادرة عن السلطات الحكومية المختصة، الأمنية والصحية، ومنها “الامتثال لكل الإجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية المعنية لمواجهة (فيروس كورونا المستجد)، وأهمها تجنب التجمعات واتخاذ الاحتياطات اللازمة والالتزام بشروط الوقاية الضرورية”.. وبتاريخ 17 مارس 2020 وجه المكتب الوطني للنقابة رسالة للسيد رئيس الحكومة يشعره فيها أن النشاط الفني عموما، وفنون العروض الحية تحديدا، من النشاطات المهنية التي تتوقف ممارستها على وجود التجمعات الكبيرة للأفراد، سواء داخل القاعات أو خارجها. وقد أدت الإجراءات الاحترازية في الظرف الحالي إلى اتخاذ القرار بوقفها أو تأجيلها أو إلغاء عدد من المواعيد التي كانت مبرمجة. ويتفهم سائر الفنانين المغاربة، ومنهم مهنيو الفنون الدرامية، هذه الإجراءات، ويعتبرونها أمرا ضروريا، بل مطلوبا ومحمودا، للحد من تفشي الوباء، لأن السلامة الصحية للمغاربة فوق كل اعتبار وهي انشغالهم الأول. غير أنه من الواجب أيضا، ومع تقدير طبيعة الظرف الاستثنائي وإكراهاته، التنبيه إلى أن هناك كلفة اجتماعية شديدة على العاملين في المجال كغيرهم في مجالات أخرى، ممن لا مورد لهم سوى عملهم المتواصل والمتسم بالتقطع، والذي يتعذر عليهم ممارسته في الظرف الراهن، مما يمس لا محالة بالشروط الدنيا للعيش لفئة واسعة من هذه الشريحة؛ بالنظر إلى حالة الهشاشة الاجتماعية التي يعاني منها القسم الأكبر من العاملين في المجال الفني… والتمس المكتب الوطني في رسالته للسيد رئيس الحكومة النظر في مقترحات تخص تطبيق إجراءات استعجالية تهم الوضع الاجتماعي الخاص بمهنيي الفنون الدرامية الحية والمسجلة وفنون العرض عموما في ظل الإجراءات المتخذة لمواجهة “فيروس كورونا” (كوفيد19)، ومنها:
تبسيط المساطر والإسراع بصرف ما تبقى من دفعات الدعم العمومي الذي تمنحه للمؤسسات والفرق المسرحية، كل من وزارة الثقافة والشباب والرياضة – قطاع الثقافة، والوزارة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وكذا المؤسسات التابعة لها، وذلك بالنسبة لكل المؤسسات والفرق التي أنهت التزاماتها حتى تتمكن من استيفاء ديونها على الدولة وأداء أجور المهنيين؛
تعطيل البنود المتعلقة بآجال الدفعات في العقود المبرمة ما بين الداعمين الحكوميين والمؤسسات التابعة لهم والجماعات الترابية بالنسبة للالتزامات غير المكتملة التنفيذ، وفق ما هو منصوص عليه في النصوص التنظيمية المعتمدة لهذه الغاية، وتسبيق جزء من المبالغ المتفق عليها في العقود إلى حين استكمال تنفيذ الالتزامات بعد انفراج الأزمة؛
فرض تطبيق مقتضيات المادة 17 من الباب السابع من قانون الفنان والمهن الفنية فيما يخص الأعمال الفنية غير المشمولة بالتوقيف إلى حد الساعة (تاريخ المراسلة) في بلاتوهات التصوير التلفزيوني والسينمائي وكذا الأعمال الإذاعية والسمعية البصرية بشكل عام والقاضية بوجوب منح أقساط من الأجور كل خمسة عشر يوما، عكس الممارسات الحالية التي لا تحترم هذه المادة في العقود الفنية؛
تسبيق توزيعات المكتب المغربي لحقوق المؤلف والإسراع في تنزيل الحقوق المجاورة لتمكين الفنانين المؤدين في أقرب الآجال من مستحقاتهم فيما يخص مداخيل النسخة الخاصة لمواجهة تداعيات الأزمة الاجتماعية حاليا ومستقبلا؛
وغير ذلك من التدابير الممكنة لإدارة الأزمة ولاسيما ما يتعلق بمورد عيش فئات هشة لم يتصادف فترة ما قبل الوباء مع فترة نشاطها.
هذا، وإننا في النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، إذ نجدد تنويهنا وإشادتنا بالإجراءات الحكومية الجريئة، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره، لمواجهة تفشي فيروس كورونا ولحماية الشعب المغربي من كل وباء وبمختلف شرائحه الاجتماعية، وإذ نحيي عاليا المبادرة الملكية السامية في إحداث صندوق “خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا”، بحيث سيتم رصد جزء من اعتمادات هذا الصندوق لدعم الاقتصاد الوطني… “لا سيما فيما يخص مواكبة القطاعات الأكثر تضررا بفعل انتشار فيروس كورونا… وكذا في مجال الحفاظ على مناصب الشغل والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة”.. فإننا نسجل بارتياح كبير الإجراءات المتخذة لدعم الاقتصاد الوطني والفئات المتضررة من فقدان مناصب الشغل، مناشدين الجهات الحكومية المعنية اعتبار جزء من العمالة الثقافية معنية بهذه التدابير الاستعجالية والمصاحبة لخطة الحكومة في إجراءاتها الوقائية سواء أثناء الأزمة أو ما بعدها.. لا سيما أن:
أولا: المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها” ينص في مادته السادسة على ما يلي: “يوقف سريان مفعول الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة.” ولعل هذه المادة ستفيد في الإجابة على الإجراء الثاني المرتبط بـ “تعطيل البنود المتعلقة بآجال الدفعات في العقود المبرمة ما بين الداعمين الحكوميين والمؤسسات التابعة لهم والجماعات الترابية بالنسبة للالتزامات غير مكتملة التنفيذ…”
ثانيا: مذكرة السيد وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة الموجهة، بتاريخ 26 مارس 2020، لأعضاء الحكومة والمندوبين السامين والمندوب العام والرؤساء والرؤساء المديرين العامين ومديري المؤسسات والمقاولات العمومية، قصد “تسريع وتيرة تسديد مستحقات المقاولات”، والتي جاء فيها أنه “صار من اللازم اتخاذ إجراءات استعجالية لتسريع صرف مستحقات المقاولات لدى الإدارات والمقاولات والمؤسسات العمومية، وذلك حتى يتسنى لها الوفاء بالتزاماتها المالية والحفاظ على مناصب الشغل وبالتالي التخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة.” ولعل هذه المذكرة ستفيد في الإجابة على الإجراء الأول المتعلق بـ “تبسيط المساطر والإسراع بصرف ما تبقى من دفعات الدعم والطلبيات العمومية”..
إلى جانب ذلك، فإننا إذ سنواصل مساعينا من أجل تحقيق وتفعيل الإجراءات المقترحة وفق ما يسمح به القانون، ومراعاة للظرفية العصيبة للبلاد وآثارها السلبية على مجموعة من الفئات الاجتماعية.. نجدد مطالبتنا لوزارة الثقافة والشباب والرياضة، قطاع الثقافة، بالإسراع بموافاة الفرق المسرحية المدعمة برسم الموسم المسرحي 2019 بسائر دفعاتها المستحقة، بما في ذلك دعم التوطين والإنتاج والترويج والجولات… كما نطالبها بالإسراع في إعلان برنامج الدعم للموسم الحالي 2020 في إطار التزاماتها وأدوارها الدستورية، وبتشاور عاجل من أجل الحرص على مستقبل المجال في حدوده الدنيا بعد انفراج الأزمة. علما أن هذين الإجراءين لا علاقة لهما بكورونا ولا بالظرفية الصعبة للبلاد، إذ كان يتعين على الوزارة القيام بذلك قبل هذا الظرف بكثير، أي في نهاية سنة 2019 وبداية سنة 2020 على أكبر تقدير.. لكن تغييب الحوار أديا إلى الفراغ وضياع حقوق الفرق المسرحية والفنانين.
وفي الختام تثمن النقابة عاليا المبادرات المواطنة والتضامنية لمنخرطاتها ومنخرطيها وللفنانين المغاربة وتحييهم مجددا على استجابتهم لنداء النقابة وعلى تعبئتهم للمساهمة في تعزيز التضامن الوطني والإنساني في هذه الظروف الصعبة، باستثمار قيمتهم الاعتبارية ووضعهم الرمزي من أجل المساهمة بدورهم في توعية وتحسيس وتطمين المواطنات والمواطنين، كما تحيي كل الفنانين الذين بادروا إلى المساهمة المادية والمعنوية في هذا الظرف العصيب.. وتذكرهم بضرورة التحلي برباطة الجأش للتخفيف من كل مظاهر الهلع والقلق مع الاستمرار في المكوث ببيوتهم والاحترام التام لشروط الوقاية المنصوح بها، من طرف السلطات الصحية.”
التعليقات مغلقة.