تأملات فيما يجري بمستشفى محمد بن عبد الله بالصويرة من تجاذبات

الانتفاضة 

بقلم محمد السعيد مازغ 

ماذا بعد الوقفة الاحتجاجية المنددة بالواقع الصحي بالصويرة في نسختها الأولى والثانية؟  – هل هناك حلول قابلة للتفعيل على أرض الواقع في ظل الأوراق المختلطة التي يغيب فيها الفاعل، ويصير المفعول به لاعبا ميدانيا، وفي الوقت ذاته خصما وحكما ؟ 

بالأمس القريب، كانت الساكنة تفتخر بتضحيات نساء ورجال الصحة، وتعتبرها جنود المقدمة الذين يضحون بنفسهم من أجل زرع الابتسامة واستمرارية الحياة، فما الشيء الذي تبدل اليوم، حتى تحول اتجاه الأصابع إلى الاتهامات بالإهمال الطبي، وسوء المعاملة، وتدني الخدمات الصحية ، وسيادة الخلافات و التصادم والقطيعة ، وتهييء “القطيع المدلل، والمقاطع الإخبارية الجاهزة للنشر والطباعة ” ؟ 

هل يمكن اعتبار  الوقفة الاحتجاجية الأولى بمثابة  الوجه الخارجي للتفاعلات الداخلية للأطر الصحية والتمريضية العاملة بالمستشفى، والتي أصبحت بدورها تهدد بالوقفات الاحتجاجية، والتنديد بما يجري بالمستشفى، وطبيعي أن تحدث تصريحات المسؤول الأول على القطاع بالصحة بالصويرة التي خص بها صفحات فيسبوكية،حفيظة من أشير لهم غمزا، وتخلق تشنجات داخل الوسط الطبي، وترفع إيقاع الصراع الذي سينعكس سلبا على الخدمات. ويدفع في اتجاه التمرد و العصيان، وبالتالي يقود إلى سؤال آخر، لا يقل أهمية عن سابقيه:

– من له المصلحة في تسريب صور الضحية سمير قيد حياته، وهو يعاني من الإهمال و التعذيب النفسي و الجسدي داخل المستشفى المفضي إلى الاشتباه في كونهما العامل الأساس في موته؟ 

ألم يكن من باب الحكمة والمسؤولية، ان توجه تلك الصور التي أثارت موجة من الغضب إلى النيابة العامة مرفقة بتقرير مفصل قصد فتح تحقيق قضائي في النازلة، بدلا من دغدغة المشاعر، وتأليب الرأي العام المحلي، في زمن حساس، تشهد فيه بلادنا كباقي الدول جائحة كورونا المستجد. 

أسئلة كثيرة قابلة للتأمل، تحتاج إلى كثير من التأني قبل إصدار أحكام قيمة، وتجبر على قراءة المعادلة في شقيها الخفيين، وعدم التسرع في البكاء على جدارية المركز الاستشفائي محمد بن عبد الله بالصويرة ، خاصة شباب الصويرة الطموح، الذي دخل على الخط، رافضا أن يكون مجرد رقم يعزز سجل الحضور، وأصر على أن تكون معالجة جميع الملفات المطروحة في شموليتها، مطالبا بفتح تحقيق  في ملف يوسف لشكر رحمه الله،  وأمينة العتيبة ذات  36 سنة من جماعة الكدادرة، وباقي الضحايا الذين يشتبه في أن موتهم كانت بسبب الإهمال الطبي. وهي المطالب الأساسية التي ترتكز عليها الوقفة الاحتجاجية الثانية التي تنظم يوم الجمعة 11 شتنبر  2020 ، تحت شعار :”  ” أمينة ماتت ضحية الإهمال..فكفى من الإهمال المؤدي إلى الموت بدون محاسبة “. 

تفيد بعض الأخبار دخول المجلس الوطني لحقوق الإنسان على الخط، وايفاد لجنة التحقيق في الوفيات المرتفعة بالمستشفى ،بداية من الأسبوع المقبل، ويروج خبر وصول لجنة مركزية تحت إشراف وزارة الصحة، وإن كان الخبر صحيحا، نتمنى ان تنطلق في التحريات، والنظر في مجموعة من الملفات العالقة التي ظلت حبيسة الرفوف، ولا نعتقد أن المشكل في الكفاءة المهنية، ولا في ضعف الموارد البشرية، ولا في الإمكانيات المادية، فطاحونة مطبخ المركز الاستشفائي سيدي محمد بن عبد الله لا يتوقف ضجيجها، ويحتاج إلى أكثر من عملية وتشريح، لتطهيره من بعض الطفيليات، واكتشاف بعض الأقنعة التي تلعب على الحبلين . 

قد يأتي فاصل قصير أو طويل، يطوي الصفحة على نغمات صعوبة التثبت من حقيقة الإهمال الطبي، أو في انتظار نتائج التحقيق الداخلية. وبعد ذلك، تدق المسامير في نعوش جديدة، ويعود الاحتجاج بنفس القوة والحماس في قضية ثانية وثالثة وما بعد المائة، وكأنها حلقات عقد تدور حول نفسها، تجتر الماضي بشعارات _ “ما مفاكينش مع الفساد” _وهو شعار ذو ازدواجية المدلول، يحيل على اننا متشبتين بالفساد، ولن نفارقه مادمنا أحياء، نجتمع حين يراد لنا ان نجتمع، وينتهي بنا المطاف على صخب الشاليه، والتراشق” بالسيلفات “ورياح موكادور الباردة. 

التعليقات مغلقة.