الصحف المغربية تخصص صفحاتها الأولى للحديث عن خطاب الملك

شكل خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم الثلاثاء الماضي بمناسبة الذكرى ال 60 لثورة الملك والشعب التي يخلدها الشعب المغربي في ال 20 من آب / أغسطس من كل سنة، مادة دسمة للصحف المغربية الصادرة الخميس، سواء باللغة العربية أو بالفرنسية، حيث اختلفت العناوين من جريدة لأخرى ، بين من اعتبر الخطاب الملكي الذي خصص للحديث عن “إصلاح منظومة التعليم” ثورة كبيرة قام بها العاهل المغربي في ظل غياب الحكومة المنشغلة بخلافاتها السياسوية ومحاولة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ترميم أغلبيته المنهارة بعد الانسحاب الرسمي لحزب “الاستقلال”، و بين طرف آخر اعتبر الخطاب الملكي ليوم الثلاثاء بمثابة رصاصة رحمة على دستور فاتح تموز/ يوليو 2011، حيث تدخل بشكل صريح في عمل الحكومة، مكرسا “الملكية التنفيذية” التي اعتقد المغاربة أنهم قطعوا صلتهم بها.

 وذهبت بعض التحليلات إلى حد اعتبار أن المؤسسة الملكية هي من تتحمل في السابق مسؤولية فشل قطاع التربية والتكوين، كون أن الحكومات السابقة كانت مجرد منفذ للبرامج الملكية.
 لكن كل الصحف أجمعت على أن الخطاب كان “غير مسبوق في شكله ولغته ومضمونه”.
وكتبت جريدة “أخبار اليوم” المغربية على صدر صفحتها الأولى “الملك يعصف بالوفا (وزير التربية) وينتقد حكومة بنكيران في خطاب استثنائي”، حيث اعتبرت “خطاب الملك غير مسبوق طيلة ال 14 سنة التي قضاها في الحكم”، واعتبرت الخطاب الأخير بمثابة “شكل وأسلوب جديدان في صياغة الخطاب وانتقاء عباراته وكلماته”. وأضافت أن الملك خلال الخطاب “حدث المغاربة بصيغة (الأنا) والمفرد، والأب الذي يرعى أبناءه كما يرعى باقي المواطنين”، واعتبرت مضمونه “غير مسبوق في حمولته ودلالاته وأبعاده السياسية”، وأكدت أن “الملك الذي اعتاد المغاربة منه سماع الإشارات والإيحاءات غير المباشرة في خطبه الرسمية، يعبر عن غضبه من الحكومة، ويعبر عن فشل تدبيرها لقطاع التعليم، ويقلل من جهودها مقارنة بالحكومة التي سبقتها”.
لكن الجريدة ذاتها، عادت ونقلت على لسان عبد العزيز أفتاتي، النائب البرلماني عن حزب “العدالة والتنمية” المغربي الحاكم قوله أنه “إذا كان هناك فشل في مجال التعليم بالمغرب، فهو فشل للبرامج الملكية الموضوعة منذ 1999، والتي نفذتها الحكومات المتعاقبة، ونحن مستعدون لتحمل الجزء الذي يعود إلينا من المسؤولية عن هذا الفشل، وهو ما يعادل سنة واحدة من أصل 14 سنة”.
وأضاف بوانو أن “قطاعات أخرى كثيرة تعاني من الفشل نفسه، فهناك الصحة المريضة والسكن المريض والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية مريضة أيضا وتستعمل لتمكين الموالين للدولة العميقة من الموارد المالية..”
أما جريدة الأخبار، فخصصت صفحتين بالكامل للحديث عن الخطاب الملكي، وعنونت صفحتها الأولى، “الملك يتوجه بالكلام مباشرة للشعب ويحدثه عن تجربته الشخصية كتلميذ وكطالب ثم أب”.
وأكدت أن “الملك أعطى في خطابه بمناسبة الذكرى الستين لثورة الملك والشعب، درسا للحكومة الحالية ولزعماء الأحزاب السياسية، من خلال الصراحة والجرأة التي ميزت الخطاب الذي دعا إلى الإسراع في تفعيل الدستور وإخراج القوانين المنظمة للمؤسسات الدستورية، كما انتقد الميوعة التي يتميز بها المشهد السياسي المغربي، كما وقف عن الإختلالات الكبيرة التي يعرفها قطاع التربية والتكوين. وأخذ الملك زمام المبادرة بتفعيل المجلس الأعلى للتعليم وتعيين عمر عزيمان رئيسا منتدبا له، وتكليفه بتقييم الوضع التعليمي، في ظل تجاهل الحكومة لهذا القطاع الحيوي”.
أما جريدة “الخبر” فعنونت “في خطاب تاريخي.. “الملك يعلن عن خطة إنقاذ التعليم ويأخذ بزمام الأمور في ظل غياب الحكومة وتعثر مفاوضات ترميمها”.
وقالت أن “الملك انتقد خطة حكومة بنكيران في مجال التعليم، في نقطة تخص التراجع عن تطبيق المخطط الاستعجالي الذي كلف خزينة الدولة المليارات من الدراهم، حين قال (إن الوضع الراهن لقطاع التربية والتكوين يقضي إجراء وقفة موضوعية مع الذات، لتقييم المنجزات، وتحديد مكامن الضعف والاختلالات”، مذكرا بأهمية الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي تم اعتماده في إطار مقاربة تشاركية واسعة”.
الجريدة ذاتها قالت أن “الملك غيّر فجأة من لهجته، لينتقد حكومة بنكيران، بالتعبير عن الأسف لكونها لم تعزز المكاسب التي تم تحقيقها في تفعيل المخطط الاستعجالي، بل تمّ التراجع عنه، دون إشراك أو تشاور مع الفاعلين المعنيين، تهم على الخصوص تجديد المناهج التربوية، وبرامج التعليم الأولي، وثانويات الامتياز”.
وهو نفس التوجه الذي ذهبت إليه يومية “المساء”، التي عنونت صدر صفحتها الأولى بعنوان عريض “الملك يقدم نقدا قاسيا لتدبير الحكومة لملف التعليم”، وقالت أن “محمد السادس خصص خطابه لتشريح واقع التعليم في المملكة وتقديم حصيلة البرامج التي همت مجال التربية والتكوين”، وركزت الجريدة في تحليلها القصير للخطاب، على الجملة التي قال فيها العاهل المغربي أن “الوضع الراهن لقطاع التربية والتكوين يقضي إجراء وقفة موضوعية مع الذات، لتقييم المنجزات، وتحديد مكامن الضعف والاختلالات”.
أما جريدة “الصباح” فخصصت صفحتها الأولى بدورها للحديث عن خطاب الملك، وكتبت “الملك ينتفض ضد تقاعس الحكومة في إصلاح التعليم”، وقالت أن “الملك انتفض في خطابه في وجه حكومة بنكيران، خاصة في أدائها المرتبط بإصلاح التعليم”، معتبرا “أن الوضع الحالي للتعليم أصبح أكثر سوءا، مقارنة بما كان عليه قبل أزيد من 20 سنة، وأن القطاع عرف تراجعا في العديد من المكتسبات”.
جريدة “الأحداث المغربية” خصصت أربع صفحات للحديث عن خطاب الملك محمد السادس، وعنونت صدر صفحتها الأولى ب “جلالة الملك: القطاع التربوي لا ينبغي أن يخضع تدبيره للمزايدات أو الصراعات السياسية”. وقالت أن “الخطاب الملكي اتسم بالجرأة والصراحة، في حديث الملك، بلغة واضحة ومباشرة وصريحة، عن قطاع التربية والتكوين وما يعتري منظومته من اختلالات، بل إن الملك وصف في نص الخطاب حديثه الصريح بأنه (قوي وقاس)، وذلك أمر طبيعي بالنظر إلى التخبط الحكومي الحاصل في إنجاز إصلاح التعليم والمؤشرات المقلقة التي تشير إلى أن حالة الوضعية التعليمية ببلادنا أصبحت أكثر سوءا، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أزيد من 20 سنة”.
وأردفت ذات الجريدة أن الخطاب “غير مسبوق في شكله ولغته ومضمونه، وهو من نوعية الخطب الملكية المؤسسة إلى التدابير التي تضمنها والإجراءات التي أعلن عنها عقب الخطاب”.
أما جريدة “الاتحاد الاشتراكي” لسان حزب “الاتحاد الاشتراكي المعارض”، فنشرت في صفحاتها الداخلية النص الكامل للخطاب الملكي، وركزت على أربع جمل تضمنها الخطاب وهي، قول الملك : “من غير المعقول أن تأتي حكومة جديدة بمخطط جديد، خلال كل 5 سنوات، متجاهلة البرامج السابقة”، وقوله “لا ينبغي إقحام القطاع التربوي في الإطار السياسي المحض، ولا أن يخضع تدبيره للمزايدات أو الصراعات السياسوية”، ثم قوله “الوضع الحالي للتعليم أصبح أكثر سوءا مقارنة بما كان عليه قبل أزيد من 20 سنة”، وقوله “لا أنتمي لأي حزب والحزب الوحيد الذي أنتمي إليه هو المغرب”.
وعنونت جريدة “العلم”، لسان حزب “الاستقلال” المنسحب من الحكومة، صفحتها الأولى بعنوان عريض وكتبت “كان على الحكومة الحالية استثمار التراكمات الايجابية في قطاع التربية والتكوين باعتباره ورشا مصيريا يمتد لعدة عقود”، وركزت بدورها على جملتين تضمنهما خطاب عاهل البلاد، حين قال : “لا بد من اعتماد النقاش الواسع والبناء في جميع القضايا الكبرى للأمة لتحقيق ما يطلبه المغاربة من نتائج ملموسة”، وقوله “لا ينبغي إقحام القطاع التربوي في الإطار السياسي المحض ولا أن يخضع تدبيره للمزايدات أو الصراعات السياسوية”.
وكتبت جريدة “التجديد”، التابعة لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم على صفحتها الأولى عنوانا عريضا “الملك محمد السادس يدق ناقوس الخطر حول التعليم ويؤكد أنه أصبح أسوء مما كان عليه قبل 20 سنة”، وركزت في تحليلها لنص الخطاب على قول الملك أن “فئات واسعة من الشعب لم تعاصر الثورة ضد الاستعمار، غير أنها تعيش ثورة جديدة بقيادته، في مجالات التنمية البشرية، والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، والمواطنة الكريمة بنفس روح الوطنية الصادقة، والتلاحم الوثيق بين العرش والشعب”.

التعليقات مغلقة.