الاخوة الزائفة…

الانتفاضة

سقطت الاقنعة… وتعرت الوجوه… وبانت صفرة ملامحها الكالحة …وقلوبها المليئة حقدا… وحسدا… وضغينة…
يضحكون في وجهك…وياكلون لحمك في غيابك…يدعون لك في حضورك…ويدعون عليك حين تعطيهم ظهرك…يشعرونك بالفخر في حضورك…وتشعر بالاسى والحسرة حين تصلك اخبار تفيد انك بالامس كنت وليمة شهية على موائدهم القذرة …حين يريدون مصالحهم تصبح حبيبهم وقريبهم وضوء اعينهم…وحين تنقضي مصالحهم تصبح في اعينهم كالقذى يضر ولا ينفع…في حضورك يمارسون كل طقوس التقوى والورع ومراقبة العلي القدير …وفي غيابك يختلط عليهم الحابل بالنابل…ويضربوا الاخماس في الاسداس بدون حسيب ولا رقيب…يعتقدون صمتك وحشمتك وقولك دائما نعم…بمثابة ضعف وهزال وسلبية …وهم لا يعلمون ان ذلك من حسن التربية والسلوك القويم الذي تلقيته على من لهم الفضل بعد الله …الوالدين الكريمين…وليس مدعاة للضعف…لان ذلك الضعف الذي يعتقدونه … قد ينتقل الى رصاصة تخرق صدورهم الصدئة…بدون رحمة ولا شفقة…يتدخلون في كل شؤونك حتى الاسرية منها بدون حياء ولا حشمة…واظل اتساءل …ماذا يضركم في حياتي الاسرية…ماذا تفيدكم…ماذا تضيف لكم…ماذا ستنقصكم…ولماذا الفضول…الا اجترار المساوء…وتتبع العورات…والتدخل فيما لا يعنيكم اصالة وتبعا كما يقول الاصوليون…يجعلونك حديثا لسهراتهم الماجنة… وتسكعهم في الشوارع بعد منتصف الليل …وامسياتهم الغزلية الخائنة… ولياليهم الحمراء…وقد علموا ان الغيبة حرام… والنميمة حرام…واكل لحم الانسان اكبر عند الله …اعلم بعض الملتحين الذين كنا الى عهد قريب جعلناهم من احبائنا واقربائنا…لكن لما انتهت مصالحهم …وانقطع ثدي المنفعة…انقلب ضدنا وحرض علينا البادي والعادي…واصبحت في عينيه كالردى اضر ولا انفع…للاسف الشديد….وانكشفت حقيقته الماساوية…اتذكر كذلك اصحاب المصالح ممن كنا لهم كالبقرة الحلوب…تمتصنا… وتنهبنا وتسرقنا… وتضغط علينا… وتبتزنا… وتهددنا… وتستعملنا… وتخوفنا…فلما انتهت مهلة اقامتهم على صدورنا رمونا كمنشفة اليد بلا شفقة ولا رحمة…اتذكر كذلك من كان يتبجح لنا بالاخوة …والزمالة…وما ان تقف امام ظرف طارء او مستعجل… تتحول الاخوة الى عداوة …ونكران …وشقاق ونفاق…اتذكر كذلك من كنا نحسن اليهم ونكرمهم باعتبارهم اكبر سنا وعلما وصحة…وكنا نحول بينهم وبين الارض…فاذا جاءت الممحصة رايتهم يتلونون كالحرباء …ويمارسون عليك كل صنوف الادارة… الفارغة…وهم لو عادو الى سيرهم الذاتية لوجدوها تصفر خواء وفراغا…لكن عنصريتهم المقيتة وتلهفهم لاقصائك يشكل لهم انتصارا ذاتيا ومعنويا…اتذكر كذلك من كانوا يتجسسون علينا بالهواتف والميساجات…وشروا للحراس انواعا جيدة من الهواتف ليلتقطو لنا صورا مع عائلتي ويرسلوها لاولياء نعمتهم…بدون ان يرف لهم جفن…ولا ان يتحرك لهم فؤاد …كانوا يتصلون بالعمال بالليل والنهار…من اجل استخبارهم…واستطلاعهم…بل جعلوا منا مادة دسمة في الفيسبوك والميسنجر…كانو ينقلون كل صغيرة وكبيرة من حياتنا الخاصة…كانوا يتسابقون مع الشيطان من اجل الظفر بالسيئة والخطيئة…كانوا يتنافسون مع ابليس اللعين من اجل الحصول على الويل والثبور في الدنيا قبل الاخرة…وللاسف اذا التقيتهم يطربونك بعبارات الود والحب والاخوة الزائفة…والزمالة الخائنة…كانو يحفرون لي الحفرة تلو الحفرة من اجل السقوط…واذا ما سقطت…يبدؤون في الحوقلة والبسملة والدعاء الاجوف والكاذب…اتذكر حقد الحاقدين وشمانة الشامتين وتجسس المتجسسين…واتذكر كذب الكاذبين ووشاية الواشين ….ماذا ربح المبطلون…ماذا ربح المرجفون…ماذا ربح المنافقون…ماذا ربح المصلحيون…ماذا ربح العجزة المبتدؤون…ماذا ربح الانانيون…ماذا ربح الفوضويون…ماذا ربح المتملقون…ماذا ربح المستغلون…ماذا ربح الانتهازيون…ماذا ربح المبتزون…ماذا ربح الظالمون…ماذا ربح الحاقدون…ماذا ربح الحاسدون…ماذا ربح المفتونون…ماذا ربح الطغاة المتسلقون…ماذا ربح المتفلسفون…انا كنت ولازلت وسابقى اشكل غصة في حلق الاوغاد والاوباش والاحباش… ساظل اشكل تكلفة غالية الثمن لا ولم ولن استسلم بسهولة…ساموت واقفا كالاشجار…ومن اهداني وردة اهديته عطرا ومن اهداني شوكا اهديته رصاصة تخرق جسده المتسخ…كل ما وقع كان من قبيل قضاء الله وقدره…لكن لن انسى للزائفين زيفهم…وللحاسدين حسدهم…وللكاذبين كذبهم…وللوشاة وشاياتهم… ولن انسى للماكرين مكرهم…ولن انسى للمصلحيين تهافتهم…ولن انسى للمنافقين نفاقهم…كانو اذلة وارجعناهم اعزة ولكن العبيد انجاس مناكيد…لو نظر هؤلاء الى انفسهم وفتشوا عن عيوبهم وصححوا عثراتهم واقبلوا على الله بكل تجرد وصوابية وصفاء نية لقل القيل والقال وكثرة السؤال واضاعة المال…قال تعالى…وفي انفسكم…افلا تبصرون…لاتعمى بصيرتكم عن عيوبكم وافاتكم وزلاتكم …وتبصر وتحققون وتبحلقون في عيوب الاخرين…لاتمارسوا علي التقية…والاخوة الزائفة…التي ان فتشنا في حقيقتها لوجدناها اهون عند الله من بيت العنكبوت…اتحداهم اذا وصلتهم اخبار عنك الا يترددوا في اضافة كل التوابل الكاذبة عليها حتى تبدو صالحة للنشر والتشييع والتشنيع والتشهير …كما لن يترددوا في الغوص مع الغائصين في الكيل بالمكيال والمكيالين…عوض ان يردوا عنك ويدافعو عنك …بل سيجدوها فرصة للنيل منك بشتى الوسائل…ويحلفون على ذلك باغلض الايمان…للاسف الشديد
عندما تسقط الاقنعة وتتعرى الوجوه السوداء الحربائية المتلونة …وتكشف النفوس المريضة الزائفة… ويرفع الستار لنرى الآخرين على حقيقتهم… بلا رتوشات زائفة … اذا تحدثوا كذبوا …وإذا أؤتمنوا خانوا …وإذا وعدوا أخلفوا… وإذا تنفسوا في الهواء لوثوه …واذا اقبلوا رايت النفاق يتساقط من افواههم الوسخة…واعينهم المارقة…
جميعنا نعرف ان باطن الأرض غني بأنواع شتى من المعادن …وان الباحث في خصائصها يجد أنها تختلف اختلافًا واضحًا في طبيعتها… وصفاتها… وميزاتها… و تركيبها وأثمانها … منها النفيس … ومنها الرخيص ….منها الجيد …ومنها الرديء…وكذلك طباع البشر وأخلاقهم … وهذه حقيقة …كنا نسمع بها و لم نتعايش مع معناها الحقيقي ….حتى و ان مررنا ببعض المواقف فى حياتنا اليومية التى قد تبين لنا معادن المحيطين بنا من أصدقاء و أقرباء و زملاء …ولكن لا يمكن ان نعرف معنى كلمة ” الناس معادن ” إلا بعد أن تحدق بنا الفتن من جميع النواحي…
فكاشفة المعادن هي اللحظات الحرجة … و الحرجة جدا …
التي بها نستطيع ان نعرف انفسنا ونقيم معرفتنا بالآخرين
قال تعالى : ( وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) [النساء: 19] صدق الله العظيم…
تمايزت معادن البشر .. و سقطت الأقنعة .. و تعرت الوجوه .. و انقشعت الغيوم .. و ظهر ما كان مخفي فى سرائر النفوس …وبارت السلع…وانفض السوق…وفاز صاحب الحسنات باليسرى…وفازصاحب السيئات بالعسرى…
فبانت التناقضات وتغيرت الذمم … واختلط الغث بالثمين … واندثر معنى الاخوة في الله … الا من رحم ربي
فالشدائد ليست شرّا محضاً … والنعماء ليست خيرا محضاً…
فقط في وقت الشدة تتبين لنا حقيقة ما كنا لنعرفها لولاها…
فالإنسان مواقف …والمواقف خيارات … و الخيارات تحدد معدن الانسان … فمعادن البشر ليس لها علاقة بمنصب… أو بمال… أو بجاه …بل المعدن الاصيل للإنسان مرتبط بنبل الأخلاق …و قوة الايمان بالله وحده … و القيم الاصلية …والتربية الحسنة…فكشفت الوجوه الحقيقة دون أقنعة…تبين لنا الحقود و الحسود والشامت والمغتاب والنمام والواشي… تبين لنا اصحاب المصالح … والمطامح …واولو الكلام…. والكلام…. والكلام…قال الله سبحانه و تعالى…
( يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ )…صدق الله العظيم
فالحمد لله الذي سخر لنا المحن لنكتشف من خلالها الطيب من الخبيث …والصالح من الطالح…والمحسن من المسيء…

محمد المتوكل

التعليقات مغلقة.