شهدت جهة مراكش تانسيفت الحوز حركية إعلامية كبيرة في الآونة الأخيرة، بالنظر إلى زخم الأحداث التي تعرفها الجهة وبالنظر أيضا إلى انخراط جهة مراكش تانسيفت الحوز في دينامية التغيير التي يعرفها المغرب في العديد من المجالات.
فبالإضافة إلى تحرير القطاع السمعي البصري وإطلاق الجيل الأول من الإذاعات الخاصة، عرفت الصحافة المكتوبة بجهة مراكش تانسيفت الحوز طفرة نوعية في نسختيها الورقية والإلكترونية وأضحت تشكل مكونا أساسيا من مكونات التنمية المجالية بالجهة.
وفي محاولة لاستباق أهداف وطموحات الجهوية المتقدمة التي انخرط فيها المغرب، وما ستضطلع به الجهة من سلطات واسعة تجعلها متدخلا أساسيا في كل البرامج التنموية الجهوية، يأتي مشروع إحداث دار الصحفي لخلق إطار مؤسساتي يساهم في تخليق وتنظيم المشهد الإعلامي بالجهة، كما يشكل لبنة لتأسيس وعي إعلامي لدى الفاعلين الجهويين والمحليين.
لقد فطن صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الأهمية الاستراتيجية للتواصل المؤسساتي من خلال تحرير القطاع السمعي البصري الوطني، ومأسسة الدعم المالي العمومي السنوي لفائدة الصحافة، والرغبة في نقل الطفرة التي يعرفها التواصل إلى التنمية الترابية، وهو ما تجلى واضحا في دستور 2011 لاسيما في الفصل 27 ضمن الباب الثاني حول الحريات والحقوق الأساسية : (( للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.)) وهو ما يجعل الجهة كمؤسسة منتخبة معنية مباشرة بهذا الفصل من الدستور.
وحتى تكون تعبئة المجال والساكنة على موعد مع التنمية الترابية شأنا جوهريا وداخليا قبل أن يكون تشاركيا، فإن الجهة مدعوة اليوم إلى تثمين تواصلها مع الساكنة والنخب، وهو ما نقرأه بوضوح في خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس بتاريخ 3 يناير 2010 حول الجهوية الموسعة : (( إننا ننتظر من الجميع التحلي بالتعبئة القوية، واستشعار الرهانات الاستراتيجية للورش المصيري للجهوية الموسعة، الذي نعتبره محكا لإنجاح الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي نقودها.))
ومما لاشك فيه أن نجاح الإصلاحات الكبرى للمملكة يتم دعمه من خلال الوعي بالقضايا الاستراتيجية للجهوية الموسعة، هذا الوعي الذي لن يكتمل دون وضع سياسة تواصل جهوية حقيقية.
ووعيا بضرورة هذه الاستراتيجية الملحة، أخذت جهة مراكش تانسيفت الحوز المبادرة لإحداث إطار تشاركي مناسب يسمح بإضفاء الطابع المؤسساتي على التواصل الجهوي، ومن هذا المنطلق تم وضع مفهوم دار الصحفي لترسيخ هذا الطموح.
وبخصوص الشراكة، فالقطاع الوزاري المسؤول عن التواصل مدعو للتفكير في جدوى هذا المشروع، خصوصا أن القرار الوزاري الصادر في 15 أبريل 2010 القاضي بإحداث وتنظيم وتحديد المصالح اللاممركزة التابعة لوزارة الاتصال يتوافق بشكل كلي مع مهام دار الصحفي، فمن بين المهام الموكولة إلى هذه الوحدات الإدارية اللامركزية التابعة لوزارة الاتصال نجد :
(( ـ المساهمة إلى جانب الفاعلين الجهويين في تحديد استراتيجية إعلامية محلية ووضعها رهن إشارة العموم
ـ المساهمة في تطوير وإرساء مجتمع الإعلام على الصعيد الجهوي
ـ العمل على المعالجة الوثائقية والإيكونوغرافية للإعلام الجهوي
ـ إحداث وتدبير وتحيين بوابة مؤسساتية جهوية
ـ القيام بدراسات ميدانية حول قطاع الاتصال على مستوى الجهة
ـ الإشراف على دورات تكوينية لفائدة الصحفيين والفاعلين في ميدان الاتصال على المستوى الجهوي
ـ تفعيل اتفاقيات الشراكة والتعاون على المستوى الجهوي.))
إن انسجام طموحات وأهداف دار الصحفي مع مهام المديريات الجهوية لوزارة الاتصال يظهر بشكل جلي، خاصة أن ظهير 1ـ97ـ84 بتاريخ 23 ذي القعدة 1417 ( 2أبريل 1997 ) بإصدار القانون رقم 47ـ96 المتعلق بتنظيم الجهات من خلال المادتين 7 و 8، ينص على إنعاش الأنشطة السوسيوثقافية.
( في الملحق رفقته اقتراح اتفاقية بين مجلس الجهة ووزارة الاتصال لإحداث دار الصحفي. )
مفهوم مؤسسة دار الصحفي
يتعلق الأمر بفضاء للتواصل بجهة مراكش تانسيفت الحوز، حيث إن إشراك النسيج الصحفي الجهوي في هذا المشروع بإمكانه ضمان ترشيد الأخبار والمعلومات عن الجهة، والنأي بها عن الديماغوجية والمزايدات السياسية، ومن هذا المنطلق فإن دار الصحفي مدعوة لتوحيد جهود الشركاء والفاعلين الإعلاميين مع جهة مراكش تانسيفت الحوز بهدف ضمان تناسق بين العمل والخبر.
وهكذا سيكون من بين مهام هذه الدار الدفاع عن الجاذبية التي تقدم صورة مشرفة عن الجهة، وبشكل أكثر وضوحا، يتعلق الأمر بإحداث وتجهيز فضاء يتمكن فيه الصحفي من امتلاك أدوات الاتصال الحديثة التي تربطه بالمؤسسات الاقتصادية، السياسية، الثقافية والتربوية بالجهة، وهو ما يضمن الوصول إلى المعلومة الجهوية المؤسساتية بشكل مباشر، كما تمكن الجسم الصحفي بالجهة من خزان وثائقي ومعلوماتي يغني مساهمات العمل الصحفي في إبراز إمكانيات وإشعاع الجهة.
هذا وستضطلع دار الصحفي أيضا بمهام تكوين الصحفيين العاملين في المنابر الإعلامية بالجهة، عملية التكوين هذه التي ستتم بشراكة مع المؤسسات العمومية والخاصة ( وكالة المغرب العربي للأنباء، معاهد الصحافة والاتصال، الاتحاد الدولي للصحافة والصحفيين الفرنكفونيين UIJPF، النقابة الوطنية للصحافة، الفيدرالية الوطنية لوسائل الإعلام، فيدرالية ناشري الصحف ) بالإضافة إلى دعم المؤسسات المعنية في الاتحاد الأوربي لاسيما من خلال استثمار الوضع المتقدم، والذي يسمح بالاستفادة من بعض الصناديق الهيكلية الأوربية، كما يمكن استثمار الفرص التي يمكن أن توفرها اتفاقيات التعاون اللامركزي مع عدد من الجهات الأوربية.
يستفيد من خدمات دار الصحفي لجهة مراكش تانسيفت الحوز الصحفيون المهنيون الذين يتوفرون على البطاقة المهنية والمعتمدون لدى دار الصحفي من طرف المؤسسات الإعلامية المشغلة لهم ، وكذا الصحفيون الذين ترتئي المديرية الجهوية للاتصال منحهم اعتمادا أو ترخيصا، بالاتفاق مع دار الصحفي.
يلتزم الصحفيون المستفيدون من خدمات دار الصحفي باحترام القانون الداخلي للدار.
القيمة المضافة لدار الصحفي بجهة مراكش تانسيفت الحوز
ستمكن دار الصحفي مجلس الجهة من تحقيق مجموعة من الأهداف والمزايا بخصوص صورة الجهة على الصعيد المحلي، الوطني والدولي من خلال جاذبيتها وذلك من خلال النقط التالية :
1ـ جاهزية الجسم الصحفي الجهوي الذي يمكن تقدير تعداده بأكثر من 80 صحفيا مهنيا يشتغلون لحساب الصحف المكتوبة، القطاع السمعي البصري والصحافة الالكترونية الجهوية، الوطنية والدولية، ذلك أن هذه الجاهزية ستشكل نقطة قوة بالنسبة للجهة، كما ستمكن من انخراط الرأي العام والسلطات في الاستراتيجيات القطاعية لبرامج التنمية الترابية بجهة مراكش تانسيفت الحوز.
2ـ إن إحداث دار الصحفي يعتبر بحد ذاته حدثا مجددا ورائدا، ودليلا واضحا على مدى تقدم منظور مجلس الجهة للاتصال والتواصل، وهو ما يؤكد مبدأ الشفافية الذي راهن المجلس على نهجه، والذي سيصبح بالتأكيد نموذجا لبقية جهات المملكة.
3ـ إن إشراف رئيس مجلس الجهة على أنشطة دار الصحفي سيكرس قوة صانعي الرأي لصالح الطموحات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لجهة مراكش تانسيفت الحوز.
الجدوى والإطار المؤسساتي
ـ الجدوى:
من المسلم به أن جدوى إحداث دار الصحفي لا يمكن أن تدعي المصداقية والمشروعية دون أن يكون لها تأثير مباشر وغير مباشر على البيئة الاجتماعية، وهو ما تهدف إليه مهام دار الصحفي، والتي ستكون الأولى من نوعها على الصعيد الوطني.
إن استطلاعا أوليا للائحة تتكون من 20 صحفيا مهنيا موزعين على مختلف أنواع المنابر الإعلامية (الصحافة المكتوبة المحلية، الوطنية والدولية، السمعي البصري، الصحافة الإلكترونية) يكشف أوجه القصور وتطلعات الجسم الصحفي بجهة مراكش تانسيفت الحوز، حيث تم التوصل إلى المعطيات التالية:
ـ 89% من الصحفيين الذين شملهم الاستطلاع يعبرون عن أسفهم لغياب إطار مؤسساتي يجمع صحفيي الجهة قصد توحيد الرؤى وتبادل المعلومات.
ـ 96% من الصحفيين الذين شملهم الاستطلاع يطمحون إلى خلق فضاء للتعاون والتوافق، وقد اختلفت تصوراتهم حول طبيعة هذا الفضاء ( مركز للتواصل، نادي الصحافة، مركز للإعلام والتوثيق، وداديات… )
ـ 92% من المشاركين في هذا الاستطلاع يتوقعون ويؤيدون إشراك الجماعات الترابية، وبالأخص مجلس الجهة في هذه المبادرة لإحداث هذا الفضاء.
إذا كانت جدوى مشروع ذي طبيعة اقتصادية ترتكز على مدى عائداته المادية، فإن التأثيرات السياسية والاجتماعية لمشروع دار الصحفي تبقى واضحة، فبالإضافة إلى تحسيس الساكنة والمنتخبين من خلال الرؤية التنموية الترابية المعتمدة من قبل مجلس الجهة، فإن هذه المؤسسة ـ دار الصحفي ـ ستعبأ لتعزيز صورة جذابة ومستقطبة عن الجهة.
الإطار المؤسساتي
يحفل القانون المغربي بنصوص تحث الجهة على اتخاذ كل المبادرات التي تساهم في تنميتها وتطورها، وبالإضافة إلى هذه القوانين يمكن إضافة العديد من الخطب الملكية التي تهم التنمية الترابية، هذه التنمية التي لا يمكن تحقيقها دون أن يصاحبها تواصل واضح وعقلاني، وبالتالي يمكن أن نجد ضمن هذه الترسانة القانونية عددا كبيرا من المرجعيات لوضع القانون الأساسي لدار الصحفي.
تتم مراقبة ومتابعة أنشطة دار الصحفي من خلال لجنتين اثنتين هما لجنة التسيير واللجنة التنفيذية.
-1 لجنة التسییر: تتكون لجنة التسییر من :
– رئیس المجلس الجھوي لمراكش تانسیفت الحوز أو من یمثلھ، رئیسا للجنة التسییر؛
– ممثل عن وزیر الاتصال؛
– ممثل عن والي الجھة؛
– الكاتب العام لدار الصحفي كمقرر لللجنة؛
ـ ثلاثة ممثلين عن الجسم الصحفي الجهوي، يمثلون الأنماط الصحفية الكبرى بالجهة، الصحف، السمعي البصري والصحافة الإلكترونية؛
وتناط بھذه اللجنة مھمة المصادقة على مشروع البرنامج السنوي لأنشطة دار الصحفي وكذا دراسة التقاریر التي ترفع لھا من طرف اللجنة التنفیذیة.
-2 اللجنة التنفیذیة: تتكون اللجنة التنفیذیة لدار الصحفي من :
– رئیس المجلس الجھوي لمراكش تانسیفت الحوز أو من ینوب عنه؛ رئيسا للجنة
ـ ممثل عن وزير الاتصال؛
– ممثل عن والي الجھة؛
– الكاتب العام لدار الصحفي كمقرر لللجنة.
وتناط بھذه اللجنة مھام التدبير المباشر لدار الصحفي، وإعداد تقارير عن أنشطة الدار، وكذا إبداء الرأي بشأن الاتفاقيات التي تبرمها دار الصحفي وعرضها على لجنة التسيير للمصادقة
بعد الشروط التي سيتم وضعها بشكل واضح وصريح، ستسمح اتفاقية الشراكة بين مجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز ووزارة الاتصال بضمان ميزانية تسيير دار الصحفي، فيما ستسمح الاتفاقيات الأخرى مع الشركاء الآخرين بتحقيق الأهداف المنشودة، وفيما يلي اقتراح الدعم السنوي الذي سيتكفل به الشركاء :
ـ وزارة الاتصال…………………………………….2000000 درهم ( مليوني درهم )
ـ مجلس الجهة……………………………………….100000 درهم
ـ وكالة المغرب العربي للأنباء ( تداريب بمراكش والرباط وكذا خارج التراب الوطني، مع التكفل بالمصاريف…)…………………………………….100000 درهم
ـ الفيدرالية الوطنية لوسائل الإعلام ( تداريب…) …..100000 درهم
ـ الفيدرالية الوطنية لناشري الصحف ……………. ( تداريب، أرشيف، الدعم من أجل خلق المقاولات الصحفية…)……………………………………….100000 درهم
ـ الاتحاد الدولي للصحافة والصحفيين الفرنكفونيين ( تداريب، دعم لوجستيكي، وثائق، تكوين بوسائل الإعلام الفرنكفونية بكل من فرنسا، بلجيكا، كندا، سويسرا..)……………….. أورو.
من هنا إذن يتضح بأن الدعم المالي متاح، أما بخصوص الوسائل اللوجستيكية فيتعهد مجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز بتوفير مقر مجهز والموارد البشرية الضرورية لتأمين عمل دار الصحفي.