كلمـة وزيـر العـدل والحـريات بمناسبة افتتاح اللقاء المنظم من طرف جمعية عدالة

5454534-8138002

 بمناسبة افتتاح اللقاء المنظم من طرف جمعية عدالة حول موضوع: “التطبيق القضائي لمدونة الأسرة” يومه الجمعة بالرباط، القى وزيـر العـدل والحـريات كلمة بالمناسبة هذا نصها:

 

 

بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام

على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

يسعدني بداية أن أعبر لكم عن مشاعر الاعتزاز و الحبور، لحضور افتتاح هذا اللقاء المنظم من طرف جمعية عدالة حول موضوع ” التطبيق القضائي لمدونة الأسرة ” هذا الموضوع لا محالة يكتسي أهمية بالغة في الوقت الراهن بعد أن مر على تطبيق مدونة الأسرة إحدى عشرة سنة، و لا شك أن   هذه المدة الزمنية تمكن من تقييم واقع التطبيق، من خلال ما تحقق من مكاسب     و انجازات، وما بذل من جهد، و ما اتخذ من مبادرات و تدابير إجرائية، و ما تم وضعه من آليات لإنجاح الإصلاحات و تفعيل المستجدات التي جاءت بها المدونة          لفائدة الأسرة المغربية، كما تتيح الوقوف على الصعوبات و الإكراهات، وما شاب مقتضيات المدونة من إختلالات و قصور، هذا التقييم من شأنه العمل على تحقيق الرهان و استشراف المستقبل بمقاربة تشاركية مع كل الفاعلين و المهتمين بالشأن الأسري، سنده في ذلك الحوار المسؤول والتفاعل الإيجابي المبني على التعاطي بموضوعية مع الإشكاليات التي يطرحها التطبيق العملي، و على قراءة متأنية لواقع القضاء الأسري ببلادنا نصا و تطبيقا، لإيجاد حلول ملائمة و واقعية، تنسجم مع فلسفة المشرع المغربي في مدونة الأسرة، وما يكرسه الدستور للنهوض بمؤسسة الأسرة، بما يضمن وحدتها و استقرارها و المحافظة عليها، و لا يتحقق هذا إلا بضمان حقوق المرأة و حماية الأطفال و صيانة كرامة الرجل، في إطار ثوابت الأمة المغربية   و مرتكزاتها.

حضرات السيدات والسادة :

إن مرور عشـر سنوات على دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق، حقق عدة مكاسب للأسرة المغربية، وأكد بما لا يدع مجالا للشك صحة الاختيارات التي انتهجها المغرب في سبيل تحديث منظومته التشـريعية والقضائية في مجال الأسرة، وبالرغم من ذلك لم تصل النتائج المحققة على أرض الواقع إلى درجة الطموحات الكبرى المتوخاة، بسبب إكراهات اعترضت أو شابت التطبيق السليم لمقتضيات مدونة الأسرة والقوانين ذات الصلة، تتوزع بين إكراهات مادية وأخرى بشـرية وتنظيمية، دون أن نغفل الواقع الاجتماعي والاقتصادي والموروث الثقافي الذي حد من فعالية وجدوى كثير من المقتضيات والمستجدات التي أحدثتها نصوص مدونة الأسرة.

ولعل المتتبع بإمعان لتطبيق مدونة الأسرة خلال السنوات من 2004 إلى 2013 سيقف على عدة مؤشرات لتطور أداء القضاء الأسري وسنقتصر على عرض بعض المؤشرات الإحصائية المتعلقة بالقضايا الأسرية التي غالبا ما تستأثر باهتمام الباحثين والمهتمين بقضايا الأسرة والمتعلقة بالزواج، التعدد، الصلح، الطلاق، والتطليق.

وفي هذا الصدد فقد عرف الزواج منحى تصاعديا منذ دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق، فبالمقارنة بين عدد عقود الزواج التي أبرمت خلال هذه السنوات يتضح أنها تعرف تزايدا مستمرا سنة بعد أخرى، حيث انتقل عددها من 236574 خلال سنة 2004 إلى 306533 زواجا أبرم سنة 2013، وهذا راجع بالأساس إلى ما تم القيام به من توعية وتحسيس بمقتضيات مدونة الأسرة، ووعي المواطنين بأهمية توثيق عقود الزواج ودوره في ضبط وحفظ حقوق الزوجين والأطفال، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات ومرونة المسطرة وتقريب القضاء من المواطنين.

كما أنه على غرار زواج الرشداء عرف زواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية نوعا من الارتفاع من سنة إلى أخرى، حيث انتقل من 18341 زواجا خلال سنة 2004 إلى 35152 زواجا خلال سنة 2013، إلا أن نسبته من مجموع رسوم الزواج بقيت إلى حد ما مستقرة حيث تراوحت بين 7,75% سنة 2004 و 11,47% سنة 2013 مع تسجيل كون سنة 2011 عرفت أكبر نسبة في هذا النوع من الزواج خلال عشر سنوات بمعدل وصل إلى 11,99% من مجموع رسوم الزواج المبرمة خلال تلك السنة.

وبالنسبة للتعدد، فقد شهد نوعا من الاستقرار خلال عـشر سنوات إذ سجل أكبر نسبة سنة 2004 و2011 بما قدره 0,34% من مجموع عقود الزواج المبرمة، وأدنى نسبة بلغت0,26% من مجموع رسوم الزواج المبرمة سجلت خلال سنة 2012 و2013.

أما بخصوص الصلح الذي أولته مدونة الأسرة عناية خاصة للحفاظ على كيان الأسرة واستقرارها، فقد سجلت نسبا مهمة بخصوصه على مدار عشر سنوات من تطبيق المدونة، إذ بلغ عدد حالات الصلح في قضايا طلبات الإذن بالإشهاد على الطلاق التي سجلتها المحاكم على مستوى أقسام قضاء الأسرة بمختلف ربوع المملكة خلال سنة 2013 ما مجموعه 8702، وبلغ هذا العدد في نفس السنة بخصوص طلبات التطليق ما مجموعه 10389 حالة صلح وهو ما يعني أن المحاكم استطاعت أن تحافظ على كيان 18491 أسرة خلال سنة واحدة فقط،  وهذا لا يمنع من القول أنه بالرغم من هذه النتائج   لا بأس بها، فإنه مع ذلك في حاجة إلى مزيد من الجهد والتطوير في آلياتها من أجل تحقيق الغاية منه.

وفيما يتعلق بانحلال ميثاق الزوجية بالطلاق،فيمكن القول بأن وضعيته عرفت نوعا من الاستقرار خلال عشر سنوات إذ تراوحت حالاته بين أدنى معدل سجل خلال سنة 2010 بمجموع بلغ 22452 رسما وأعلى معدل سجل خلال سنة 2005 بمجموع بلغ 29668 رسم طلاق، مع ملاحظة على درجة من الأهمية تتمثل في تدني حالات الطلاق الرجعي مقابل ارتفاع عدد حالات الطلاق الاتفاقي، حيث سجلت سنة 2013 عدد حالات رسوم الطلاق الاتفاقي بلغ 14992 رسما بما نسبته 59,46% من مجموع رسوم الطلاق، مقابل عدد رسوم طلاق رجعي بلغ 1877 رسما فقط بما نسته 7,44% من مجموع رسوم الطلاق.

أما فيما يتعلق بالتطليق فقد عرفت أحكامه ارتفاعا ملحوظا على مر السنوات إذ بلغت خلال سنة 2013 ما مجموعه 40850 حكما بالتطليق مقابل 7213 حكما تم تسجيله سنة 2004، مع ملاحظة أن التطليق للشقاق يستحوذ على النصيب الأكبر من هذه الأحكام وصلت نسبته خلال السنوات الثلاث الماضية إلى حوالي 97%، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الإقبال عليه لا يقتصر على الزوجات فقط بل إن الأزواج أيضا ينافسونهن في الإقبال عليه، حيث سجلت سنة 2013 نسبة 56% من طلبات التطليق للشقاق قدمت من طرف النساء و44% من الطلبات تقدم بها الرجال.

أما بخصوص تصريف القضايا داخل أقسام قضاء الأسرة فيظهر أنه يمر بشكل مقبول اعتبارا لكون نسبة القضايا المحكومة لم تقل خلال أغلب السنوات العشر من عمر مدونة الأسرة عن 81% من عدد القضايا المسجلة، في حين أن تنفيذ هذه الأحكام يبعث على الارتياح بالنظر لكونه وفي معظم السنوات لم ينزل عن نسبة 86% من مجموع الأحكام المطلوب تنفيذها، مع ملاحظة أنه من الضروري إيلاؤه مزيدا من الجهود من أجل الوصول إلى نتائج أفضل.

حضرات السيدات والسادة :

لا شك أن اللقاء المنظم اليوم حول “التطبيق القضائي لمدونة الأسرة” من شأنه الإسهام في تعزيز النقاش حول واقع التطبيق من منظور فاعلين جمعويين و مهتمين بالشأن الأسري، و هو نقاش يحظى بالاهتمام البالغ من طرف وزارة العدل و الحريات، تجسد من خلال تنظيمها لندوة وطنية بتاريخ 28/05/2014 بمناسبة مرور عشر سنوات على دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق، عملت فيها الوزارة على إشراك قطاعات حكومية و برلمانية       و قضاة و فعاليات المجتمع المدني و جمعيات مهنية و مهتمين بالموضوع، من أجل تشخيص واقع القضاء الأسري و فتح نقاش بين جميع الفعاليات المذكورة.

و بمناسبة هذه الندوة قدمت الوزارة  دراسة مهمة و موضوعية حول القضاء الأسري، “الواقع و الآفاق: عشر سنوات من تطبيق مدونة الأسرة”، مبنية على معطيات رقمية مفصلة تعكس بصورة واقعية و شفافة، دون محاباة أو تحيز لرأي أو توجه معين، حيث شملت الحصيلة الإحصائية لعشر سنوات من التطبيق مع تشخيص لواقع القضاء الأسري و ما اتخذ من تدابير لملائمة هذا التطبيق، كما شملت في جانب منها مجموعة من التصورات المبدئية، يمكن أن تشكل أرضية جادة للنقاش لتطوير القضاء الأسري و الرقي بجودة خدماته، و قد تم طبع هذه الدراسة و نشرها في الموقع الالكتروني للوزارة.

حضرات السيدات والسادة :

إن أي نقاش حول مدونة الأسرة ينبغي أن لا يغفل حساسية أحكام و قواعد الأحوال الشخصية و تداخلاتها الثقافية والدينية و التاريخية             و الاجتماعية و الاقتصادية و النفسية…، وهو أمر لا يقتصر على المغرب فقط بل تعرفه باقي المجتمعات الأخرى، مما يتطلب معه الأمر نوعا من التبصر        و الحكمة من قبل جميع أطراف الحوار، و استحضار تحقيق مصلحة خير الأسرة المغربية و استقرار المجتمع المغربي، في ظل ما تنعم به بلادنا من تماسك أسري و أمن و أمان تحت القيادة الرشيدة لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

 

Share

عن Al intifada

تحقق أيضا

الجزائر والبوليساريو  يتحركان ضد ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم

الانتفاضة/متابعة مع إعلان المغرب رسميا عن انضمامه إلى الملف الإسباني البرتغالي، في سباق نيل احتضان …