القلعة: البدالي صافي الدين
قررت الجمعية المغربية لحماية المال العام تنظيم وقفة احتجاجية يوم الاحد 25 يناير على الساعة 12 و النصف ، أمام مقر البرلمان ضد، معاشات البرلمانيين و الوزراء و ضد مشروع قانون توريتها للأبناء و الأزواج.
جاء قرار الوقفة بناء على قناعة راسخة لدى المناضلين في الجمعية و لدى عدد من الحقوقيين ومن قوى اليسار ،بأن هذه المعاشات تدخل في خانة الفساد و نهب المال العام ، و أنها تتعارض و الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية الواردة في العهدين الدوليين للحقوق الاقتصادية الاجتماعية و الثقافية .لكن المتتبع سيطرح السؤال التالي :
ما علاقة معاشات البرلمانيين و الوزراء بالفساد ونهب المال العلم ؟
إن الجواب على هذا السؤال يتطلب منا تحديد مفهومي الفساد و نهب المال و أية علاقة بينهما ، ثم ما هي تداعيات نهب المال و الفساد على مستوى تطور البلاد و تقدمها ؟
1 ـ مفهوم الفساد : الفساد لغة ، حسب معاجم اللغة العربية: فسد بمعنى ضد صَلُحَ و الفساد هو البطلان. و يقال فسد الشيء أي بطُلَ و اضمحل .
2 ـ الفساد اصطلاحا، حسب عدد من الاتجاهات هو الإساءة في استعمال السلطة العامة أو الوظيفة أو المركز الاجتماعي أو السياسيي من أجل الكسب الخاص.ويقع الفساد عادة :
أ ـ عندما يقوم مسئول إداري أو قضائي أو منتخب جماعي أو برلماني بعملية ابتزاز لتسهيل الاستفادة من صفقة خارج المنافسة الشريفة أو الاستفادة من تسهيلات ضريبية أو الإفلات من العقاب أو استغلال الوظيفة أو المنصب لتعيين الأقارب ضمن منطق (المحسوبية والمنسوبية) و هذا يعتبر فسادا صغيرا .
ب ـ عندما تتم عملية سرقة أموال الدولة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كالتعويض عن أشغال وهمية أو تنقلات غير واقعية أو استغلال ممتلكات الدولة ، أو التلاعب في الصفقات الكبرى في عالم المقاولات والتجارة الخارجية أو في استغلال الجمارك للتهريب و الاستيراد غير المشروعين . ويعتبر هذا فساد كبير .
3 ـ المال العام: يقصد بالمال العام المال الذي هو في ملكيته الدولة أي يشكل رأسمالها الوطني و الذي به تتقوى و تنمو. و يشمل المال العام الأموال المنقولة وغير المنقولة، و كل مرافق الدولة وما تمتلكه نيابة عن شعبها. وتتم سرقة أو نهب المال العام والخاص من طرف أشخاص نافذين في الدولة من منتخبين و مسئولين حكوميين و بالتعاون مع آخرين في مراكز مهمة لأخذ الأموال بطريقة غير مشروعة. و تتجلى عملية الفساد ونهب المال العام في الاستيلاء على ممتلكات الدولة مباشرة من أراض و خزائن و ثروات طبيعية. و أيضا يقع نهب المال العام عن طريق المبالغة في التعويضات و عن طريق التحايل في قضايا الدعم و المنافع الحكومية و ينتج عن ذلك تحميل الدولة والشركات والمؤسسات ديونا خاصة ذات انعكاسات خطيرة على مستوى الاستقرار السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي.
إن الفساد و نهب المال العام وجهان لعملة واحدة عنوانها إضعاف الكيان المالي و الاجتماعي و الاقتصادي للدولة .لأن الفساد هو جميع ما تعرفه مالية الدولة أو الجماعة أو أية مؤسسة عمومية أو قطاع خاص من مخالفة للقوانين العامة أو للأحكام و التشريعات والإجراءات المنظمة لأعمال الدولة ومؤسساتها . الفساد المالي و نهب المال العام يتجليان في الاعتداء على مال الدولة أو الغير و في الغش و المحسوبية في إسناد المهام أو الصفقات و في الرشوة للحصول على امتياز أو تسهيل مأمورية أو الولوج إلى معلومة تفيد صفقة أو مباراة و في استغلال الوظيفة أو الجاه للكسب بدون حق و في السرقة والاختلاس والتكسب من الوظيفة . و تعود أسباب الفساد إلى انعدام القيم الوطنية و الأخلاق السياسية مما يؤدي إلى عدم استقرار المجتمع وإلى الحياة الضنك للطبقة الفقيرة و الطبقة العاملة و إلى انتشار الفساد الاجتماعي و اتساع الفوارق بين الطبقات بسبب سوء توزيع الثروة و غياب عدالة اجتماعية . انتشار الأخلاق السيئة ومنها : الظلم ، والكذب والنفاق وعدم الولاء للوطن ، و شيوع الانتهازية و الوصولية و الانحراف السياسي و الأخلاقي . و ما يقع في بلادنا من التسيب المالي عن طريق الرواتب العليا و رواتب و معاشات البرلمانيين و الوزراء هو فساد ونهب لمال الشعب بعينهما . و أن انعكاسات هذه المظاهر تظهر على مستوى الحياة اليومية للمواطنين على مستوى الخدمات الاجتماعية و في مقدمتها الشغل و الصحة و التعليم , و من هنا كان قرار المعية شرعيا لأنه ينسجم مع مبادئها و اهدافها وينسجم مع ما يعرفه المشهد السياسي من فساد و نهب للمال العام من خلال رواتب ومعاشات البرلمانيين الوزراء و رواتب المديرين المركزين للمؤسسات العمومية والشبه العمومية و الخاصة.