برغم المحاولات العديدة لانعاشها الا ان مفاوضات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين فشلت حتى قبل انتهاء مدة التسعة اشهر المحددة لها وفي غياب اي احتمال جدي لاستئنافها.
اما راعي تلك المفاوضات وزير الخارجية الاميركي جون كيري فاعتبر امس الخميس انه من الضروري لواشنطن الآن “التوقف والقاء نظرة عميقة على هذه الامور ومعرفة ما هو ممكن وما هو غير ممكن في الايام المقبلة”.
وبالرغم من فشل المحادثات, الا ان كيري “غير نادم ابدا على الوقت الذي قضاه” في العمل من اجل عملية السلام, بحسب ما افادت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جين بساكي.
واقرت بساكي بان تاريخ ال`29 من ابريل, آخر يوم في مهلة التسعة اشهر المقررة سابقا, فقد كل معنى بعدما علقت اسرائيل المفاوضات ردا على اعلان المصالحة الفلسطينية في 23 ابريل.
وينص اتفاق المصالحة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس على تشكيل حكومة كفاءات خلال خمسة اسابيع.
اما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فاعرب عن استعداده استئناف المحادثات ولكن على اساس تحديد حدود دولة اسرائيل ووقف الاستيطان.
وقال عباس في رام الله خلال حفل اطلاق صندوق دعم مدينة القدس منذ عدة ايام ان “اخطر شيء هو الحدود, واسرائيل منذ ان انشئت لا احد يعرف حدودها, مصممون على ان نعرف حدودنا وحدودها والا فليس هناك سلام”.
ومن جهته اوضح كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات انه “بالتوافق مع سياستها على الارض رفضت حكومة (بنيامين) نتانياهو الاعتراف بحدود العام 1967 او حتى وضع خريطة على الطاولة تعكس وجهة نظر اسرائيل حول حدودها النهائية”.
اسرائيل بدورها ادانت المصالحة الفلسطينية, واعتبرت ان عباس اطلق “رصاصة الرحمة” على عملية السلام. ولخص رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو الموقف بالقول ان اسرائيل لن تتفاوض مع حكومة التوافق الوطني الفلسطينية الا اذا اعترفت حماس باسرائيل.
وصرح في حديث الى شبكة سي ان ان “اما ان تتخلى حماس عن (مبدأ) تدمير اسرائيل وتتبنى السلام وتتخلى عن العنف, او ينبذها عباس”.
وعمد الرئيس الفلسطيني الى توضيح ان حكومة التوافق الوطني التي سيشكلها اثر توقيع المصالحة ستعترف باسرائيل والاتفاقات الدولية وتنبذ العنف, ولكنها لن تعترف ب`”يهودية الدولة”.
وقد تازمت المفاوضات الهشة اساسا اثر اعلان اسرائيل رفضها الافراج عن الدفعة الرابعة من الاسرى الفلسطينيين في 29مارس, لتعلن من بعدها عن مشروع لبناء 700 وحدة سكنية في حي استيطاني في القدس الشرقية المحتلة.
ورد الفلسطينيون بتقديم طلبات انضمام الى 15 اتفاقية ومعاهدة دولية, فعمدت اسرائيل الى اتخاذ سلسلة اجراءات عقابية بينها تجميد تحويل اموال الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية.
كما هدمت اسرائيل وجمدت 60% من مشاريع البناء في المنطقة “ج” الخاضعة لسيطرتها بالكامل في الضفة الغربية المحتلة.
وبالنسبة للخبير الفلسطيني جورج جقمان فان الحملة الفلسطينية لدى المنظمات الدولية فضلا عن ملف المصالحة يعتبران الورقتين الاساسيتين في يد الرئيس عباس.
ويقول جقمان “لا يزال هناك خمسة اسابيع على تشكيل الحكومة (الوطنية), ما سيكون مؤشرا على نجاح الادارة الفلسطينية في الملف الداخلي”.
اما المراسل العسكري لصحيفة يديعوت احرونوت فاعتبر ان اسرائيل “تعاني من حالة ارباك وسلبية في ردها” على ما اطلق عليه اسم “الانتفاضة الخفيفة: مجموعة من وسائل الضغط التصاعدية التي تستثني العنف”.
ونجح وزير الخارجية الاميركي في يوليو الماضي في احياء مفاوضات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين المتوقفة منذ حوالي ثلاث سنوات, ليتحدث عن احتمال “التوصل الى اتفاق سلام نهائي خلال التسعة اشهر المقبلة”.
والتزم الفلسطينيون خلال المفاوضات بعدم اتخاذ خطوات احادية الجانب في المنظمات الدولية مقابل افراج اسرائيل عن 104 اسرى فلسطينيين من ما قبل اتفاق اوسلو (1993) على اربع دفعات طوال فترة التفاوض.
ولكن التوافق لم يدم طويلا اذ اتهم الفلسطينيون اسرائيل بدفعهم لاغلاق باب التفاوض عبر تكثيف الاستيطان وتدمير منازل الفلسطينيين فضلا عن عمليات القتل.
اما اسرائيل فلجأت الى حجة عدم موافقة الفلسطينيين على الاعتراف بها ك`”دولة يهودية”. وقد اعلن نتنياهو الجمعة انه يسعى لسن قانون اساسي يكرس اسرائيل “الدولة القومية للشعب اليهودي”.
ومن الممكن القول ان اول ازمة جدية شهدتها المفاوضات كانت باعلان اسرائيل تسريع البناء الاستيطاني تزامنا مع افراجها عن الدفعة الثانية من الاسرى في 30 اكتوبر. الامر الذي كانت فعلته سابقا حين افرجت عن اول دفعة من 26 اسيرا في 13 غشت.
وفي مواجهة الازمات المتلاحقة التي ضربت المفاوضات تراجعت واشنطن عن حديثها عن اتفاق نهائي باعلانها في دجنبر السعي الى التوصل الى اتفاق اطار حول القضايا الاساسية, الامر الذي لم يحصل ابدا.