ككل عاشوراء “اليوم الموافق للعاشر من محرم” يحتفل المغاربة بمناسبة “زمزم” كما هو متداول و شائع في الوسط المغربي، أي يوم التراشق بالمياه ، و تختلف دلالة هذا التراشق و رمزيته ما بين سكان المدن و البوادي ، ففي المدن مثلا و مع طلوع فجر اليوم الأول من “يوم زمزم” تبدأ القطرات الأولى من المياه التي ستحول الأزقة و الشوارع لا محالة إلى أنهار صغيرة في التدفق ، فيقوم أول من يستيقظ من النوم برش الباقين بالماء البارد ، و يخرج عدد من الأطفال و الشبان خصوصا داخل الأحياء الشعبية إلى الشوارع حيث يقومون بملأ الأواني و السطول و الأكياس البلاستيكية ذات الحجم الصغير بالماء و رشها على المارة مباشرة ، و رغم قساوة “اللعبة” فإن الكبار في الغالب يباركونها و يعتبرونها جزء من الاحتفال بهذا اليوم.
و تعتبر الأحياء الشعبية من أهم الأماكن التي تخلد سنويا الاحتفال بأجواء “زمزم” ، فالجميع يتشارك لغة رش الماء بما في ذلك الكبار من النساء و الرجال و ليس الأطفال وحدهم من يحتفل بالألعاب المائية خلال يوم “زمزم” بل الكبار كما الصغار سواء في الاحتفال بهذا اليوم الاستثنائي في المغرب ، فالنساء في الأحياء الشعبية يقدمن على رش جاراتهن بقطرات من الماء الأمر الذي يثير استحسانهن باليوم.
عند منتصف النهار يصل الاحتفال باليوم إلى ذروته، معارك بأسلحة مائية عبارة عن بالونات هوائية مملوئة بالماء و مكونات أخرى عادة ما تؤذي أعين المتراشقين ، و قنينات مائية و أوعية كبيرة منتشرة بين أيادي الأطفال لرش أيا كان بقطرات من الماء.
أنهار صغيرة تبلل أرضية الشوارع و تجعل من الأزقة ساحات معارك وهمية ، غالبا ما تكون بحوزة الأطفال بعض المسدسات المائية التي اقتنوها بعناية من محلات خاصة بالالعاب.
هذا كان في الماضي حين كانت مناسبة زمزم ذات طابع رمزي ، غير أنه و مع كامل الأسف هناك ظواهر يندى لها الجبين بدأت تطفو داخل مجتمعنا المغربي ، فهناك أطفال و مراهقون يستغلون مناسبة يوم عاشوراء لإخراج مكبوتاتهم ، منهم من يرشق المارة بالبيض و منهم من يفضل رشقهم بالماء الملوث ب “الخرقوم” أو الزيت أو التراب ، بل وصلت وقاحة بعضهم لرمي الناس بماء جافيل و الماء القاطع ، و منهم من يرميهم بالمفرقعات الخطيرة المحلية الصنع و التي تعتبر بمثابة قنابل موقوتة لما تتركه من ضرر و من عاهات مستديمة لأشخاص أبرياء ساقهم القدر لها خاصة أنها تسبب في حالات كثيرة لبعض الأشخاص فقدان أعينهم أو احتراق أجسامهم ، و لا غرابة أن نقرأ في يوم زمزم عن ارتفاع حالات الإجرام.
عديد من المراهقين و الشباب يتباهون يوم زمزم بتصرفاتهم الصبيانية و يستعرضون فحولتهم الضائعة برش الماء و رمي البيض على تلميذات و سيدات لا ذنب لهن سوى انهن أردن مرور الزقاق للذهاب لثانوياتهن و مقرات عملهن ، تجتمع مكونات الخرقوم، الماء و البيض لتشكيل خليط استثنائي تُملأ به البالونات الهوائية للتراشق بها خلال يوم زمزم ، و يا لغرابة الأمر فثمن البيض خلال هذه الفترة يشهد ارتفاعا نظرا لاستخدامه بكثرة من لدن الأطفال.