انطلقت، اليوم السبت بالرباط، دورة تدريبية حول “بناء القدرات المتعلقة بمقاييس ومؤشرات الفقر” بعرض التقرير العربي للأهداف التنموية للألفية، تحت عنوان ” مواجهة التحديات ونظرة ما بعد 2015″، الذي أعدته جامعة الدول العربية بتعاون مع الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في جامعة الدول العربية وبتنسيق مع منظمات الأمم المتحدة المتخصصة.
ويركز التقرير، الذي يتضمن معلومات مفصلة حول ما حققته البلدان العربية في مسيرتها نحو بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية، بالإضافة إلى تصور لنموذج إنمائي لما بعد عام 2015 ، على التقدم الذي أحرزته هذه البلدان في مجال التنمية منذ عام 1990، وعلى التحديات التي لا بد من التصدي لها في أي إطار للتنمية لما بعد عام 2015.
وتم إعداد هذا التقرير، الذي يأتي استجابة لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إجراء تقييم دوري للتقدم المحرز في مجال تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، في فترة حافلة بالتغيرات السياسية والاجتماعية، حيث تختزن المنطقة، حسب التقرير، “موارد وإمكانات، أهمها ثروة من الطاقات الشابة وإرادة اندفعت تجلياتها واضحة في شوارع المنطقة وساحاتها. وإذا ما استثمرت هذه الطاقة تحولت محركا للتغيير وأساسا لبناء اقتصادات قوية، ومجتمعات وأوطان منيعة تملك مقومات الازدهار في المستقبل..”.
ويشير التقرير إلى أن أي خطة إنمائية لما بعد عام 2015 ” لن تحقق الفعالية المرجوة، ما لم يتردد فيها صدى صوت الملايين من العرب ينادون بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”. وتهدف هذه الدورة، التي تمتد إلى غاية يوم الأربعاء المقبل، إلى التعريف بالاحتياجات داخل المنطقة العربية على ضوء التقرير العربي للأهداف التنموية للألفية، وإعطاء بيانات حول الفقر بالدول العربية بصفة عامة، ولدى الأطفال بصفة خاصة، إضافة إلى التعريف بمؤشر التنمية البشرية في الدول العربية، والمسح العربي الموحد للفقر وعدم المساواة.
ويشارك في هذه الدورة التدريبية، التي تعتبر أول نشاط في إطار تنفيذ توصيات التقرير العربي للأهداف التنموية للألفية ومتابعة تنفيذ قرار المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في دورته 62 المنعقدة في أكتوبر 2013، الدول الأعضاء بمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب وهي فلسطين ولبنان واليمن والأردن ومصر وتونس وموريتانيا والجزائر والسودان والصومال والبحرين والسعودية، وسلطنة عمان، وكذا الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، وخبراء عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا.
وفي كلمة بالمناسبة ، أكدت وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي أنه تم خلال المؤتمر الذي شهد اعتماد التقرير العربي الرابع حول تنفيذ الأهداف التنموية للألفية الذي انعقد خلال شهر يونيو الماضي بالقاهرة، الإعلان على أن الدول العربية حققت بعض النجاح في ما يتعلق بالهدف الأول المتعلق بالقضاء على الفقر المدقع والجوع بحلول سنة 2015، وذلك بتقليص نسبة السكان الفقراء حسب خط الفقر الدولي المعتمد إلى النصف، مضيفة أنه على الرغم من ذلك فإن غالبية هذه الدول لا تزال تعيش في وضعية هشاشة.
وقالت الحقاوي إن المغرب كباقي الدول العربية يوجد اليوم في خضم هذه الحركية التنموية من أجل الحد من ظاهرة الفقر حيث تم خلال الفترة ما بين 2004 و2011 ، بحسب البحث الوطني الذي أعدته المندوبية السامية للتخطيط، تقليص معدل الفقر المتعدد الأبعاد (الذي يهم أصناف الحرمان التي تعيشها الأسر في مجالات الصحة التربية ومستوى المعيشة) إلى ” ما يناهز الثلثين، بل تم القضاء عليه بصفة شبه نهائية بالوسط الحضري”.
وعزت التقدم الحاصل في مختلف هذه المجالات إلى المجهودات المبذولة من طرف جميع الفاعلين من حكومة ومؤسسات خاصة وجمعيات المجتمع المدني، مشيرة على الخصوص إلى ما حققته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .
واعتبرت أن أهمية موضوع هذه الدورة التدريبية تتمثل في كونها ستمكن من تدارس شتى المنهجيات والمقاربات حول المقاييس والمؤشرات المتبعة في الحصول على بيانات إحصائية تمكن المهتمين من متابعة تطورات ظاهرة الفقر والاستعانة بذلك في وضع السياسات الاجتماعية الأكثر نجاعة، مع إمكانية استثمار هذه الإحصائيات والبيانات في التقييم والتحليل والمراقبة.
ومن جانبه، أبرز رئيس وفد اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) خالد أبو إسماعيل، أن إعداد التقرير العربي للأهداف التنموية للألفية تم في مرحلة غير مسبوقة تمر بها المنطقة العربية، مما كان له انعكاس على ما تضمنه التقرير من الناحية الفنية ، وكذا على مستوى التوصيات التي تضمنها في ما يخص الفترة القليلة المتبقية لتنفيذ أهداف الألفية أو التوصيات الخاصة بأولويات المنطقة العربية للتنمية ما بعد 2015 في ضوء توجيهات القمة العربية التنموية الثالثة في الرياض (يناير 2013).
وأشار إلى أن أهم توصيات هذا التقرير تهم الحكم الرشيد، وقضايا اللامساواة والعمل الاجتماعي، والجودة، والشراكة مع التركيز على الدول الأقل نموا.
وبدوره، أكد مسؤول متابعة الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، طارق النابلسي، في كلمة باسم جامعة الدول العربية، أن “إطلاق التقرير العربي للأهداف التنموية للألفية من المغرب جاء تقديرا لدوره الهام في العمل الاجتماعي والتنموي العربي المشترك ولجهوده المقدرة لتحقيق الأهداف التنموية للألفية ليس داخل المملكة فحسب بل في كل دول المنطقة”.
وقال إن هذا التقرير يعد أهم التقارير العربية التي تم إصدارها في هذا المجال، مضيفا أنه آخر تقرير إقليمي عربي حول أهداف الألفية تم عرضه على الجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤتمرها العام رفيع المستوى في شتنبر الماضي.
وستتناول محاور هذه الدورة التدريبية، التي يؤطر أشغالها خبراء مختصون في الإحصاء ومقاييس ومؤشرات الفقر، “احتياجات المنطقة العربية على ضوء نتائج التقرير العربي للأهداف التنموية للألفية”، و”تحديد مفاهيم الفقر في الدول العربية وقياس خصائص الفقراء بها”، و”المسح العربي الموحد للفقر وعدم المساواة”، إضافة إلى دروس تطبيقية حول طرق قياس الفقر والتنمية الشاملة.