الصحراء المغربية : بين حقيقة التاريخ و أوهام الخصوم

1320489933

أحمد الشرقاوي

 

استرجعت المملكة المغربية أرضها في الجنوب بفضل المسيرة الخضراء السلمية، لا بالاجتياح العسكري، ولا بالمقاومة المسلحة، ولا بدبلوماسية الكواليس التي تعتمد أسلوب المساومات الدنيئة لشراء الذمم بالمال والصفقات المشبوهة، لأن مثل هذا الأسلوب لا يستقيم في استعادة حق ورائه شعب، بل يستعمله االخصوم بانتهازية مكشوفة للاستحواذ على حق الغير دون وجه حق في غياب حكم الشعب وسلطة الأغلبية.

تحرير الصحراء كما شهد العالم ذات مسيرة خضراء يوم 6 نوفمبر 1975، كان فقط بسلاح الأجساد المجردة إلا من الإيمان و التّوق إلى السلام بلغة الرمز “القرآن”، والإشارة “علم الوطن”، تتخلّلها هتافات 350.000 ألف مغربي ومغربية من كل مدن وقرى المغرب، زحفوا نحو صحرائهم مشيا على الأقدام بنظام وانتظام، وهم يرددون بصوت واحد وصل عنان السماء “الله أكبر”.. وهو الشعار الذي زلزل الأرض تحت أقدام المحتل الإسباني وأدخل في قلبه الرعب. كيف لا وهو الاستعمار الذي خبر المغاربة في الشمال، أيام كان الجنود الإسبان يفضلون شرب ‘بولهم’ في جحورهم على أن يخرجوا لجلب الماء مخافة لقاء جند القائد عبد الكريم الخطابي؟.. فسارع المحتل إلى ركوب البحر هربا من طوفان الحشد العارم، خوفا من أبناء طارق بن زياد الذين ركبوا هذه المرة تلال الرمل غضبا، ترافقهم عواصف الصحراء الهوجاء وترانيم الملائكة في السماء وهي تردد “الله.. الله.. الله”.

وحده وزير الخارجية الجزائري آنذاك ‘عبد العزيز بوتفليقة’ كان يرتعش خوفا ويُزبد حقدا، فسافر على عجل إلى باريس ليطلب من الحكومة الفرنسية التدخل لدى الراحل ‘الحسن الثاني’ لإيقاف المسيرة الخضراء، فكان الجواب: “ليس من الحكمة مواجهة إرادة شعب”.. لم ييأس، فاجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي آنذاك ‘هنري كيسنجر’ الذي كان متواجدا في باريس، وفق ما كشفته وثائق ‘ويكيليكس’، وطلب منه الأمر ذاته، فكان الجواب: “أمريكا لا شأن لها بما يفعله المغرب في أرضهم”.

استعاد المغرب صحرائه، وفي 14 من نوفمبر 1975، تم التوقيع على اتفاقية مدريد بين المغرب وإسبانيا، والتي تم بموجبها تصفية الاستعمار.. وبعد سنة من عودة الصحراء الغربية إلى حضن الوطن الدافىء، وبالتحديد بتاريخ 27 فبراير 1976، فوجئ المغاربة بمولود لقيط اسمه “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، وهي الجمهورية التي لا تمثل شعبا، على شاكلة ائتلاف “المعارضة” الذي شكلته مخابرات الدول المتآمرة على سورية، بدليل أنه لم يكن يوجد ضمن تشكيلتها الهجينة صحرواي واحد ينحدر من المنطقة، بل فقط مجموعة من العملاء الوصوليين الذين باعوا ضميرهم و وطنهم من أجل أوهام وردية أصبحت اليوم: (كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا) صدق الله العظيم.

الجميع اليوم أصبح يعرف أن هذا المولود “الزنّيم”، جاء عقب علاقة غير شرعية بين نظام الهالك ‘معمر القدافي’ ونظام العسكر في الجزائر زمن الرئيس ‘هواري بومدين’ الذي قتلته أيادي جزائرية بسم ‘الليثيوم’ سنة 1978 على سُنّة ما تفعل الثورة بأبنائها، وبنفس الطريقة التي قتل بها الزعيم ‘ياسر عرفات’ بعد ذلك، عندما نجحت الأفاعي السوداء في التسلّل إلى مطبخه، وفق ما أكده وزير شؤون رئاسة الجمهورية والخارجية العراقية الأسبق، ‘حامد الجبوري’.. كل هذا والشعب الجزائري الطيب آخر من يعلم.

ولتكتمل المسرحية، تم تجميع بضعة آلاف من النساء والأطفال والشيوخ الصحراويين وجحافل من المرتزقة القادمين من دول إفريقية فقيرة في مخيم العار بـ”تندوف”، تماما كما كان يفعل ‘بوتفليقة’ عندما كان يستقدم الأفارقة الفقراء ليحاربوا دفاعا عن الديكتاتور ‘معمر القدافي’ قبل السقوط الكبير. وكان الغرض من تجميع هؤلاء المسنضعفين في معتقل ‘تندوف’، هو إيهام العالم أن الشعب الصحراوي مشرد مثل الفلسطينيين ويطالب بحق العودة إلى وطنه ليقيم دولته المزعومة من خلال استفتاء تقرير المصير. وعندما طالبت الأمم المتحدة رسميا بإحصاء السكان بـ”تندوف” للتحقق من هويتهم وأصلهم وصحة انتمائهم للصحراء الغربية، رفضت الجزائر ذلك حتى لا تنكشف الخدعة ويتحول دعات الحرية والتحرير إلى مسخرة.

ومعلوم أن الهدف من وراء تأسيس هذا الكيان “المسخ” كان ولا يزال هو الصراع على الزعامة في منطقة شمال إفريقيا.. وإذا كان ‘القذافي’ من منطلق ‘جنون العظمة’، قد صرف النظر عن هذا الموضوع بعد أن تحول إلى ملك ملوك إفريقيا بفضل تبدير مقدرات الشعب الليبي في شراء ذمم الدول والقبائل الإفريقية الفقيرة التي بايعته على ذلك، فإن الجزائر أصرت على المضي قدما في هذا المشروع، والذي كان يوفّر بالنسبة للطغمة العسكرية الحاكمة في الجزائر “تمثال الحرية” الذي يخفي بداخله فضائح فساد مهولة سارت بذكرها الركبان، وفي نفس الوقت يشكل شوكة في حلق المغاربة تشغلهم لعقود قادمة حتى لا يتفرغوا للمطالبة باستعادة أراضيهم المحتلة من قبل الجزائر على الحدود الشرقية للمملكة.

والغريب في الأمر، أن وفدا من الجزائر شارك في المسيرة الخضراء إلى جانب وفود من عديد دول العالم، رسمية وممثلة عن منظمات المجتمع المدني…. لكن أهواء الساسة تجري بما لا تبتغيه أحلام الشعوب.. انقلبت الجزائر فجأة، وأصبحت تدعي ما لا يثبته تاريخ ولا يصدقه عقل أو يدعمه منطق، بل فقط ما تنتجه مخيلة العسكر المريضة.

وحيث أن المغاربة هم شعب مسلم لأنه لا يعيش في قلعة ولا يأكل البرسيم، يتصرف بعقلانية ويتحلى بالصبر والتواضع، وكان دائما منفتحا على الشعوب والثقافات، متعطّشا للمعرفة، مؤمنا بالحوار، عاشقا للسلام حتى الثمالة.. فترى المغاربة عبر كتاباتهم وحواراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي يعرفون كيف يفرقون بين الشعب الجزائري العظيم وبين الطغمة العسكرية التي سرقت ثورته المجيدة، و وصل الأمر بالرئيس ‘بو تفليقة’، رجل الانقلابات والمؤامرات والاغتيالات والاختلاسات، حد القول في تصريح شهير له من “تيارت” التي انتفضت ضد فساده واستبداده: “ليس الشعب من جاء بالثورة، بل جيش التحرير”، وهو ما اعتبر إهانة لأرواح مليون ونصف مليون من الشهداء الأبرار، ونسي في أوج العزة بالإثم، أن العسكر الذين يحكمون اليوم الجزائر ليسوا من جيش التحرير بل من جيش الحدود الذي سرق الثورة من جيش التحرير والشعب معا.

وحيث أن الرئيس ‘بو تفليقة’ الذي ولد في المغرب (مدينة وجدة) وأكل من خبز وملح المغاربة وشرب من مائهم وتعلم في مدارسهم وتداوى في مستشفياتهم حتى بلغ أشده فهاجر إلى الجزائر في سن 19، ثم تنكر لكل ذلك بعد ذلك، وأصبح يروج لأطروحة الاستعمار، ويقارن المغاربة بالصهاينة الذين يحتلون أرض فلسطين، وكان عليه أقلّه أن يشرح لشعبه: لماذا انسحبت إسبانيا من الصحراء الغربية وسلمت إدارتها رسميا إلى المغرب وليس لـ”البوليزاريو” أو للأمم اللمتحدة مثلا؟.. وهي الخبيرة بخبايا الملف والعارفة بتاريخ الصحراء منذ أن كانت الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي الذي دام 132 سنة (5 يوليو 1830 – 5 يوليو 1962) ؟.. وقبله الاحتلال التركي الذي دام 321 سنة (من 1509م إلى 1830م).. وهل يعقل، من الناحية القانونية والأخلاقية، أن يسلم الاستعمار منطقة مستعمرة إلى قوة استعمارية أخرى إذا لم يكن لأصحاب الحق الطبيعيين؟.. وهل يعقل كذلك، أن تكون في الصحراء الغربية دولة في غياب الدولة في الجزائر وفي موريطانيا التي كانت جزء لا يتجزأ من المغرب عبر التاريخ؟..

وهل يستطيع حكام الجزائر، أن يتبثوا بشواهد التاريخ والجغرافيا، أن الصحراء الغربية كانت قبل الاحتلال الإسباني دولة ذات سيادة مستقلة عن المغرب، ضدا في فتوى محكمة العدل الدولية التي أكدت أن الصحراء الغربية لم تكن أبدا أرضا “خلاء”، بل كانت قبائلها عبر التاريخ مرتبطة بروابط البيعة مع ملوك المغرب؟.. لأنه إذا سلمنا فرضا بالطرح الجزائري، فأين تصل حدود الصحراء الشرقية يا ترى؟.. لأن ما تقوله معطيات الجغرافيا هو أن صحراء إفريقيا الكبرى تمتد من المغرب إلى مصر مرورا بالجزائر وتونس وليبيا.. وبالتالي، فمن المشروع التساؤل أين اختفت شعوب منطقة الصحراء الإفريقية الكبرى لنمنحها دويلات على شاكلة “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” وعلى مقاس أوهام حكام الجزائر؟.

نبذة عن تاريخ المنطقة..

قبل الإسلام، لم تعرف منطقة شمال إفريقيا شيئا اسمه الدولة، بل كانت الساكنة عبارة عن قبائل بربرية متشردمة ومتصارعة فيما بينها على الغنائم، تعيش منغلقة في جو من الطقوس الوثنية البدائية، عانت الاحتلال خلال ما عرف بالعصر الكلاسيكي في الفترة الفينيقية والبونيقية، والموريطنية، والرومانية، واعتنقت العديد من القبائل الديانة اليهودية والمسيحية فيما ظلت الغالبية على العقيدة الوثنية.

ويذكر المؤرخ الفرنسي “ج. دارك” في مجمل التاريخ الديني لمنطقة المغرب العربي، أن انتشار الإسلام لم يكن سريعا وحاسما في شمال إفريقيا، بل كانت هناك بعض القبائل التي تسكن المراكز الكبرى في الشمال هي من اعتنقت الإسلام في البداية بسبب احتكاكها مع الديانة اليهودية والمسيحية من قبل، فيما ظلت بقية المناطق وخصوصا في الوسط والصحراء متمسكة بالمعتقدات الوثنية.

ويذكر ‘ابن زيد القيرواني’، أن حتى من اعتنقوا الإسلام من البرابرة ارتدّوا عنه أكثر من إثني عشر مرة، وكانو يرفعون السلاح في وجه المسلمين الفاتحين القادمين من المشرق. ومن جراء هذه الحروب الارتدادية التي لم تكن تنقطع، كانت هذه المنطقة الإفريقية في نظر المشارقة ذات سمعة جد سيئة.

وقد نقل ‘ابن الحكم’ عن ‘عمر بن الخطاب’ (ر) أنه عندما طُلب منه مزيدا من الرجال والسلاح لفتح ‘إفريقيا’ كما كانت تسمى آنذاك، بسبب فشل الحملات الأولى، قال لقائد جيشه: “إن هذا البلد لا يجب أن يسمى ‘إفريقيا’، بل يجب أن يسمى ‘المفرقة الغادرة’، فأنا أمنع بعث أية سرية إلى هناك ما دام الدمع يجري في عيني”. وذلك بسبب المذابح التي ارتكبوها في حق الفاتحين المسلمين الأوائل.

بعد هذه الواقعة، يذكر المؤرخ ‘المكي الناصري’ في كتابه ‘الإستقصا’، واقعة تاريخية مفادها، أنه في أواخر عهد الخليفة عمر بن الخطاب (ر)، دخل ستة نفر محلقي الرؤوس واللحى على قائد جيشه ‘عمر بن العاص’، فقال لهم: “من أنتم؟”. فقالو: “نحن بربر رغبنا في الإسلام فجئنا، لأن آبائنا أوصونا بذلك”. فأرسلهم إلى الخليفة ‘عمر بن الخطاب’. وعدما وصلوا بين يديه قالوا له: “نحن أما زيغ”. فسأل مستشاره عنهم فقال له: “هؤلاء بربر من ذرية ‘بر بن قيس بن عيلان’ من مغرب الشمس، فقال لهم: “لقد قال لي رسول الله (ص)، لا تحزن فإن الله سيعز هذا الدين بقوم من المغرب، فالحمد لله الذي منّ عليّ برؤيتكم”.

وقد صدقت نبوئة رسول الله محمد بن عبد الله (ص)، حيث يذكر التاريخ، أن ‘عمر بن الخطاب’ (ر) أمر بمواصلة الفتوحات، فاستتب الأمر للإسلام بعد ذلك، ووصلت الفتوحات إلى الأندلس بعد شمال إفريقيا في عهد عمر بن العاص، وعقبة بن نافع، وطارق بن زياد وغيرهم من القادة (العرب والبربر). فتأسست أول دولة إسلامية في عهد الأمويين. حينها، لم يكن في العالم العربي إلا أربع دول كبرى، دولة العراق، ودولة الشام التي كانت تضم سورية اليوم ولبنان وفلسطين والأردن، ودولة مصر، ودولة المغرب التي تأسست منذ 1200 سنة في عهد العباسيين، عندما اضطهد العلويين “الشيعة” زمن هارون الرشيد فهربوا من المشرق، واستقرّ بعضهم في المغرب، فأسسوا أول دولة إسلامية جامعة، ووحّدوا كل القبائل الأمازيغية تحت لوائها.

تعاقبت على المنطقة بعد ذلك مجموعة من الأسر حيث أسست: دولة نكور والدولة البورغواطية، والدولة الإدريسية، والدولة المغراوية، ودولة المرابطين، والدولة الموحدية، والدولة المرينية، والدولة الوطاسية، والدولة السعدية، وأخيرا الدولة العلوية التي تأسست في القرن السابع عشر ميلادي (1664م) على يد المولى الرشيد الذي ظهر بتافيلالت جنوب المغرب.

كل الشواهد التاريخية تؤكد، أن الإمبراطورية المغربية كانت تمتد من الأندلس شمالا إلى نهر السينغال جنوبا، وكانت كل القبائل الموريتانية والصحراوية وقبائل شمال إفريقيا عموما تدين بالبيعة للأسر الحاكمة في المغرب منذ عصر الموحدين. ففي بداية القرن 12 م تعاظم بالمغرب شأن المصلح الديني والثائر السياسي ‘المهدي بن تومرت’. حيث استقر بقرية ‘تنمل’ بجبال الأطلس الكبير جنوب شرق مراكش. ونظم قبائل مصمودة من حوله بغرض الإطاحة بدولة المرابطين التي اعتبرها زائغة عن العقيدة الصحيحة للإسلام، كما سمى أتباعه بالموحّدين. واستطاع الموحدون بقيادة ‘عبد المومن بن عليّ’ من السيطرة على المغرب الأقصى كله بحلول سنة 1147 م. كما تمكن من بسط نفوذه على شمال أفريقيا كلها والأندلس، مؤسسا بذلك أكبر إمبراطورية بغرب المتوسط منذ الإمبراطورية الرومانية، وصلت حدودها زمن أحمد المنصور الذهبي إلى حدود نهر السينغال جنوبا.

وإلى اليوم لا زالت الزوايا وعشرات الآلاف من المؤمنين السينغاليين يدينون بالبيعة لملك المغرب باعتباره أميرا للمؤمنين. وكان للمغاربة الفضل في إيصال الإسلام إلى القبائل الأفريقية جنوب الصحراء وصولا إلى السودان شرقا، عبر الطرق والزوايا الصوفية باستعمال الممرات الصحراوية تحديدا، ما مكنهم من نشر الإسلام بين قبائل الصحراء كلها.. كما عرف المغاربة بعشقهم للجهاد في سبيل الله، فشاركوا في صد الحملات الصليبية القادمة من الشمال (أوروبا) نحو بلاد المسلمين، واستعان بهم القائد صلاح الدين الأيوبي لتحرير فلسطين، وها هي “باب المغاربة” في القدس الشريف شاهدة اليوم على هذا التاريخ العظيم. كم لم تستطع الإمبراطورية العثمانية في أوج عظمتها وقوتها العسكرية احتلال المغرب لبسط استبدادها تحت شعار ما كانت تسميه بالخلافة، ووقف لها المغاربة بالمرصاد على الحدود الشرقية.

وفي العصر الحديث، شارك المغاربة في الحرب العالمية الأولى والثانية فساهموا في تحرير فرنسا من النازية، وشاركوا في الحرب الهند الصينية، وبفضل المقاتلين المغاربة من منطقة الريف بالشمال، نجح الجنرال فرانكوا في إخماد الحرب الأهلية الإسبانية وتولي الحكم في مدريد، وظل طوال حياته مدينا للمغاربة بالفضل في إنهاء الحرب الأهلية الإسبانية ومساعدته على تأسيس الدولة في شبه الجزيرة الإيبيرية، كما شارك المغاربة في حرب التحرير بفلسطين وكانت آخر محطة بجانب الجيش العربي السوري في الجولان سنة 1973.

وخلال كل مراحل التاريخ، منذ الفتوحات الإسلامية، لم تعرف منطقة ما يسمى بـ “الصحراء الغربية” اليوم، شيئا اسمه شعبا صحراويا أو دولة. وكيف لها أن تكون في غياب الدولة في الجزائر وموريطانيا وغيرها من مناطق شمال إفريقيا.. وكانت قبائل الجنوب البربرية والحسانية تدين بالبيعة لسلاطين المغرب، وإلى اليوم هناك شواهد من التاريخ وأخرى عبارة عن حفريات إنتربولوجية معروضة في متاحف المغرب، تروي حكاية انتماء وارتباط وتلاحم وتجانس بين قبائل الصحراء والدولة المركزية في المغرب.

الحدود بين الجزائر والمغرب بعد الإستقلال.

بعد خضوع المغرب للحماية سنة 1912، قررت الإدارة الفرنسية تثبيت الحدود بين البلدين، لكنها اتّبعت تحديدا سيئا (خط فارنييه 1912 وخط ترنكي 1938) يختلف من خارطة لأخرى. وبما أنه من وجهة نظر الإدارة الفرنسية لم تكن تلك الخرائط تمثل حدودا رسمية، باعتبار أن المنطقة غير مأهولة ولا تمثل أية أهمية. لكن مع اكتشاف حقول معتبرة من البترول ومناجم الحديد والمنغنيز في المنطقة، جعل فرنسا تقرر تدقيق رسم الحدود في 1952 وإدخال كل من ‘تندوف’ و ‘كولومب بشار’ المغربية في الجهة الشرقية ضمن المقاطعات الفرنسية للجزائر.

باستقلال المغرب في 1956 بدأت مطالبات استرجاع السيادة على هذه المناطق، بالإضافة للأراضي التي كانت تابعة للمغرب التاريخي، وكي تضع فرنسا حدا لدعم المغرب للمقاومة الجزائرية ‘جبهة التحرير الوطني الجزائرية’، حيث كان المغاربة يزودون إخوانهم الجزائريين بالمال والمؤونة والسلاح والمجاهدين لدعم ثورتهم، لدرجة أن النساء في المغرب كانت تبيع أساورها من ذهب وفضة وتبعث بالمال للثورة الجزائرية، وبمناسبة عيد الأضحى كان الشعب الفقير يبيع جلود الأضاحي ويحولها إلى أموال لدعم ثورة الشعب الجزائري الشقيق… أقول، ولتضع فرنسا حدا لهذا الدعم، عرضت على المغرب بسط سيطرته على المناطق التي يطالب بها بالجهة الشرقية والجنوبية، شريطة أن تأسس (المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية) المكلفة باستغلال الموارد المنجمية المكتشفة حديثا في الصحراء، بالإضافة لمنع الثوار الجزائريين من استعمال الأراضي المغربية كقاعدة خلفية للمقاومة.

اعتبر السلطان محمد الخامس هذه الاقتراحات بمثابة طعنة خنجر في ظهر الإخوة الجزائريين، فرفض العرض الفرنسي القاضي بإرجاع تلك المناطق إلى المغرب. وتوصل بصفة منفصلة في 6 يوليوز 1961 لاتفاق مع رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة فرحات عباس، بالتفاوض أخويا حول ‘كولومب بشار’ و ‘تندوف’ بعد استقلال الجزائر.

لكن بعد استقلال الجزائر وعزل فرحات عباس وتولي أحمد بن بلة المدعوم من طرف جيش التحرير الوطني الحكم، كان من بين أهداف حزب التحرير منع فرنسا من تقسيم الجزائر والحفاظ على الوحدة الوطنية وخصوصا منعها من فصل مناطق الصحراء الجنوبية عن باقي الجزائر.

رفض بن بلة وجيش التحرير الوطني الجزائري فكرة كل تفاوض حول التنازل عن أي أرض “حررت بدماء الشهداء” للمغرب، وفق زعمهم. وبعد الاستقلال رفضوا الاعتراف بأي مطالب للمغرب حول حقوقه التاريخية والسياسية في المنطقة الشرقية من الحدود مع الجزائر، حيث لا تزال الحدود لم ترسم إلى اليوم، وهذا موضوع أدى إلى ما عرف بحرب “الرمال المتحركة” سنة 1963، وهي التي ركّبت عقدة الحقد في حكام الجزائر ومنهم ‘عبد العزيز بوتفليقة’. توقفت الحرب بسبب تدخل المنتظم الدولي ومنظمة الوحدة الإفريقية آنذاك بعد قبول الجانبين بالتفاوض لحل الخلافات الثنائية. لكن عسكر الجزائر الذين اعتبروا أنهم تلقوا “طريحة” من المغرب رفضوا التفاوض، وراحوا يبحثون للمغرب عن مقالب يغرقونه في وحلها ويعطلون كل جهود التنمية. فكانت قضية “الصحراء الغربية” بمثابة حصان طروادة الذي استعملوه سنينا للتدخل في شؤونه الداخلية، ونسوا أن قضية الصحراء هي قضية شعب قبل أن تكون قضية نظام.

كيف نشأت مشكلة ‘الصحراء الغربية

في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وهو الزمن الذي عرف بـ’زمن الرصاص’ في المغرب، أعلنت مجموعة من الطلبة الجامعيين، والذين ينحدرون من جنوب البلاد، عزمهم على تأسيس جبهة لمقاومة الاستعمار الإسباني في منطقة ‘الساقية الحمراء و وادي الذهب’. وجبهة ‘البوليزاريو’ تعني تحديدا (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و واد الذهب) المعروفة باسم “البوليساريو” أو (Polisario) بالإسبانية.

حينها، تم اعتقالهم من قبل الجنرال الدموي ‘أوفقير’ الذي كان وزيرا للداخلية، فعذبوا وسجنوا، بدعوى أن قضية مقاومة الاستعمار لا يمكن أن تتولاها فصائل شعبية في وجود الدولة المسئولة الأولى والأخيرة عن تحرير التراب الوطني من جهة، كما أن ‘الساقية الحمراء و واد الذهب’ لم تكن تحتاج لجبهة تحرير حينها، لأن المغرب كانت له خطته المدروسة لاسترجاعها بطريقة سلمية، ولم يكن بحاجة لمزايدة من شباب متحمس.

بعد فترة أطلق سراح المعتقلين، ففروا إلى الجزائر التي كانت تنتمي إلى المعسكر الشرقي الذي كان يتزعمه الإتحاد السوفياتي آنذاك، وأعلنوا في العاشر من ماي 1973 عن تأسيس جبهتهم رسميا برعاية ليبية – جزائرية ودعم من دول المعسكر الشرقي في عهد الإتحاد السوفياتي. في البداية رفعوا شرط سقوط النظام المغربي الحليف للمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة، للالتحاق بالمغرب، وبعد ذلك أصبحوا يطالبون بالانفصال، لكن ليس انفصال المنطقة الوسيطة بين المغرب والصحراء فقط، والتي كانت الجزائر تسعى لاستغلالها كممر للمحيط الأطلسي لتمكن الإتحاد السوفياتي من إقامة قاعدة عسكرية متقدمة بها، بل أصبحوا يدّعون أنهم يمثلون الشعب الصحراوي حتى الحدود مع موروتانيا. فدخلت القضية بفضل دعم الطغمة العسكرية الجزائرية دهاليز التعقيدات السياسية.

المقاومة في الصحراء

أول ما قام به المغرب بعد استقلاله سنة 1956، هو الدخول في حرب ايفني ضد كل من اسبانيا و فرنسا حيث أسّس المغرب ما يسمى بـ”جيش تحرير الجنوب” انطلاقا من مقاومين صحراويين قبل أن يكون لجبهة البوليزارية وجود. فاستطاع تحرير طرفاية و الزحف نحو السمارة و بئر أنزران في الجنوب، كما قاد المقاومة في قلب الصحراء. وفي عام 1958، أي سنتان بعد الاستقلال، زار السلطان محمد الخامس مدينة العيون، عاصمة الصحراء الغربية، فجدّدت له القبائل الصحراوية طقوس البيعة والولاء، وكان كل عام يستقبل وفدا من قبائل الرقيبات لتجديد البيعة.

ومن 1958 الى 1969 بدأت جولة من المفاوضات بين اسبانيا و المغرب انتهت بإعادة سيدي ايفني، لكنها رفضت الانسحاب من الصحراء، حينها شنّ الجيش المغربي “عملية أُحد” للسيطرة على 3 مدن صحراوية قصد الضغط على اسبانيا، فانعقد إثر ذلك مؤتمر “نواديبو” الذي نص على تصفية الاستعمار في الصحراء، والحديث هنا عن الاستعمار الإسباني.

وبماسبة هذا المؤتمر، أظهرت الجزائر نوايها الخبيثة عندما حاولت توقيع اتفاق على انفراد مع اسبانيا لاستغلال موارد الصحراء، وكي لا تنضم موريتانيا للحلف الجزائر الاسباني حيث طالبت بجزء من الصحراء نظرا لأنه جزء من تاريخها، ومعلوم أن المغرب وموريتانيا كانا يشكلان دولة واحدة قبل الاستعمار، وما يؤكد ذلك هو الاجتماع سنة 1959 بين الملك محمد الخامس و قادة القبائل الموريتانية حيث بدأت الضغوط تتزايد على اسبانيا التي عرضت سنة 1972 على المغرب تسليمه الصحراء مقابل التخلي عن سبتة و مليلية و ‘الجزر الجعرفية’ بالبحر المتوسط، لكنه رفض ذلك، وتصاعدت الضربات الموجعة التي وجهتها المقاومة الصحراوية إلى الاحتلال الإسباني، إلى أن نظم المغرب مسيرته الخضراء السلمية فاسترجع صحرائه، وعقد مؤتمر مدريد في نفس السنة (1975) بعد إقرار محكمة العدل الدولية بولاء القبائل الصحراوية لملوك المغرب من خلال عقد “البيعة” الإسلامية.

من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر

وبمجرد انتهاء الجهاد الأصغر باسترجاع المغرب لصحرائه، بدأ الجهاد الأكبر والتحدي الحقيقي الذي فُرض على المغاربة كافة.. لم يترك الاستعمار الإسباني في الصحراء لا بنية تحتية ولا تنمية ولا من يحزنون.. فقرر المغاربة إعادة بناء الصحراء من جديد، مطارات، موانئ، طرقات، مصانع لمعالجة السمك، ورشات لبناء المراكب، ضيعات فلاحية لتربية الحيوانات وخاصة الجمال، مساكن مجانية لسكان المدن، مرافق عمومية من مدارس ومستوصفات ومستشفيات وإدارات لتقريب الخدمات من المواطنين، شبكات الماء والكهرباء والتطهير الصحي وإنشاء محطات لإنتاج الطاقة الشمسية النظيفة، أولوية توظيف الشباب الصحراوي العاطل في السلك العمومي في الصحراء وشمال المغرب، منح دراسية للجميع، زيت وسكر وشاي ودقيق ومواد غدائية بأسعار رمزية تقل عن تلك التي يدفعها المغاربة في الشمال، وإعفاءات ضريبية في كل القطاعات… ما كلف المغاربة مليارات الدولارات وتضحيات جسام من أجل الرفع من مستوى عيش إخوانهم في الصحراء.

في هذا الوقت، كان النظام في الجزائر ينفق مليارات الدولارات على تسليح البوليزاريو وشراء مواقف الدول والمؤسسات لمعاكسة المغرب من منطلق حقد تاريخي يكنه نظام العسكر في الجزائر للمغرب دون سبب وجيه، اللهم إلا إضعاف الدولة في المغرب سعيا وراء وهم زعامة منطقة شمال إفريقيا لتغذية الإحساس بجنون العظمة لدى حكام الجزائر.

ومع انقلاب العسكر على جبهة الإنقاذ التي أوصلتهم الانتخابات الديمقراطية إلى سدة الحكم، اندلعت أحداث العنف السياسي بين الإسلاميين والطغمة الحاكمة، والتي دامت زهاء عشر سنوات من الدم والحزن والخراب.. وفي هذه المرحلة الحزينة من تاريخ الجزائر، قدم المغرب للشعب الجزائري الشقيق الكثير من المساعدات لتمكنه من الصمود حتى تجاوز محنته.. ولم يفكر المغرب يوما في استغلال الظرفية لإضعاف الجزائر التي كان يعتبرها مكونا أساسيا من المغرب العربي وامتدادا طبيعيا لشعوب المنطقة بحكم قواسم التاريخ والجغرافيا والدين واللغة.

بل وبلغ الأمر بالمغرب في أكثر من محطة ومناسبة أن طالب الجزائر التي تدّعى رسميا أنها لا تتدخل في شؤونه ولا في قضية الصحراء باعتبارها قضية من اختصاص المنتظم الدولي، أن يترك أمر تسوية النزاع مع ما يسمى بـ”البوليزاريو” لمجلس الأمن، وأن يعمل على تفعيل مؤسسات المغرب العربي للتكامل الاقتصادي والتبادل الثقافي، وحرية تنقل البضائع والأشخاص، والتعاون الأمني في محاربة الإرهاب، وإقامة بنية تحتية مغاربية ضخمة تقرب بين شعوب المنطقة وتوفر لهم الكرامة والحرية والرفاهية.. لكن النظام الجزائري كان دائما يرفض ويربط أي تقارب في هذا الصدد بقضية ما يسميه “تصفية الاستعمار” في الصحراء الغربية.

إذا كان بيتك من زجاج فلا تقدف بيت غيرك بالحجر..

أما حقوق الإنسان، فيشهد العالم أن المغاربة ليسوا شعبا خنوعا مرتجفا أو عاجزا عن مواجهة النظام في كل محطة يتغول فيها على الشعب كما هو الحال في دول يحكمها العسكر كالجزائر، لكنهم في نفس الوقت ليسوا أغبياء للمغامرة بنظامهم الديمقراطي البرلماني وأمنهم وسلمهم الاجتماعي وأنموذجهم التنموي القائم على معادلة “الشعب يأكل مما ينتج”، خدمة لأجندات خارجية إسلاموية كانت أم علمانية.

لقد نجح المغاربة اليوم بفضل نضالات الشعب وقواه الحية في تحقيق العديد من المكاسب على مستوى الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان لا يوجد نظير لها في العالم العربي، وخصوصا بعد نضالات حركة 20 فبراير المجيدة.. لكنهم لم يصلوا بعد إلى مستوى الكمال، لذلك، فالنضال مستمر بين الشعب ضد الحكومة، لكن بأسلوب حضاري سلمي، لا بالفوضى والتخريب، حتى تحقيق كافة مطالبهم العادلة والمشروعة، وخصوصا “الكرامة” التي تعني التنمية والعيش برفاهية، وأن يتحول المغرب إلى وطن “غفور رحيم’ بكل أبنائه أينما كانوا ومهما ارتكبوا ضد وطنهم في الماضي، وإلى دولة القانون والمؤسسات التي يتناوب على إدارة شؤونها الشعب لا جنرالات العسكر كما هو الحال في الجزائر.

وفي هذا المجال، لا يحتاج المغرب لدروس في الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان من جثة محنطة على شكل “مومياء”، تعاني الخرف والسرطان والجلطة الدماغية والفشل الكلوي، وتدعي أنها تدير شؤون البلاد والعباد من فوق كرسي متحرك، وتقول أنها هي من يتحكم في دكان السياسة بالجزائر الشقيقة.

وبدل الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في المغرب، كان الأجدر بالسيد ‘عبد المالك سلال’ رئيس الوزراء الجزائري، أن لا يخرج للإعلام، ليؤكد للشعب الجزائري أن “الرئيس عبد العزيز بوتفليقة باق في منصبه وهناك إجماع على ترشيحه لولاية رابعة رغم عدم شفائه التام من الجلطة الدماغية”.. وهو الأمر الذي استنكره شباب جزائري على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، مخاطبين الوزير الأول بالقول: “يا سي سلال، لم نسمع في حياتنا سياسيا محترما خاطب شعبه هكذا. لست أنت من يقرر بقاء أو ذهاب أي حاكم… وكان الأجدر بك أن تترك للشعب القرار الفصل في من يحكمه، لا أن تفرض عليه أنت أو غيرك من يتولى شؤون بلاده ومستقبل أبنائه”.

وبالتالي، فاجترار جثة “بوتيفليقة” الذي مات سريريا  لولاية رابعة على كرسي متحرك، حتى لو اضطر العسكر لتحنيط جثته، الهدف منه مواصلة التصعيد ضد المغرب لإلهاء الشعب الجزائري المقهور عن تطلعاته المشروعة في الحرية والديمقراطية والتنمية، وإشغاله بمعارك عبثية خاسرة من منطلق شرعية ثورية تاريخية تسببت في مجازر ضد أبناء الثورة، وفي فشل ذريع لكل المشاريع الثورية التي روجت لها، من ثورة صناعية، وزراعية وتعليمية وغيرها

لا شيء تحقق حتى اليوم في الجزائر، باستثناء معارك وهمية مع المغرب بالوكالة من خلال عصابة “البوليزاريو”، ومع الإرهاب الذي خلقه العسكر جنوب الصحراء ليكون بمثابة العدو الوهمي الدائم، لبث الرعب في قلوب الشعب وثنيه عن المطالبة بتقرير مصيره وسيادته على بلاده من خلال حكم نفسه بنفسه من نفسه ولنفسه.

لقد أعمى الحقد والبغضاء بصر وبصيرة الطغمة العسكرية الحاكمة في الجزائر، ولم يتعلّموا شيئا من التجارب التي مرّوا بها في حياتهم الفاشلة، ولم ينسوا شيئا من أحقادهم الدفينة ضد المغرب شعبا ومؤسسات، ولم يفكروا يوما أن يستبدلوها بحلم جميل يحققوه للشعب الجزائري الأبي الذي صبر طويلا حتى ملّ من صبره الصبر.

Share

عن Al intifada

تحقق أيضا

ليس كل ما نسميه ذكاءً اصطناعياً هو في الواقع ذكاءٌ اصطناعي. إليك ما يجب معرفته

الانتفاضة في أغسطس من العام 1955، تقدم مجموعة من العلماء بطلب تمويل بمبلغ يقدر ب13,500 …