أكدت مشرفة التدريب والتطوير والأنشطة في الهيئة الملكية بينبع هوازن الزهراني، أن التجارب العملية التي أجريت أخيرا أثبتت أن 80 بالمئة من الأطفال المتعرضين للاعتداء كان بسبب “انشغال الأبوين عن أبنائهم”، مشيرة إلى أنه لوحظ، “أن أغلب المعتدين هم في الأساس قد تعرضوا لحادثة أو أكثر من الاعتداء بمختلف أنواعه، ما دفعهم لممارستها على غيرهم”.
وأشارت إلى أن “هناك العديد من المسببات التي تؤدي إلى حدوث الاعتداء الجنسي أو اللفظي أو الجسدي، ومنها كثرة المشاكل الأسرية والنفسية التي يمر بها الطفل، سواء بانفصال الوالدين وعدم الاهتمام به، أو بوجود مشاكل وخلافات تحدث عادة أمام نظر الأطفال”. وكشفت الزهراني، أن المتعرضين للاعتداء الجنسي ليس لهم عمر محدد، وأن غالبيتهم من الأطفال
ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن هم دون السادسة، وكذلك الأطفال الذين يتم تركهم مع الخادمات دون رقابة ولفترات طويلة، وطالبت بضرورة رفع درجة وعي الأم، وكثافة رقابة الأهل، ودور المعلمة في رياض الأطفال في تنمية الذات والثقة لدى الطفل.
كما انتقدت أيضا ما انتشر بين أوساط المجتمع بلفظ “المتحرش”، التي ترى أنه يجب استبدالها بلفظ “المعتدي”، كونها أشمل وأكثر ملاءمة للوصف الممارس ضد الأطفال أو الأشخاص على حد سواء.
وبيّنت مشرفة التدريب والتطوير أن المجتمع في أمس الحاجة اليوم إلى حملات التوعية بحقوق وواجبات الطفل، لمواجهة حالات الاعتداء بمختلف أنواعه (اللفظي، الجنسي، الجسدي)، مشيرة إلى أنها شرعت منذ العام 2004 في عدة حملات وبرامج لتوعية الأطفال وأمهاتهم بأهمية التنبه لحالات الاعتداء بأنواعه المختلفة، وكيفية مقاومتها، وطرق حماية الطفل لنفسه من الشخص المعتدي، وتنمية تقدير ذات الطفل بأسس علمية محددة.
وأوضحت قائلة، “في البداية كنا نلاقي الكثير من الانتقادات التي كان الأهالي يوجهونها إلينا، بحجة تعليم أبنائهم كلمات وتصرفات يجب ألا يتعرفوا عليها في هذه السن، وأحيانا كنا ننعت بألفاظ خادشة، رغم أهمية ما كنا نقدمه للطفل والأم آنذاك”.
وقالت، “لا أنسى حقيقة الدعم الذي قدمته لي الهيئة الملكية والعاملون في فرع وزارة التربية والتعليم في ينبع، وحقيقة كان مستوى النقد الذي يطالني مع زميلاتي المدربات، اللاتي أشرفت على تدريب أكثر من 50 منهن في الفترة التي سبقت إطلاق الحملة آنذاك بين عامي 2010 و2011، ولكن الآن الأمر تغير كثيرا، وبات الأهالي أكثر حرصا على تعليم أطفالهم أساليب التعامل مع حالات الاعتداء عليهم”.
وأضافت، “خلال عملي كمديرة بإحدى رياض الأطفال بينبع، ساهمت مع عدد من الزميلات في تطبيق وحدة السلامة الشخصية (أحمي نفسي).
وكشفت أن، “مفهوم تعزيز الذات لدى الطفل يمر عبر ثلاث مراحل، أولها غرس الثقة في النفس، لأنه كلما كانت ثقة الطفل بنفسه مرتفعة، حتما لن يستطيع
أحد الاعتداء عليه، وثانيا تأتي أهمية توعية الأمهات بضرورة الاستماع لأطفالهم بشكل يحفزهم لإطلاعهن (الأمهات) على كل ما يدور في حياتهم اليومية بعيدا عن أنظار والديهم، وثالثا التعريف بأنواع اللمسات والنظرات والألفاظ الآمنة وغير الآمنة، وشرح طريقة التفريق بين كل نوع”.
وأظهرت الزهراني أن هناك عددا من القوانين يتضمنها برنامج “أحمي نفسي”، تتمثل في أربعة قوانين لحماية النفس: أولها أن يقول “لا” في حال تعرضه للاعتداء، وألا ينقاد وراء المغريات التي يقدمها المعتدي، وبعد ذلك يجب على الطفل الصراخ للتنبيه بتعرضه لاعتداء، ومن ثم يبدأ بالهرب من المعتدي إلى جهة آمنة أو مكتظة بالحركة، وأخيرا نحرص على تنبيه الطفل بضرورة إبلاغ الأسرة، أو الأشخاص الأكثر اهتماما به من بين أفراد العائلة.