شهدت المحكمة الابتدائية بمدينة سطات مساء يوم الأربعاء 7 ماي الجاري، ندوة حول إشكاليات قواعد الاختصاص القضائي، والتي حضرها نائب الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف بسطات الاستاذ عبد الواحد كريمي، ونائب الوكيل العام لدى نفس المحكمة الاستاذ محمد تاغرة، ووكيل الملك لدى ابتدائية سطات ورئيس المحكمة الابتدائية، ونقيب هيئة المحامين بسطات والقضاة بالمحكمة الابتدائية والمحامون و موظفو المحكمة الابتدائية وفعاليات المجتمع المدني.
الندوة ترأسها رئيس المحكمة الابتدائية بسطات وأطرها الاستاذ سمير أيت أرجدال مستشار بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء ورئيس المركز المغربي للمعالجة التشريعية الحكامة القضائية وخبير متخصص في القوانين المسطرية، والأستاذ عمر ازوكار دكتور في الحقوق محام بهيئة الدار البيضاء ورئيس الغرفة الوطنية للمحكمين المقيدين بالمغرب.
وقد القى الاستاذ سمير أيت أرجدال مداخلته حول الإشكاليات المرتبطة بقواعد الاختصاص القضائي، حيث تطرق في البداية الى مفهوم الاختصاص القضائي مركزا على تعريف الدفع بعدم الاختصاص كدفع إجرائي من نوع خاص وتميزه عن غيره من الدفوع الأخرى كالدفع بالإحالة والأمر برفع اليد عن القضية، وفي السياق بين أوجه التشابه والاختلاف بين الدفع عدم الاختصاص والأمر برفع اليد عن القضية، حيث أوضح المحاضر أن نطاق تطبيق هذا الأخير ينحصر في الحالة التي يكون فيها النزاع مطروح أمام القضاء الفردي مع أنها من صميم اختصاص القضائي الجماعي أو العكس، وعلى ضوئه ابرز مجموعة من المنازعات والدعاوى التي ثارت خلاف فقهي أو تضارب قضائي بشأن الجهة المختصة للبث فيها هل القضاء الفردي أو الجماعي ومن بينها دعاوى الضرر ودعاوى إرجاع الحالة الى ما كان عليه وغيرها من الدعاوى، كما أعلن عن موقف محكمة النقض بشأن دعاوى الضرر بأنها من صميم الاختصاص القضاء الفردي، فحين انه بالنسبة لدعاوى إرجاع الحالة الى ما كانت عليه فمن وجهة نضر المحاضر هي حالتين، الأولى في إطار دعوى المدنية التابعة فان الاختصاص للقضاء الفردي وهو ينظر في جنحة النزاع العقاري من اجل حيازة الغير المنصوص عليها في المادة 570 من القانون الجنائي، والحالة الثانية في إطار الدعوى المدنية الأصلية فالقضاء الجماعي هو المختص، فهي ترمي في جوهرها الى حماية الحيازة كحق من الحقوق العينية، وعرج الاستاذ على إشكالية الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية وما أثاره من ردود فعل فقهية وقضائية، مؤكدا أن مقتضيات الفصل المذكور أصبح غير ذي موضوع فيما يتعلق بالقواعد الاختصاص النوعي التي تعد من النظام العام، وهو ما يجعل المحكمة ملزمة بإثارته تلقائيا دون التقيد بشروط الفصل المذكور، والذي يقضي التمسك بالدفع بعدم الاختصاص قبل كل دفع أو دفاع، وأوضح انه إذا كان المشرع صريح في القانون المحدث للمحاكم الإدارية في جعل قواعد الاختصاص النوعي من النظام العام، فان قانون إحداث المحاكم التجارية لم يتطرق الى طبيعة قواعد الاختصاص النوعي أمام هذه المحاكم، وهو ما اثر اختلافا فقهيا وقضائيا، بين من يعتبره قواعد الاختصاص النوعي أمام المحاكم التجاري من النظام العام وبين من لا يعتبره كذلك، وفي ذات السياق تحدث عن حدود اختصاص كل من غرف الاستئناف لدى المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، معتبرا أن تجربة الغرف الاستئنافية تحمل في تطبيقاتها سلبيات متعددة يتعين معه المناداة بإلغائه، كما بين الضوابط المعتمد لتقدير الدفع بعدم الاختصاص النوعي حيث أوضح أن هناك عدد من المنازعات والمواضيع التي لازالت محل خلاف بين الفقه والقضاء كالحوادث المدرسية والقروض، كما أشار الى إشكالية الحكم في الدفع لعدم الاختصاص بموجب حكم مستقل أو بعد ضمه الى الجوهر، وفي سياق حديثه تطرق الى قرار فريد صادر عن استئنافية الجديدة سنة 2005 والذي يقضي بإلغاء الحكم الابتدائي القاضي بالطلاق، بعلة خرق مقتضيات المادة 79 من مدونة الأسرة، وإحالة الملف الى قسم قضاء الأسرة بمراكش، وهو ما أثار معه المحاضر إمكانية الموازنة والتوفيق بين مبدأ عدم قابلية الأحكام الصادرة بإنهاء العلاقة الزوجية للطعن ومبدأ احترام قواعد الاختصاص المحلي الذي قد يعد استثناءا من النظام العام.
اكد الاستاذ عمر ازوكار خلال مداخلته تحت عنوان الإحالة لعدم الاختصاص أن الاختصاص يجب أن يكون ضمن قواعد مشتركة على غرار باقي التشريعات المقارنة وليس متناثرا كما هو الحال بالنسبة لتشريع المغربي، واعتبر أن هذا التناثر لقواعد الاختصاص هو عيب من عيوب التشريع المغربي، كما اكد أن الإحالة تتم بقوة الفانون هنا ميز بين حالتين الأولى عندما تتم الإحالة بعد تبليغ المعني بالأمر وانقضاء أجال الطعن والثانية التي تتم مباشرة، في هذا السياق أشار الى الإشكال الذي يطرح عندما تتم الإحالة مباشرة وتقضي المحكمة المحال عليه في الموضوع، فحين أن الأطراف قام باستئناف الحكم بعدم الاختصاص وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي، كما تطرق الى إشكالية الإحالة مباشرة على المحكمة الإدارية التي غالبا ما ترفض هذه الإحالة من محكمة من نفس الدرجة، وأشار أن هناك قضايا استغرقت أربع سنوات للبث في الدفع بعدم الاختصاص، واكد أن المواطن لا يهم هذا كله بقدر ما يهم وصوله الى حقه.
وقد تطرق رئيس المحكمة الابتدائية بسطات أن هناك أزمة تشريع وان قواعد الاختصاص متناثرة هنا وهناك، وان مجال الاختصاص في القانون المقارن من اختصاص القواعد الإجرائية ، ليتم فتح باب النقاش حيث تم التطرق الى الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية في مجال الاختصاص وكذا الإحالة الصائر في هذا الباب وكذا القضاء الاستعجالي، والمادة 79 والمادة 212 من مدونة الأسرة المتعلق بالطلاق والتطليق، كل ذلك في إطار الاختصاص.
- بوشعيب نحاس