إلغاء عقوبة الإعدام موضوع حقوقيون و رجال قانون بمراكش

images

 تبادل حقوقيون وباحثون وفاعلون في مجال حقوق الإنسان وقضاة، في نهاية الأسبوع المنصرم بمراكش، وجهات نظرهم المتباينة بخصوص عقوبة الإعدام والاختيار الصعب بين المطالبين بإلغائها والمدافعين عن الإبقاء عليها.

وأثير خلال هذا اللقاء، الذي نظمه مركز عناية للتنمية والأعمال الاجتماعية بالمغرب، بتنسيق مع نقابة المحامين بالمغرب، نقاش كبير بين المطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام والمناوئين لهذا الطرح مع تقديم كل جانب لمبررات تعزز وجهة نظره.

وأظهرت النقاشات، التي لم تفض إلى إجماع بشأن هذه القضية، تعبئة كبيرة في صفوف الفاعلين بالمجتمع المدني من أجل توسيع شبكة وطنية وإقليمية ودولية لفائدة إلغاء عقوبة الإعدام، انطلاقا من التشبث بالمبدأ الكوني المتمثل في الحق في الحياة.

بدورهم، دعا المعارضون لهذا التوجه إلى عدم الخوض في جدال غير ذي جدوى بشأن هذه القضية التي لا تعد من الأولويات ولا تستوجب كل ما أثير حولها من نقاشات.

وتطرق الحسن السويدي، نائب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمراكش، وفريد غنام، وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمراكش، لهذا الموضوع من وجهة نظر قانونية، مبرزين أن القانون الجنائي المغربي نص على هذه العقوبة 22 مرة (9 مرات فيما يخص الجرائم ضد الأشخاص، و11 مرة فيما يخص الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي والنظام العام).

وألح القاضيان على أهمية توجيه النقاش ووضعه في سياقه الشامل والتسلح بالمعارف القانونية الضرورية من أجل الإلمام بهذه القضية من كل جوانبها بعيدا عن اعتبارات ذات طابع إيديولوجي أو سياسي أو ديني، مؤكدين أن المغرب وبالنظر لالتزاماته الدولية، يتجه نحو حل توافقي للحسم في هذه الإشكالية.

وبرز الخلاف القائم بين المؤيدين والمعرضين لعقوبة الإعدام، حينما تناول الكلمة كل من النقيب إبراهيم صادوق، وعمر أبو الزهور نائب رئيس شبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام بالمغرب، حيث دعا الأول إلى استحضار أهمية هذه العقوبة في مكافحة الجرائم الخطيرة وردع المجرمين، وكذا حقوق الضحايا.

وعبر أبو الزهور عن رفضه لهذه العقوبة بالنظر لكونها تتعارض مع مبدأ الحق في الحياة الذي يعد جزءا من القيم الكونية لحقوق الإنسان، وكذا الانتظارات التي أفرزها تطور حقوق الإنسان بالمملكة والمخاطر المرتبطة بالخطأ القضائي.

واعتبر أن عقوبة الإعدام معاملة سيئة وغير إنسانية، وأن الزعم بأن الإعدام له أثر وقائي لا يقوم على أي دليل، مذكرا أن ما يدعم وجهة نظره هو قرار الأمم المتحدة القاضي بإلغاء عقوبة الإعدام والذي تبنته 109 بلدا منذ 2010. 

من جانبه، أبرز المدير التنفيذي لمؤسسة بن تاشفين للدراسات والأبحاث، حماد القباج، معنى ومدلول القصاص في الشريعة الإسلامية، قائلا إن تطبيقها يتوخى تحقيق هدف سام ويتجلى في صيانة أمن وطمأنينة المجتمع وتجنب “الفتنة”، كما ذكر بالخيار الذي تبنته الديمقراطيات الكبرى للحفاظ على عقوبة الإعدام بالنظر لطابعها الردعي ضد جميع أشكال الجريمة.

من جهته، أبرز ياسين دريان، المدير التنفيذي للجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة مراكش-آسفي، التزامات المملكة للالتحاق بركب الأمم التي انخرطت في إلغاء عقوبة الإعدام (ثلث دول العالم)، معتبرا أن هذه العقوبة تتعارض مع مقتضيات الدستور المغربي التي تكرس الحق في الحياة.

بدوره، أبرز عبد الحق عندليب، عضو المكتب التنفيذي لمنتدى الحقيقة والإنصاف بالمغرب، الطابع الرجعي والقاسي لعقوبة الإعدام والتي أضحت من بقايا الماضي ولا تتماشى مع مجتمع حداثي يحترم حقوق الإنسان وخاصة الحق في الحياة.

واعتبر أن النقاش الدائر حول هذا الموضوع أصبح متجاوزا بالنظر للقيم الكونية السائدة، داعيا إلى انخراط سريع في إلغاء عقوبة الإعدام.

من جهتها، تناولت لطيفة خوباشي، أستاذة القانون الخاص بكلية الحقوق بمراكش، هذه المسألة انطلاقا من مقاربة علمية حيث سلطت الضوء على مختلف المبررات التي يقدمها المدافعون والمعارضون لعقوبة الإعدام.

وأكدت بالاستناد إلى نتائج دراسات ميدانية، أن هذه العقوبة لا تشكل حلا مطلقا لمواجهة تنامي الجريمة طالما لم يكن هناك وعي علمي دقيق بأسبابها الحقيقية، مبرزة أنه على الرغم من الاحتفاظ بهذه العقوبة فإن الجريمة سائرة في الانتشار الجريمة.

وقد أتيح للعديد من الحاضرين، في جو يتسم بالروح الديمقراطية، وعلى مدى خمس ساعات، فرصة التعبير عن رأيهم الرافض أو المساند لعقوبة الإعدام.

وإذا كان التوافق لم يتحقق خلال هذا اللقاء، فإنه شكل على الأقل مناسبة ملائمة لحلحة الأفكار وتبادل وجهات النظر ووضع هذه القضية في إطار نقاش ديمقراطي يتيح لكل واحد الحق في التعبير والدفاع عن آرائه وقناعاته.

Share

عن Al intifada

تحقق أيضا

إقليم القنيطرة.. حريق بمستودع لشركة متخصصة في تصنيع السيارات

الانتفاضة أفادت السلطات المحلية بإقليم القنيطرة بأن حريقا اندلع، مساء امس الاثنين حوالي الساعة العاشرة …