الانتفاضة
محمد السعيد مازغ
هذا المكان المهمش، الغارق في الأزبال،هو جرح غائر في ذاكرة مدينة مراكش، ومعلمة تاريخية قال عنها المؤرخ المغربي عبد الواحد المراكشي، في كتابه “المعجب في تلخيص أخبار المغرب”، إن السلطان الموحدي أبو يوسف يعقوب بن يوسف المنصور بالله قد بنى بمراكش بيمارستانا ما يظن أن في الدنيا مثله”،
ولم يكن يقصد الكاتب ، الأزبال والقاذورات، وما يتعرض له المكان من إهمال، وتسيب وفوضى ناتجة عن سوق الخضر العشوائي المطوق له من كل الجوانب، ولجوء المشردين والمخمورين إلى حديقة من أجل المبيت ومعاقرة الحمور، المستوصف الذي يحتل جانبا من المارستان بناية متواضعة، تآكلت حيطانها، وتغير لونها بفعل قلة الترميمات والعناية،ولم يعد أحد يذكر المعالم القديمة التي كانت عليها البناية ومحيطها،
للمزيد من التفاصيل عن حالة المارستان اليوم اقرأ : توزيع عربات على تجار سيدي اسحاق بمراكش وتوطينها على حساب معلمة تاريخية “المارستان ” : “https://www.maghress.com/almassaia/11370”
يحكي المؤرخ المغربي عبد الواحد المراكشي في نفس الكتاب المذكور: ” مرد ذلك إلى أنه تخير ساحة فسيحة في أعدل مكان بمراكش، ثم أمر البنائين بإتقانه، ففعلوا بنقوش بديعة وزخارفة محكمة حد أنهم زادوا عن اقتراحه، فأمر كذلك بأن تغرس فيه الأشجار، بالأخص تلك المثمرة، ثم أجروا المياه على جميع بناياته، إضافة إلى بناء برك في وسط إحداها بالرخام الأبيض.
ووفق المرجع ذاته:” أمر السلطان أيضا للبيمارستان بالفرش النفيسة من الصوف والكتان والحرير وغيره، ثم أجرى له ثلاثين دينارا يوميا، خاصة بالطعام دون الأدوية.
كان يلجه الأغنياء والفقراء على السواء، وكل من مرض من مراكش ومن غيرها، ويبقى فيها معززا مكرما إلى أن يشفى أو يموت.
يفيد الدكتور محمد ايت العميم :” ان تلك الاوصاف التي وصف بها المؤوخون مارستان ” سيدي اسحاق مراكش ” في ذلك الزمن، لا يمكن ان تصمد الى اليوم بحكم عدد من العوامل التي تؤدي الى تلف المعالم، منها الخراب والزلازل..،
وللأسف، فهاك جانب من التاريخ يحتاج إلى من يسلط عليه الضوء من المؤرخين، ويحتاج إلى من يحفظ ما تبقى من موروث حضاري، إلا أن غياب الوعي بأهمية الثراث ترك الامر تحت يد العبث والاهمال
التعليقات مغلقة.