تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، رهان نساء المغرب لاقتحام مراكز القرار

عند كل احتفال جديد باليوم العالمي للمرأة، يتجدد النقاش في المشهد الوطني حول وضعية المرأة المغربية التي قطعت أشواطا هامة على درب تعزيز حقوقها، دون أن يمنعها ذلك من التطلع الى انتزاع مزيد من المكاسب لاسيما على مستوى الولوج الى مراكز القرار وتدبير الشأن العام بمستوييه المحلي والوطني.

فرغم كل ما تحقق لنساء المغرب من منجزات عززت رصيدهن الحقوقي على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فان النهوض بدور المرأة كقوة فاعلة وحتمية في التنمية، وضمان مشاركة وازنة للنساء في مراكز اتخاذ القرار السياسي والإداري، يتطلبان تحقيق المناصفة وترسيخ المساواة كقاعدة لتسيير الشأن العام وتولي مسؤوليات على مستوى تدبير وتنزيل برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وفي هذا الإطار، تعتبر ليلى ميارا، رئيسة جمعية النساء رئيسات المقاولات بالمغرب، في تصريحات صحافية، أن راهن المرأة المغربية يتراوح اليوم بين دستور جديد ينص على مبدأ المساواة والمناصفة بين الجنسين، وواقع معيشها اليومي المثقل بالإكراهات، مما يقود نحو التساؤل حول قدرة النساء على إيجاد موقع لهن وفرض مشاركتهن كقوة اقتراحية في التدبير وإدارة الشؤون العامة.

وإن كانت هيئة الأمم المتحدة للمرأة قد اختارت الاحتفاء بنساء العالم هذه السنة تحت شعار “المساواة للمرأة تحقق التقدم للجميع”، داعية إلى بذل جهد أكبر لتشجيع المساواة بين الجنسين من طرف كل الجهات المعنية، فإن إسقاط ذلك على الواقع المحلي يصبح مبعث تساؤل عن مدى قدرة الفاعلين العموميين وهيئات المجتمع المدني على التمثل السليم لمقتضيات دستور 2011 المتعلقة بالمساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين، والعمل على تنزيلها وفق رؤية تشاركية وآليات متفق بشأنها.

ومن أبرز المبادرات الحكومية في هذا الاتجاه، اعتماد خطة وطنية للمساواة حملت اسم “إكرام” 2012/2016، تعد حسب الوزارة الوصية، إطارا جامعا لكل المبادرات الحكومية لترسيخ المساواة و ضمان مشاركة متساوية للنساء والرجال في مسار التنمية والاستفادة العادلة من ثمار هذه المشاركة، وتقوم على تقييم الاليات والإجراءات ذات الصلة بالتمثيلية السياسية للنساء، وصياغة مقترحات وآليات قانونية جديدة للرفع من هذه التمثيلية، وتحديد تدابير لتدعيمها على مستوى جميع الهيآت المنتخبة.

غير أن هذه الخطة وغيرها من المبادرات التي همت بالخصوص مشروع قانون محاربة ظاهرة العنف ضد النساء، وزواج القاصرات، وتعديل بعض بنود القانون الجنائي، وتنزيل القوانين التنظيمية الخاصة بأجرأة مبدأ المساواة والمناصفة، وإخراج هيئة المناصفة والمساوة، شكلت مناط خلاف بين الحكومة ممثلة في الوزارة الوصية ووزارة العدل من جهة، ومختلف مكونات النسيج النسائي الوطني، من جهة أخرى.

وقد أكدت الجمعيات النسائية في مناسبات متعددة على ضرورة فتح نقاش أساسي في عدد من الملفات النسائية وإخراجها من دائرة الصمت، معربة عن استعدادها كقوة اقتراحية على الاسهام بفعالية في إرساء دعائم سياسة عمومية تحمي النساء وتمنع كل أشكال التمييز ضدهن.

كما تطالب هذه الجمعيات باستحضار التجربة المغربية، والمكتسبات التي تم تحقيقها في مجال النهوض بوضعية المرأة، وباعتماد مقاربة تشاركية في وضع وتتبع الاستراتيجيات الوطنية، والوفاء بالتزامات المغرب الدولية المتعلقة بالنهوض بأوضاع النساء، وكذا الإسراع بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز.

وكان “الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة”، وهو نسيج جمعوي يضم مجموعة من الجمعيات والهيئات النسائية الوطنية، قد طالب في مارس من السنة الماضية، على هامش عقده ندوة وطنية تحت شعار” الفصل 19 بدون تحفظ، من أجل هيئة مناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز تقريرية ومستقلة”، بالتعجيل بإحداث هذه الهيئة تكون مستقلة عن أية جهة حكومية أو رسمية، ومنحها صلاحيات تشريعية ورقابية وزجرية وشبه قضائية وصلاحيات تربوية وإعلامية وتحسيسية، معتبرا أن أي تأخير في ترجمة مضامين دستور 2011، يعد مؤشرا على أن نساء المغرب لازلن بعيدات عن التمتع بما كفله لهم هذا الدستور من حقوق وما أقره من مبادئ للمساواة وتكافؤ الفرص.

يتبع

التعليقات مغلقة.