يمر يوم 15 نونبر من هذه السنة في صمت يشبه صمت المشيعين للجنائز هذه الأيام حيث لا تكبير، ولا استغفار ولا دعاء للميت، الكل يعجل بالدفن، وكأنهم يخافون أن تعود الحياة للميت، ويقولون في أنفسهم :” إكرام الميت دفنه” . هكذا مر يوم 15 نونبر، وهو يا “حسرة” يمثل اليوم الوطني للإعلام والاتصال لسنة 2021 ، هذه المناسبة التي كنا في زمن مضى نقف فيها على المكتسبات والإنجازات وما يتطلع إليه الصحفيون المهنيون من إصلاحات تروم حرية التعبير وتحصين المهنة من المتطفلين ومنتحلي الصفة، وفتح نقاشات حقيقية حول الحق في المعلومة والطابوهات التي تقيد حرية الإعلام ،وتقود نحو اصطدام الصحفيين برجال الأمن والسلطات المحلية، خلال المسيرات و الوقفات والاعتصامات الاحتجاجية التي يسعى الإعلام لنقل الوقائع بأمانة، وإيصال أصوات الفئات المتضررة الضعيفة إلى الجهات المعنية من أجل إيجاد الصيغ الملائمة لمعالجة القضايا المجتمعية وغيرها. كما يجد الصحفيون في يومهم الوطني فرصة لتقييم مجهوداتهم، ووضع الأصبع على نقط القوة ونقط الضعف، والعمل على تحسين الأداء، وتقديم عمل إعلامي مهني يحترم الأجناس الخبرية ، ويقتدي بأخلاقية المهنة،و يستشرف الآفاق والتحديات التي تواجه مهنة الصحافة والإعلام والنشر.
حين نتحدث عن أخلاق المهنة، وعن دور الإعلام في تنوير الرأي العام، فإننا في هذا اليوم، نعيد التذكير بأن الإعلام الوطني والمحلي واكب الأحداث الباردة و الساخنة أيضاً ، وأصبحت المعلومة في المتناول تصل القارئ و المتتبع بسرعة فائقة، كما حرص على تتبع ما يجري داخل الوطن وخارجه.
ومن النقط التي نسجلها، ان بلادنا والحمد لله استطاعت أن تواجه مجموعة من التحديات بكثير من الحكمة والتعقل والتدبير الجيد للصراع السياسي، وإفشال المخططات التي كانت ومازالت تستهدف استقرار البلاد، وضرب الاقتصاد الوطني وخنقه، وزرع الفتنة والخوف، وبرزت الحكمة الملكية، والتدبير الأمثل للصراع، فلم تجد مجموعة من الدول وضمنها دولة اسبانيا الجارة ، السبيل لتخطي المغرب، وبسط سيطرتها عليه، فامتثلت في الاخير إلى الشرعية الدولية وإلى ان الحل الوحيد هو التعامل الند للند، وأن سياسة الاستقواء لن تخدم المصالح المشتركة.
ورغم الاستفزازات المتكررة للطغمة العسكرية الجزائرية للمغرب، والتي تسعى إلى إشعال الحرب، وخلط الأوراق، بعد فشلها الذريع في التنمية المحلية ، وفي وقف نزيف المداخيل المادية الهامة المهربة إلى الخارج.
الإعلام ظل يتتبع الأحداث ،ويذكر بالعلاقات التي تجمع الشعبين المغربي والجزائري، ويحث على الحوار البناء لإخراج المنطقة المغاربية من الركود الاقتصادي إلى الرخاء والتعاون وبناء المستقبل. كما يذكر أن المغرب بقدر ما يحرص على حسن الجوار ، والسلم المجتمعي، بقدر ما يؤكد انه لا تنازل عن شبر من أرض الصحراء المغربية، وانه مستعد لأي حوار لحل الأزمة المصطنعة.
وإذا كانت بعض وسائل الإعلام تسعى لنقل المعلومة في إطار مهني، فإن مجموعة من وسائل الاعلام في المقابل تقع في الانزلاقات التي تمس شرف المهنة ، وتحط من قيمة المقاولة الإعلامية التي تبث تصريحات المواطنين دون التثبت من مصداقيتها، ودون تنبيه المصرحين بالتتبعات القانونية لما يدلون به، وفي بعض الأحيان نكون أمام شبهة استغلال جهل مواطنين بالقانون من أجل الحصول على تصريحات، الهدف منه خلق الإثارة. او ما يطلق عليه ” البوز “، ورغم البلاغات الصادرة عن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، المنددة بمجموعة من السلوكات التي ترتكب باسم الصحافة، و تكرارها بشكل مستفز ومتعمد، دون خوف من رادع ولا مساءلة ولا ما يترتب عن ذلك من مفاسد.
وقد شكلت سنة 2021 واحدة من أكبر التحديات التي كادت تصيب المقاولات الإعلامية بالسكتة القلبية ،لولا تدخل الحكومة ،وتقديم ” السيرو” أو المشروب السحري الذي حافظ على التوازن، وحال دون عجز هذه المقاولات على الوفاء بالتزاماتها بخصوص أداء العاملين وتأمين استمرارية النشر وتغطية الأحداث، حيث حرصت الحكومة على تخفيف العبء عن الصحفيين ماديا ،وصيانة كرامتهم، مما كان له الوقع الإيجابي على المشهد الإعلامي الوطني ، وضمن مواكبة الأحداث المحلية
فلم تكن أزمة جائحة كورونا ، والحجر الصحي ، و مخلفات الأزمة الاقتصادية التي ضربت مختلف مناحي الحياة ، ومعاناة المدن التي تعتمد على السياحة الخارجية على الخصوص من ركود اقتصادي قاتل، وشلل كلي في التجارة والخدمات ، والتي أوقفت الدينامية المجتمعية بشكل سلبي، ولم يكن الإعلام أحسن حال، ولا خارج دائرة الأزمة. فبقدر ما يؤثر في المجتمع، بقدر ما يتأثر بكل الهزات التي تزلزل المجتمع ، خاصة المقاولات الهشة التي تعاني من العجز المالي، وصعوبة تحمل التكاليف المادية التي تحول دون القدرة على تطوير الخدمات وتحديث بنيتها التحتية
التعليقات مغلقة.