مرت الآن 10 أيام على الحادثة المؤلمة التي وقعت في طريق جماعة الشبيكة المؤدية إلى طانطان، والتي أودت بحياة 35 فردا حتى الآن بين أطفال ورجال وفتيات ، ولم يرشح من التحقيق شئ لحد كتابة هذه السطور . إن الرأي العام الوطني يعيش على أعصابه من جراء هذه الحادثة المفجعة وينتظر بفارغ الصبر نتائج التحقيق ، وما شد ه أكثر إلى هذه الحادثة ،هو كون أغلب الضحايا من الأطفال الرياضيين الذين كانوا بلا شك سيتركون أثرا في تاريخ الرياضة المغربية، ولأنها حادثة مريبة تطرح عدة أسئلة.
صدر بيان لوزارة الداخلية ولكنه بيان جاء فقط لوضع حد لإشاعة تتسع يوما بعد يوم بكون أحد أعضاء حزب في المعارضة مالك للشاحنة التي اصطدمت بحافلة الستيام التي تنقل الركاب ، وقد حاول الحزب الأول في الحكومة أن يوظف الإشاعة، ويبني عليها تحركاته استعدادا للانتخابات ، ولما اعتقد أنه قبض على تلابيب “اللص ” جاء بيان وزارة الداخلية كماء بارد على رأس الحزب القائد للحكومة ، وهذا ما يفسر حنق الفريق البرلماني على الداخلية ولجوئها إلى طرح سؤال شفوي على الداخلية حول تهريب البنزين لإحراجها مع الرأي العام الذي يربط الحادثة بفرضية تهريب البنزين.
الحقيقة أن الفاجعة كانت تتطلب من الحكومة أن تتصرف تصرفا مسؤولا من خلال خطوتين أساسيتين : أولا إعلان الحداد ونكس الأعلام لمدة معينة لا يحضر فيها إلا التعاطف والدعم لعائلات الضحايا . ثانيا وهي متزامنة مع الأولى فتح تحقيق شامل عن الحادثة والأسباب التي أدت إليها ، وعندما نقول تحقيق شامل بمعنى الانطلاق من كل الفرضيات التي تحيط بالفاجعة ، والواقع أن الحكومة لم تكن في مستوى ذلك خلال هذه الأيام المنصرمة .
الصحافة نفسها والتي كان عليها أن تتصرف كسلطة رابعة بقت حبيسة البنزين المهرب، ولم تطرح كافة الأسئلة وكافة الفرضيات . إن البنزين المهرب يمكن أن يكون السبب في رفع عدد الضحايا لكن هناك علامات استفهام من خلال تجميع ما صرح به الناجون من سرعة شب النيران في الحافلة ومن كون النيران لم تبدأ من الأسفل إلى داخل الحافلة لأنه لو كان الأمر كذلك لبقي للركاب متسع من الوقت للنجاة وليس كما قال الناجون أن النيران شبت داخل الحافلة في ظرف 30 ثانية من الاصطدام . كما أن لون هيكل الحافلة المحترق لون يطرح أسئلة حقيقية لا يمكن دحضها إلا بتحقيق علمي دقيق .
من متابعتي لشكل الحماية الطبية ولخطوات الوزارات المعنية في حالة الحوادث الخطرة على صحة الإنسان، لم يظهر لي أن الحكومة استحضرت فرضية أن تكون الشاحنة تنقل النفايات الخطرة ، ويظهر أن رئيس الحكومة ارتاح لفرضية البنزين المهرب وحجب عنه ذلك أن يقوم بخطوات احترازية تساهم في سلامة الصحة والبيئة وفي تقدم التحقيق على أسس سليمة وعلمية . ومعلوم أن النفايات الخطرة منها نفايات قابلة للإشتعال، وهي ليست فقط صلبة وإنما منها كذلك نفايات مشعة ونفايات سائلة وغازية ، ونيران هذه الأخيرة الوحيدة التي يمكنها أن تدخل إلى الحافلة من دون أن تنطلق من الأرض . ومعلوم أيضا أن كثير من هذه النفايات تحتاج لإتلافها أو تدويرها إلى أفران كبيرة بطاقة عالية لا تتوفر للمغرب ولهذا يتم نقلها عبر الحدود بشاحنات وفق شروط سلامة محكمة يحددها القانون ، حتى لا تسبب خطرا على البشر والبيئة في حالة الحوادث المختلفة .
يمكن أن يكون البنزين مشاركا في الفاجعة مع مادة أخرى من النفايات وبمكن أن يكون البنزين المهرب وحده ولا يمكن أن نطمئن إلا إذا أثبت التحقيق ذلك وكان تحقيقا جديا وعلميا . وحسب الأخبار التي انتشرت من أن التحقيق اتسع إلى الشبيبة والرياضة وإلى شركة الستيام يظهر أنه انتهى من القضية الأساس لينتقل إلى ما هو ثانوي وإلى غير المباشر ، لأنه لا يمكن تصور انتقال المحققين إلى تعب سائق الستيام ومسألة حمولة الشاحنة ما تزال مطروحة ، ولهذا كان من الضروري إخبار الرأي العام بما يتوفر عليه التحقيق من حقائق وعدم الانتظار حتى نهايته.
إن الجواب عن الأسئلة المطروحة حول هذه الفاجعة يجب البحث عنه في أربعة أماكن : الأول مكان الاصطدام بكل العينات وعن طريق تصريحات الناجين . ثانيا العيون وتحديد مكان التزود بالبنزين المهرب أو النفايات الخطرة ثالثا الدار البيضاء أي الشركة المالكة للشاحنة . رابعا البلد الذي تقصده الشاحنة ببضاعتها . وبدون البحث في هذه الأماكن بدقة وتحري سيكون التحقيق ضعيفا ولن يؤدي إلى معرفة الحقيقة .
يزيد البركة
البيضاء 20- 4- 2015
التعليقات مغلقة.