الإنــتــفـــاضــة
عدنان ابو حمزة
تميزت فاطمة مزيغ الفنانة التشكيلية بلوحاتها الفنية التي تمتح من الثراث تارة، وتستلهم الرمز والعلامة الثقافية تارة أخرى، وتعمد إلى إغناء لوحاتها بمجموعة من الألوان المتداخلة التي ترى فيها الفنانة نوعا من التعبير عن أفكارها، فهي رمز الفرح والسعادة والغوص في عالم رحب بلا حدود، وأيضا هي رمز تعبيري عن القلق والغضب والاحتجاج على السلوكات والمعاملات والتجاذبات المجتمعية التي تخلت عن القيم والأخلاق النبيلة، واصبحت عبدا للمظاهر الخداعة، وللمال والجشع والطمع وحب الذات…
تملك فاطمة مزيغ آفاقا رحبة من التعبير، حيث تجيد التعامل مع قيم الضوء واللون، وعبرها تجد الفنانة فاطمة نفسها مجبرة على التعبير عن الرفض لما يتعرض له الفن التشكيلي من تهميش ومن تبخيس لقيمته، حيث تمكن الدخلاء من استنساخ بعض اللوحات، وعرضها في الشوارع والأزقة بشكل مستفز، الشيء الذي أثر بشكل سلبي على الفنان التشكيلي الحقيقي بصفة عامة، وجعله ينزوي في مرسمه، يعتمد على العرض داخل القاعات في المغرب او خارجه، بعضهم يفضل رفع الصوت بالاحتجاج والتنديد، أما الفنانة فاطمة فهي تفضل الصمت وتفريغ الشخنات في الريشة والاصباغ وفي تقاسيم الوجوه المتوارية داخل تعاريج اللوحة ومسالكها الفنية.

الفنانة فاطمة مازيغ هي ربة بيت، قادتها ظروف الزواج إلى مغادرة مسقط راسها بمدينة صفرو ، والاستقرار بمدينة الصويرة، المدينة التي كانت تجمع فنانين تشكيليين عالميين، وتستقطب عشاق الموسيقى والنحث والرسم ، قبل أن يُغْتال هذا الأخير على يد المتطفلين، و من يفتقدون الحس الفني و لا تربطهم بالثقافة والفن سوى الوظيفة العمومية، أو المجالس المنتخبة، فساهموا في تمييع الحقل الفني، وتفقير الفنان من خلال التهميش والتجاهل وعدم توفير ظروف العيش الكريم، بل لعبوا دورا كبيرا في شق الصفوف، بتمكين عائلة معينة من معرض ، تحول بقدرة قادر للبيع والشراء وعقد الصفقات باسم الفن والعمل الجمعوي. في حين يظل الفنان التشكيلي يبحث عن معارض خارج حدود مدينة الصويرة، وإبراز مواهبه وقدراته بعيدا عن المتاريس والمحبطات التي تحطم معنوياته وتؤثر على مساره الفني.
ظلت الفنانة فاطمة مزيغ وفية في لوحاتها للتقاليد الحضارية المغربية العثيقة، تستقي خصوبةَ مواضيعها من البيئة وصورِ المعيش اليوميّ
